IMLebanon

بري يحذّر من غرق “التايتانيك”: قريبا قد لا يكون هناك بلد

كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:

خِلافاً للتوقّعات، وجّه رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس مجموعة رسائل وتنبيهات وتحذيرات طالت كلّ من يطالب بتفسير الدستور ويعرقل تشكيل الحكومة. فقد ردّ على مطالبة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب بتفسير الدستور لجهة تصريف الأعمال بالقول: “هيدا حكي تركي، أنا أتعجّب بأنّ الحكومة لديها كلّ هذا العمل ومع الأسف الشديد يأتون الآن ويطالبوننا بأن نفسّر الدستور، إذا كان المطلوب تغيير الدستور هذا الأمر ليس موجوداً على جدول أعمالنا وبالتالي فليذهبوا و”يشتغلوا”، هذا ما أبلغته لرئيس الحكومة اليوم”.

ولم يكتفِ بري بوصف المطلب “بالحكي التركي”، بل ذهب في ردوده وتحذيراته أبعد من الردّ على مطلب دياب، ليوجّه رسائل تنبيه لمن يُعرقل تشكيل الحكومة العتيدة، بوصفه البلد بسفينة “التايتانيك” التي تغرق وسيغرق معها الجميع.

وأكّد بري في مستهل الجلسة التشريعية التي إنعقدت أمس في قصر الأونيسكو، أنّ “البلد كلّه في خطر، وآن الاوان كي نستفيق، وإذا غرق البلد سيغرق الجميع من دون إستثناء، فالبلد كله في خطر، البلد كله “تايتانيك” وهذا الكلام يُحكى في الأوساط العالمية”.

وأضاف: “بالنسبة للكهرباء، أنا أتكلم باسم المجلس النيابي ككلّ ونحن أمام أمرين أحلاهما مرّ، إمّا لا سلفة ولا شيء، وسيقولون المجلس النيابي عتّم البلد، وإما سوف يحصل هذا الأمر، لذلك أنا برأيي حسناً فعلت اللجان المشتركة أنها أنجزت هذا الموضوع بشكل مرن بأن تكون السلفة لشهر أو لشهر ونصف، لعلّ وعسى تكون قد تشكلّت الحكومة وإلا ربّما لن يكون هناك بلد بعد هذا الوقت”.

مواقف بري جاءت لتختصر المشهد السياسي العام وتطغى على جدول أعمال الجلسة التي أقرّت ما كان مدرجاً على جدول أعمالها، وتحديداً إعطاء سلفة لمؤسسة كهرباء لبنان بقيمة 200 مليون دولار وإستعادة الأموال المتأتية من الفساد بعد إدخال تعديلات طفيفة على صياغته. كما أقرّت من خارج الجدول مشروع قانون يتعلّق بالتعاون الصحّي بين لبنان والعراق، وصُرف النظر عن إقتراح تمديد المهل، بعدما تبيّن أنّ القانون 212 يغطي هذا الأمر في حالات الإقفال العام أو تمديد التعبئة العامة، بينما طلب بري من اللجان وخلال مهلة 15 يوماً إنجاز إقتراح القانون الرامي إلى إعتبار شهداء القطاع الصحّي في مواجهة “كورونا” كشهداء الجيش اللبناني.

ولم تخلُ الجلسة، التي ما إن إنتهت حتى وقّع بري القوانين التي أقرّتها وأحالها إلى الحكومة، من المواقف من قبل الكتل والأطراف السياسية، لا سيّما تجاه سلفة الكهرباء وتأمين الأموال التي وصفها البعض بأنها مخالفة للدستور ويجب التوقّف عنها، بينما وصل النقاش حول مصادر التمويل إلى سجال غير مباشر بين النائب جميل السيد ونائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي على خلفية “قدسية الإحتياط”، الذي حذّر الفرزلي من الإقتراب منه باعتباره حقوقاً للمودعين، بينما رأى السيد أنّ هذه القدسية ساقطة طالما سيتم اللجوء إليه كلّما دعت الحاجة وكما حصل في فترات سابقة.

