IMLebanon

خوف من تفلّت أمني في لبنان

كتبت لينا الحصري زيلع في “اللواء”:

كما كان متوقعا فإن الزيارة الثامنة عشرة للرئيس المكلف سعد الحريري إلى قصر بعبدا لم تحمل اي تشكيلة حكومية ولم يتم تسجيل اي خرق ايجابي خلال لقائه بالرئيس ميشال عون، خصوصا بعد الخطاب الاخير المتشدد للامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي كان بمثابة خارطة طريق للمرحلة المقبلة للبلد في ظل تمسك كل فريق بمطالبه رغم الاستمرار المخيف بانهيار سعر صرف الليرة اللبنانية، وبالتالي ازدياد الازمات المعيشية والاقتصادية والاجتماعية في البلد، بحيث اصبح الهم الاول للمواطن الكفاح في البحث عن فتات يوم عائلته وتأمين ادنى مقومات العيش.

ولقاء الثلث ساعة بين عون والحريري والذي كان من المفترض ان يكون مفصليا قطع شعرة معاوية بين الرجلين وكسر الجرة نهائيا، بعد خروج الحريري من اللقاء و«بقه للبحصة» باعلانه تفاصيل ما جرى بين اجتماع يوم الخميس وموعد الاثنين حيث تم «نشر غسيلهما الوسخ» امام الرأي العام من خلال كشف المستور من الاوراق، مما يعني استحالة الاتفاق بينهما وصعوبة تدخل سعاة الخير بعد فشل كل المبادرات الداخلية والخارجية، وهذا الامر يشير الى اننا بانتظار المزيد من التدهور السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الايام المقبلة التي اصبحت بلا اي افق رغم الاهتمام الدولي ان كان اوروبيا لا سيما فرنسيا او اميركيا من خلال التحذيرات من عدم تشكيل الحكومة وتسمية الامور باسمائها.

جنبلاط طلب من عون اجراء تسوية مع الحريري

ولكن اللافت كان نهاية الاسبوع الماضي هو كسر طريق الجليد بين المختارة وبعبدا من خلال الزيارة التي قام بها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط واجتماعه بالرئيس عون، وحول هذه الزيارة ومجمل التطورات الراهنة قال النائب بلال عبد الله لـ«اللواء»: ما وصلنا اليه من عدم اتفاق بين الرئيسين عون والحريري كان متوقعا، ومع الاسف فان النخب السياسية التي تحترم نفسها مهما تخاصمت وتصارعت تتنازل قليلا في مثل هكذا مفاصل اساسية من حياة الشعوب في ظل فقدان لقمة عيشها وكرامتها، ولكن نحن لا نرى ان هناك اي تنازل من قبل اي طرف، فالشعب يجوع وقياداته لا تزال تبحث عن المصالح والمناصب، ومع هذا وبغض النظر من لديه الحق او ليس لديه الحق، فإن الموضوع الدستوري معروف، كذلك الامر بالنسبة لموضوع الصلاحيات.

وعن التحرك الذي قام به جنبلاط وزيارته الى قصر بعبدا، كشف عبد الله ان ما طلبه جنبلاط من عون هو التنازل والقيام بتسوية مع الرئيس الحريري، ولكن الرئيس عون لم يعلق بشكل مباشر على مطلب جنبلاط ولم يعطه اي وعد بأي شيء، رغم تأكيد الزعيم الدرزي بان ليس لديه اي مطالب محددة وكل ما يريده هو ان يتواضع الجميع باعتبار ان وجع الناس اقوى من كل الامور ومن المطالبة بوزير في الزايد او وزير في الناقص، مشيرا الى ان هذا الموقف كان اعلن عنه منذ اسبوعين وكرره وترجمه بمبادرته رغم المقاطعة المعروفة بينه وبين الرئيس عون حيث تسجل سجالات مستمرة بينهما منذ فترة، ومع هذا ذهب الى بعبدا وتنازل من اجل مصلحة الوطن ودعاه الى التسوية، وتعرض لكل انواع الانتقادات حتى اعتبره البعض انه قام «بتكويعة» وغيرها من الاوصاف غير اللائقة.

