IMLebanon

لبنان: ترقّب سياسي.. وتحذير من الجوع والعنف

كتبت أنديرا مطر في “جريدة القبس”:

“لبنان نحو المجاعة والعنف” هو ما أشارت إليه منظمة «الفاو» وبرنامج الأغذية العالمية أمس في سياق حديثها عن الدول المهددة بانعدام الأمن الغذائي لجزء من سكانها، محذرة من أن تؤدي الأزمة الاقتصادية في لبنان إلى ارتفاع مستوى الاضطرابات وأعمال العنف.

في المقابل، الاشتباك السياسي بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري تجاوز موضوع تشكيل الحكومة الى أزمة تهدد النظام. وعلى وقع البيانات والبيانات المضادة التي اعقبت اللقاء العاصف وتبادل الاتهامات بالكذب صراحة وعلانية، تحركت الوساطات المحلية والدولية، باتجاه قصر بعبدا وبيت الوسط في محاولة للملمة تداعيات الاشتباك ومنعه من بلوغ مرحلة الانفجار.

وفي سياق المواكبة الخارجية، دعت جامعة الدول العربية جميع الافرقاء السياسيين إلى «إعلاء المصلحة الوطنية والعمل بشكل سريع على انهاء حال الانسداد السياسي». وقال الأمين العام المساعد السفير حسام زكي بأن «الأمين العام أحمد أبو الغيط يستشعر قلقا كبيرا جراء ما تشهده الساحة السياسية من سجالات توحي بانزلاق البلاد نحو وضع شديد التأزم». مؤكدا استعداد الجامعة العربية للقيام بأي شيء يطلب منها لرأب الصدع الحالي وصولا الى معادلة متوافق عليها تمكن الحريري من تشكيل حكومته من دون تعطيل وفق المبادرة الفرنسية.

بدورها، سارعت السفيرة الفرنسية آن غرييو إلى لقاء رئيس الجمهورية. وفي معلومات للقبس حملت غرييو رسالة واضحة بضرورة تسهيل تأليف الحكومة والتوقف عن العرقلة، واضعة عون في صورة التحرك الفرنسي المستجد باتجاه وضع عقوبات على المسؤولين المعطلين.

وفي خطوة لافتة زار سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري رئيس الجمهورية، بناء لدعوة رسمية وجهت اليه واكد اثر اللقاء ان اتفاق الطائف هو المؤتمن على الوحدة الوطنية والسلم الاهلي في لبنان، وفي خطوة تعكس الموقف السعودي الثابت من الازمة اللبنانية جدد البخاري التأكيد على مضامين قرارات مجلس الامن 1701 و1559 والقرارات العربية من اجل الحفاظ على استقرار لبنان.

وفي اطار التحرك العربي على خط الازمة اللبنانية، التقى الحريري سفير الكويت في بيروت عبد العال القناعي، وعرض معه آخر المستجدات السياسية.

وعلى خط مواز، دعت نائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان والقائمة بأعمال مكتب المنسق الخاص نجاة رشدي القادة السياسيين اللبنانيين إلى التركيز بشكل عاجل على تشكيل حكومة تتمتع بالصلاحيات كخطوة أساسية لمعالجة أزمات البلاد المتعددة والخطيرة ولتطبيق الإصلاحات المطلوبة.

بدورهم، تداعى رؤساء الحكومات السابقون من اجل دعم الحريري مؤكدين على تمسكهم باتفاق الطائف والدستور.

تحصين المواقع

بلوغ التأزم السياسي ذروته عزز الهواجس من الإنحدار الى الخيار الأمني، ودفع كل طائفة لتحصين موقعها وضبط شارعها. وعقد لقاء بين حزب الله وحركة أمل بهدف تنسيق المواقف ولجم الإختلاف الذي تصاعد بعد بيان أمل الذي ردّ على مواقف أمين عام الحزب حول تشكيل الحكومة والمبادرة الفرنسية والملف المالي وحاكم مصرف لبنان.

سياسيا، حصن كلا الطرفان موقعيهما بتحشيد على مستوى الشارع انطلاقا من معركة الصلاحيات ليأخذ الصراع منحى طائفيا مسيحيا – اسلاميا ينذر بتعميق الانقسام.