وفي الوقائع، خلال وما بعد الجلسة، سجّل النائب جورج عدوان باسم تكتل “الجمهورية القوية” خلال مناقشة إقتراح سلفة الكهرباء الموقف المعترض على سياسة السلف، مذكّراً بالتعهّدات التي قُطعت من وزراء الطاقة ولا سيّما الوزيرة السابقة ندى بستاني لجهة القيام بخطوات وإجراءات إصلاحية لم ينفذ منها شيء، “وبالتالي فإنّ على المجلس النيابي من خلال سلطته الرقابية والمحاسبية إتّخاذ إجراءات تجاه هؤلاء الوزراء”. وحذّر وزيرالمالية وحاكم مصرف لبنان من المسّ بالإحتياطي الإلزامي الذي يعرّضهم للملاحقة والمحاسبة القانونية والدستورية، كما ذكر بإقتراح القانون الذي تقدّم به التكتل في هذا المجال متمنياً إقراره قريباً.

وبعد إنتهاء الجلسة، أكّد عدوان أنّ “الحكومة ليست بحاجة لتفسير دستوري لتمارس أعمالها وهي لا تمارسها، وأنّ المواطن اللبناني بالكاد إستفاد من الدعم وهذا الملفّ بحاجة لتدقيق جنائي جديد لتحميل الحكومة ومصرف لبنان المسؤولية”، مشيراً إلى أنّ “سلفة الكهرباء ليست قانونية لأنها لم ترد ولا مرة”. وسأل: “لماذا لم يبدأ التدقيق الجنائي في مصرف لبنان حتى اليوم وأكمل في بقية الوزارات؟ لأنّ السلطة السياسية لا تريد التدقيق الجنائي وهي تريد تقطيع الوقت”. وخلال مناقشة السلفة، دعا النائب أسامة سعد إلى مرحلة إنتقالية يتولاها مجلس النواب لإنقاذ البلد.

أما النائب أدي دمرجيان فأعلن أنه سيصوّت ضدّ السلفة، بينما إعتبرها النائب نقولا نحاس مخالفة للدستور.

وكرّر النائب هادي أبو الحسن موقف “اللقاء الديموقراطي” المبدئي المعارض للسلفة لأنها ستدفع من أموال المودعين. ودعا النائب إبراهيم كنعان الحكومة إلى القيام بمسؤولياتها وتصريف الأعمال وليس وقف الأعمال وعليها أن تجتمع أقلّه من أجل إقرار الموازنة وترشيد الدعم، والنقاش حول السلفة يجب أن يطرح موضوع سياسات الدعم للحكومات المتعاقبة التي كلفت 11 مليار دولار سنوياً”.

وبعد الجلسة تحدث كنعان عن “إقرار قانون إستعادة الأموال المتأتية من جرائم الفساد، المعروف بالأموال المنهوبة، هذا الإقتراح الذي تقدم به تكتلنا، والذي يضع لبنان جدّياً تشريعياً بالمعاهدة الدولية للأمم المتحدة التي تفتح التعاون وتبادل المعلومات والتعاون القضائي مع أكثر من 90 دولة، وهذا الموضوع أساسي، وليس مسألة مزايدات، والرهان يبقى على إستكمال المنظومة التشريعية من خلال إقرار المحكمة الخاصة للجرائم المالية، التي بإستقلاليتها عن السلطة السياسية وإنتخاب أعضائها، من المجتمع المدني والجسم القضائي، تعطي إمكانية لعدالة حقيقية”.

بدوره، سأل النائب ياسين جابر عن النفط العراقي ومناقصة الغاز التي سبق وحصلت وكذلك المفاوضات مع شركة “سيمنز” لأنه “لا يمكن الإستمرار بهذا النمط من العمل، فبعد شهر ونصف سيطلبون سلفة جديدة”.

النائب علي حسن خليل قال: “لو كان هناك حكومة لما وافقنا على السلفة ولكان مطلبنا تنفيذ القوانين التي أقرّت في ملفّ الكهرباء ونحن الآن نوافق على 3000 مليار ليرة وليس 300 مليار وفقاً للحسابات، وهذه السلفة قانونية رغم أنها واقعياً لا تُسدّد”. وخلال السجال غير المباشر بين الفرزلي والسيد، سأل النائب سيمون أبي رميا عن الأرقام الحقيقية والدقيقة للإحتياطي الإلزامي في مصرف لبنان؟ متحدّياً “إذا كان أحد من النواب أو الوزراء أو المسؤولين يعرف هذا الأمر”.