وصلنا الى مرحلة الجوع

ولفت النائب الاشتراكي الى انه في النهاية كل هذه الامور لا تعني شيئا للمواطن الذي اصبح همه هو تأمين لقمة عيشه والخروج من ازمته. وذكّر عبد الله بما حذر منه النائب وليد جنبلاط منذ اكثر من عام من اننا قادمون الى مرحلة جوع، ودعا حينها اهالي الجبل الى العودة للزراعة، وقام البعض بانتقاده، ولكن مع الاسف وصلنا الى الجوع، من هنا اتت مبادرته بزيارة قصر بعبدا خصوصا انه يعيش هم المواطن ومطلع على معاناته.

وحول ما اذا كان كلام السيد نصر الله الاخير هو ما عقد الامور اكثر واعطى دفعا جديدا للرئيس عون للتمسك بمطالبه يعتبر عبد الله ان كلام نصر الله لم يعط اي اشارة للخروج بتسوية ايجابية.

الملف السوري أولوية لدى الروس

وعما اذا كان هناك من ينتظر تطورا اقليميا معينا يقول عبد الله: «لا اعرف ما اذا كان البعض ينتظر امرا ما، خصوصا ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي قال بطريقته الخاصة: لنترك الامور الكبيرة جانبا، وعلينا ان نحل مشاكلنا الصغيرة»، اي علينا عدم انتظار الوضع الاقليمي والمفاوضات التي قد تحصل.

وعن قراءته لزيارة وفد «حزب الله» الى موسكو واذا ما كان هناك حصل ضغط روسي لتشكيل الحكومة، اشار النائب الاشتراكي الى أن الملف السوري هو الاهم لدى الروس رغم اهتمامهم بالوضع اللبناني ولكن الاوضاع في سوريا تبقى اولوية لديهم.

حركة بري محكومة باعتبارات

وعن موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري من التشكيلة الحكومية والتي يحبذها من ثمانية عشر وزيرا ومن  الاختصاصيين كما يطالب الرئيس الحريري، وتميزه عن موقف «حزب الله»، اشار عبد الله الى ان الثمانيه عشر وزيرا هو خيار سهل ولكن المشكلة تكمن بالثلث المعطل فهو مصدر قلق ايجابي في مكان ما، ومصدر قلق سلبي في مكان اخر، معتبرا ان حركة الرئيس بري محكومة بتفاصيل واعتبارات غير سهلة.

لم يعد لدى الجانب الفرنسي الحماس كما كان تجاه لبنان

وحول ما اذا كانت المبادرة الفرنسية لا زالت سارية المفعول، يعتبر عبد الله انه ربما اصبح الجانب الفرنسي مستسلما وهو لم يعد لديه حماس كما كان في البداية.

وردا على سؤال عن امكانية تعديل الدستور كما المح اليه السيد نصر الله قال: «لا نوافق ابدا على تعديل الدستور، فماذا ينفع هذا الامر وهل يحل الازمة الاقتصادية والمالية؟».

ليس هناك أي توجه لنشوب حرب

وفي سياق اخر، رفض عبد الله فكره الحرب الاهلية التي تحتاج الى بعد سياسي وفريقين وقرار، وليس هناك اي توجه لنشوب اي حرب اسلامية – مسيحية، كذلك الامر بالنسبة للسنة والشيعة، لأن الجو السني في اكثريته معتدل ويرفض فكرة الحرب، و«حزب الله» بدوره يعلن بشكل رسمي رفضه لحرب داخلية، متوقعا ان نشهد انفلاتا امنيا بسبب الجوع خصوصا ان القوى الامنية اصبحت رواتبها ضئيلة جدا، ولكنه عاد واعتبر ان التفلت لن يتخذ المنحى السياسي.

وختم عبد الله بالتشديد ان لا خيار لدينا سوى القيام بتسوية خصوصا اننا اصبحنا امام قدرنا، مشيرا الى ان هناك اتفاقا على التهدئة بين الحزب التقدمي الاشتراكي وفريق الرئيس عون.