وسط الهواجس الامنية والاجتماعية وبعد سقوط الرهان على تشكيل حكومة تساهم ولو جزئيا بتخفيف الضغوط على اللبنانيين، برزت تساؤلات عن الخطوات المرتقبة لكل من التيار الوطني الحر وتيار المستقبل وما اذا كان التعايش بينهما ممكنا ام اصبح من سابع المستحيلات.

مصادر تيار المستقبل رفضت الافصاح عن خطوات الحريري اللاحقة، وهل قرار الاعتذار واستقالة كتلته من المجلس النيابي من ضمنها، مشددة في المقابل على ان كل الخيارات مفتوحة. واشارت المصادر لـ القبس الى محاولات فريق عون المتكررة لاحراج الحريري ودفعه للخروج بهذا الموقف، بدءا من «استدعائه» الى القصر الجمهوري، وانتهاء بارسال «لائحة لملء الفراغات» ما دفع الحريري لقول الحقائق كما هي. وتلفت الى ان خطاب نصرالله شجع رئيس الجمهورية على سلوكه المستهجن وغير الدستوري.

وعما اذا كان ربط اعتذار الحريري باستقالة عون لا يزال مطروحا، قالت المصادر ان هناك واقعا دستوريا لا يمكن تجييره لمصلحة احد، فالمجلس النيابي الذي انتخب عون هو من كلف الحريري، وعليه المطلوب من الرئيس عون «التوقيع على التشكيلة وارسالها الى مجلس النواب، وهناك اما تفشل او تنجح».

التواصل مع الحلفاء

التلويح بخيار الاستقالة من مجلس النواب يطرح موضوع تنسيق محتمل بين الحلفاء، خصوصا القوات اللبنانية التي تعتبر هذا الخيار سبيلا اوحد الى التغيير السياسي. فهل فتحت خطوط التواصل بين الطرفين؟

مصادر القوات نفت للقبس اي تواصل حاليا في ظل تعارض الاولويات. فتيار المستقبل يرى ان اولويته هي تشكيل الحكومة بينما تعتبر القوات ان اعادة انتاج السلطة هو الاولوية اليوم. تتابع المصادر: لا حاجة لأي تواصل سياسي فالطرفين على دراية بموقف بعضهما البعض. وطالما ان الحريري متمسك بتكليفه ويرى ان ثمة فرصة للانقاذ مع هذا الفريق فلا حاجة للتواصل الذي يصبح ضروريا عندما نتفق على اولوية مشتركة هي الذهاب الى انتخابات مبكرة.

اما الزعيم وليد جنبلاط فهو يرفع شعار التسوية. امين سر كتلة اللقاء الديمقراطي النائب هادي ابو الحسن قال للقبس:»وصلنا الى حائط مسدود وهو ما كنا نحذر منه”. مؤكداً ان خطوط الحزب الاشتراكي مفتوحة مع الجميع وهناك حاجة لاعادة تقييم لما حصل من دون التسرع في القرارات.

اما موقف الاشتراكي من طرفي النزاع فهو تشجيع عل اعادة الحوار والبحث عن مخارج على قاعدة تسوية لا تغلب فريقا على آخر. لكن حتى اللحظة لا معطيات لدى الاشتراكي عن تطور الموقف لدى اي فريق. هي فترة ترقب وانتظار ولا بد أن يكون هناك سعي لاعادة احياء مبادرات سواء خارجية او محلية.

بري وفرص الانقاذ

في المقابل قال النائب غازي زعيتر للقبس ان موقف حركة أمل الأخير ليس انحيازا لفريق ضد آخر، فالرئيس بري ينطلق دائما من سعي لوحدة الصف في مواجهة الازمات المتراكمة، وايجاد صيغة تجمع ولا تفرق مشددا على ان الاولوية يجب ان تكون للخروج من الازمة المعيشية وهذا يتحمل مسوؤليته الجميع وليس طرفا بعينه.

واكد زعيتر ان الرئيس بري لن يوفر اي فرصة للخروج من هذا المأزق لان الامور في البلد اصبحت خطيرة جدا، وما حصل بين عون والحريري يؤذي جميع اللبنانيين ويعيق اي مساعدة اجنبية وعربية للبلد.