IMLebanon

الى كل أم عزباء في لبنان: هكذا تسجّلين طفلك على خانتك!

كتبت جنى جبّور في “نداء الوطن”:

يصفونها بالعاهرة والفاسدة لحملها خارج مؤسسة الزواج. يتبرأ منها أهلها وينكرون فعلتها وينظرون الى طفلها نظرةً حقيرة فيسمّى “ابن الحرام” أو “ابن الزانية”. إنها الأم العزباء التي يصمها المجتمع بالعار ويحرمها من الأمومة لكونها اختارت أو ربما أرغمت على الإنجاب خارج الأطر الشرعية. وفي حين ينصف القانون المرأة العزباء وطفلها في الغرب والبلدان المتقدمة ماذا نعرف عن القانون اللبناني في هذه الحالة؟

تعتبر المرأة التي تنجب طفلاً خارج مؤسسة الزواج “أماً عازبة” أو “Single Mom” في الدول المتقدمة. ولكن تختلف نظرة مجتمعنا اليها والى طفلها ما يغرقهما في بحر من المشاكل النفسية.

على أي حال، ليس صحيحاً أنّنا نحاول تقليد “انفتاح” الغرب بالمواضيع التي لا تزال من “التابوهات” في لبنان. ولكن هذه المسألة بالذات هي أمر واقع، بحسب ما تؤكده أعداد الحمل والانجاب خارج اطار “الشرعية”، وفق قول مخاتير بلدات عدّة نظموا وثائق ولادة لحالات مماثلة مبعدين “وصمة العار” عن الطفل المولود المتمثلة بعبارة “غير شرعي” على أوراقه الثبوتية. ويكشف أحد مخاتير جبل لبنان أنّ “هذه الحالات كثيرة. ولا يمرّ شهر الّا وننظم وثيقة ولادة لطفل من أم عازبة. وبالفعل يمكن للمختار اصدار وثيقة ولادة لطفل من أم عازبة شرط أن تنجبه في مستشفى البلدة المنتخب فيها فقط. عندها نسجله على خانة الأم فيحصل على اسم عائلتها ورقم سجلها… أمّا بالنسبة لاسم الأب “المجهول” فيمكن اختيار اي اسم مستعار. باختصار إنها فتوى نعتمدها لإبعاد صفة “غير شرعي” عن الولد. مع الاشارة، الى أنّ بعض المخاتير قد يتهرب من هذه الخطوة “ليريّحوا راسون” ولكني شخصياً لا أتردد بإنجاز هذه الوثيقة لأحمي الطفل من مجتمـع لا يرحم!”.

هكذا يسجل الطفل على خانة أمه

بغض النظر عن “سبب” حمل المرأة، اي ان كان بكامل ارادتها أو في حال تعرضت للاغتصاب، أو اذا اختفى “صاحب الحيوانات المنوية” المسؤول عن حملها، يمكن للأم العزباء تسجيل طفلها على خانتها وفق القانون الرقم 541 (الصادر في 24 تموز 1996) الذي يمنع التمييز بين المواطنين أو الكشف عن أوضاعهم أو إفشاء وتظهير ما يتعلّق بحياتهم الخاصة للعلن من دون مبرّر قانوني، وينصّ على أنه “لا يجوز لدوائر النفوس والأحوال الشخصية التي تنظّم تذاكر الهوية وإخراجات قيد النفوس أن تذكر في هذه التذاكر أو الإخراجات أي عبارة تدلّ على أن من تعود له الهوية أو إخراج القيد هو مولود غير شرعي أو أنه غير معروف الأم والأب”.

واستند المدير العام للأحوال الشخصية العميد الياس الخوري لاحقاً الى هذا القانون، مصدراً تعميماً رقمه 38 يتعلق بالملاحظات المدرجة على بيان القيد، جاء فيه: “عطفاً على التعميم رقم 7/2 تاريخ 19/1/2018 المتعلق بعدم إدراج عبارة مولود غير شرعي في كل بيانات الأحوال الشخصية، وحيث تبين أن عدداً كبيراً من مأموري النفوس لا يزال يعمد الى تضمين بيانات القيد عبارات تؤدي الى التمييز بين المواطنين أو الى الكشف عن أوضاعهم أو إفشاء وتظهير ما يتعلق بحياتهم الخاصة للعلن بدون مبرر قانوني، لذلك، يطلب إليكم توخي الدقة عند تنظيم بيانات القيد، والأخذ بالاعتبار كرامة المواطن وخصوصية قيوده وعدم إدراج أي ملاحظة غير مطلوبة إلا إذا تعلق الأمر بإجابة الطلبات الصادرة عن المراجع القضائية والأمنية”.

كيف يطبّق هذا القانون؟

يجيب المحامي جبرايل جعجع قائلاً: إنّ “قانون الأحوال الشخصية واضح في هذا الموضوع. اذ حرر القانون 541 الطفل من صفة “غير شرعي” بإخراج قيد يصدر عن دائرة النفوس. ولكن كل حالة تدرس وتعالج على انفراد. وهنا يهمني أن اوضح 3 حالات مختلفة:

نبدأ بالاحتمال الأول: يمكن للأم العزباء أن تسجل طفلها على اسمها بعد اتخاذ إجراءات للتأكد من عدم وجود “تحايل على القانون”. وعند تقدّمها للحصول على وثيقة الولادة وقبل تسجيلها نهائياً في دوائر النفوس يتم الإيعاز إلى قوى الأمن الداخلي والأمن العام بإجراء التحقيقات اللازمة للتأكد من أنها ليست على علاقة جدية مع أحد وأنها تجهل فعلاً هوية الوالد.

ننتقل الى الاحتمال الثاني: اذا كان الأب من جنسية أجنبية والأم على علم بذلك، تتعهد حينها برفع دعوى اثبات بنوة عند كاتب العدل، ولا يمنح الطفل الجنسية اللبنانية، ولكنه يسجل على خانة أمه.

الاحتمال الثالث: إذا كانت الأم العزباء على علم بهوية الأب اللبناني، يمكنها الحصول على وثيقة ولادة مشروطة برفع دعوى اثبات بنوة ضد الأب بموجب حكم يلزمه الاعتراف بولده حتى لو كان متزوجاً. كذلك، يحق للنيابة العامة تحريك دعوى عامة وإلزامه الاعتراف بطفله”.

اذاً هذه هي الاجراءات القانونية لتسجيل المولود باسم والدته، وبحسب جعجع “كل شيء متعلق بتحقيقات الأمن العام. لذلك، على الأم التي لا تريد تسجيل طفلها باسم والده أن تنكر معرفتها بهويته”.

ومهما كان وضعها الاجتماعي، تبقى الأم “أماً”، تتعب وتسهر لتربي طفلها وتمدّه بالحب والحنان. فلنبتعد عن المفاهيم والمصطلحات المحرّفة التي تفكك المجتمع وبدل رشقها بالحجارة فلنوجّه تحية الى كل أم في عيدها، وتحية خاصة الى الأمهات العازبات!