IMLebanon

إضراب الصيادلة في النبطية: “أجبرتمونا على ما نرفضه”

كتب رمال جوني في صحيفة نداء الوطن:

هي صرخة مدوية اطلقها الصيادلة بوجه السلطة، قرّروا الاقفال العام ولو ليوم واحد علّ صدى صوتهم يصل الى مسامع المسؤولين. وتأتي خطوة الجنود البيض في الصفوف الأمامية، بعدما وصلت معاناتهم الى حدّ خسارتهم رأسمالهم، نتيجة “فرق العملة”. فهم يرفضون أن يكونوا فرق عملة للتجاذبات السياسية التي اوصلت البلد الى الإنهيار التام.

تفاوتت نسبة التزام الصيادلة في منطقة النبطية بالإضراب العام الذي دعت اليه النقابة، فالبعض فضّل العمل لأنّ لديه التزاماً انسانياً تجاه المواطن، والبعض اختار الإقفال كصرخة في وجه السلطة التي تغضّ الطرف عن هذا القطاع الصحي والإنساني، وبينهما إنشغل المواطن في البحث عن صيدلية “تعمل” علّه يجد دواء لوجعه، أو لأمّه وعائلته. غير أن أحداً لا يلوم الصيدلي على خطوته، يرونها محقّة في نقاط عدة، سيمّا وأنّه يبيع باللبناني على سعر الـ 1500 ليرة ويشتري بالدولار ما أوقعه في عجز كبير وأسهم في خسارة رأسماله.

أيقن الصيادلة أنّ الازمة طالتهم وأغرقتهم في لهيبها، منذ فترة يعانون شحّ الأدوية التي إنقطع بعضها وخضع بعضها للتقنين، وفقاً لرغبات الشركات التي تحتكر السوق وتفرض “هيبتها”، بذريعة تأخّر الاعتمادات من الدولة وعدم تسديد المبالغ المستحقة. كل ذلك دفع بالصيادلة ليكونوا كبش المحرقة، فهم في مواجهة المواطن الذي يحملهم المسؤولية، وربّما هذا ما دفع بكثر من الصيادلة في منطقة النبطية للالتزام بالإضراب التحذيري الذي دعت اليه نقابة الصيادلة، ومن فتح صيدليته كان بداعي الالتزام مع المرضى الذين يحتاجون الدواء، وإن كانوا يؤيدون المطالب المرفوعة كافة، فهم جميعاً في مركب واحد في مواجهة الظروف الاقتصادية القاسية ايضاً، فالدولار خنقهم وباتوا بمعظمهم عاجزين عن تأمين القدرة التشغيلية لهم، فكيف يصمدون؟

وفق الصيدلي محمد فإنّ “القطاع يعاني من أزمات شتى ابرزها صعوبة تأمين الدواء للناس، وعجز الشركات عن استيراده من الخارج نتيجة توقف اعتماداتها في مصرف لبنان”، من دون أن يخفي أنّ “البعض منها يقوم بتخزين الدواء تمهيداً لرفع الدعم عنه، وهو ما يحرم المواطن من حقّه في الدواء”. ووفق الصيدلانية منى فإنّ “الصيدلي هو في خطّ المواجهة الاول مع الناس، ويلعب دوراً كبيراً في مواجهة ازمة “كورونا”، مؤكدة أنها أضطرت كما غيرها على مضض لاقفال صيدليتها في ظل المصاريف التشغيلية الكبيرة التي تتكبدّها”. وبغضب يقول أحد المواطنين انه بحث طويلاً عن صيدلية ليشتري الدواء، اكثر من ساعة وهو يبحث قبل ان يجد واحدة، “لوين ماخذينا الزعماء؟ أوليست كافية معاناتنا في البحث عن بنزين ومواد مدعومة حتى وجدنا انفسنا نبحث عن الدواء”؟ برأيه “نستطيع الاستغناء عن السكر والارز وحتى الزيت، لكننا لا نستطيع الاستغناء عن الدواء، فهل المراد قتلنا على البطيء؟ ماذا تريد السلطة ولماذا لا يحركها وجع الناس؟ للاسف هؤلاء ماتت ضمائرهم وقلوبهم، ولن نتفاجأ بالأسوأ”.

معاناة كبيرة يواجهها الصيادلة بحسب الصيدلي فؤاد، تارة عليهم مواجهة شح الدواء، وطوراً فقدانه، والانكى أنهم يقفون على رصيف الأزمة “لا نستطيع الاخلال بميثاق الانسانية، دورنا لا يقلّ اهمية عن دور المستشفيات سيما في مواجهة “كورونا” وعلى الدولة والمعنيين أن يتحركوا قبل ان نضطر مرغمين الى الاقفال”، ويقول “لا تجبرونا على فعل ما نرفضه”.

ككرة الثلج تتدحرج الازمات، لا يكاد يستوعب المواطن الاولى حتى تأتيه الثانية، وحدهم التجار يستغلون الازمات ويجهدون ليل نهار في تغيير الأسعار، اما المواطن فعليه ان يعيش قلقاً يومياً ماذا لو فقد الدواء؟ كيف يواجهه ازمة “كورونا” التي زادت ارقامها بشكل مخيف، وعاد القلق يساوره سيما بعد اقفال الصيدليات، إذ شعر بأن الخطر قد داهمه.