IMLebanon

سرقة أبواب مدافن رياق تستنفر الفاعليات لمنع الفتنة

كتبت لوسي بارسخيان في “نداء الوطن”:

إستدعت سرقة أبواب المدافن التابعة لرعية بلدة رياق الفوقا – قضاء زحلة، وقفة تضامنية ومسيرة “صلاة وغفران” باتجاه المدافن المنتهكة يوم أمس الأول، تخفيفاً من الإحتقان الذي تسبّب به التعدّي على نحو أحد عشر مدفناً، شكّلت سرقة أبوابها الحديدية صدمة لأهالي البلدة، وخلّفت ألماً متجدّداً على الراقدين فيها، والذين تهافت الأهالي صبيحة يوم عيد الباعوث لإضاءة الشموع على مداخل بيوتهم المشرعة، طلباً للمغفرة وراحة أنفس موتاهم.

فالحادثة التي استهدفت الأموات في قبورهم، وقعت عشية عيد الفصح لدى الطوائف الغربية، في بلدة تغيّر وجهها الديموغرافي منذ الأحداث اللبنانية المتتالية، ليتحوّل المسيحيون فيها أقلّية بعدما كانوا أكثرية.

ومع أنّ الكلام إثر عملية السرقة بقي مضبوطاً لجهة عدم توجيه الإتهام لأحد، فإنها أيقظت “قلقاً على الوجود” لا يعبّر عنه مسيحيو البلدة علناً، ولكنّه يبقى حاضراً لينفجر مع أي فتيل فتنة يرمى.

ومن هنا كانت مسارعة فاعليات البلدة لتطويق الحادث، ووضعه في إطار تحقيق الأهداف الربحية، مع التشديد على أهمية إسراع الأجهزة الأمنية بكشف الفاعلين. وعليه، لم يكن مستغرباً أن يقف ابن بلدة رياق النائب جورج عقيص، جنباً الى جنب مع نائب “حزب الله” أنور جمعة، الذي يمثل الشريحة التي تحوّلت شريكة في البلدة، في محاولة لإمتصاص الغضب الذي خلفته السرقة. لتستدعي “السابقة” أيضا مشاركة مطراني زحلة للموارنة جوزف معوض والكاثوليك عصام درويش في وقفة للأهالي أرادها معوض “للإعلان عن احترام القيم وشجب كل من ينتهكها وينتهك حرمة المدافن”. في وقت أشاعت الأجهزة الأمنية أجواء تحاول إلصاق السرقة بمخيمات النازحين السوريين، من دون أن تثبت التهمة على أحدهم. بينما اتفق المتحدّثون في هذه الوقفة على وضع هذا الإنتهاك للمقابر كما غيرها من الإنتهاكات في إطار الإنهيار الواقع بالبلد على الصعيد السياسي والإقتصادي. وأرادها معوض لإعلاء الصوت كي يتحرّك المسؤولون لننتهي من الأوضاع التي نمرّ بها، ومن أجل تجديد الثقة بالجيش والقوى الامنية التي تسهر على الامن”.

رسائل تطمين أبناء الطائفة المسيحية تجاه شركائهم المسلمين في البلدة، جاءت في المقابل على أكثر من لسان، بدءاً من تشديد معوض “على ما يربطنا في هذه المنطقة من شراكة، وعلى العيش المشترك الذي يقف سدّاً منيعاً ضدّ كل من تسمح له نفسه أن يعبث بالأمن”، فيما قرئت دعوته “الى التشبّث بهذه الارض، ارض اجدادنا وآبائنا كشكل من اشكال الصمود” رسالة للمسيحيين خصوصاً كي لا تدفعهم الصعوبات للتخلّي عن “الأرض كبعد اساسي للهوية”.

ما قاله النائب عقيص في المقابل “عن شباب رياق الذين بالرغم من هول المشهد لم يتّهموا أحداً ولا رفعوا الصوت بوجه أحد، وكانوا بمنتهى الحكمة، والايمان بدولتهم، وثقتهم بأجهزتها”، ترجم أيضاً محاولة لسحب فتيل الفتنة الذي يمكن أن تتسبّب به سرقة أبواب المدافن بين أبناء البلدة المسلمين والمسيحيين. حيث شدّد عقيص على “أننا دائماً نحمل غصن زيتون في هذه المنطقة، نعيش بسلام وطمأنينة مع كل الجيران والعائلات الروحية التي نفتخر بتاريخنا معها، الانساني والثقافي والحضاري والاجتماعي والاقتصادي. لا هم يقبلون أن يكون حائطنا واطياً، وان تكون ابواب مدافننا مشرّعة للكسر والخلع، ولا نحن ايضا نقبل بأن تمسّهم شوكة”.

ووجد عقيص بمشاركة النائب أنور جمعة في “الوقفة التضامنية” رسالة مضادّة من المنطقة بوجه من ارتكبوا السرقة. بعدما أكد جمعة في كلمته “أننا حتى قبل أن نعرف بتفاصيل الحادثة، كنّا نقول يستحيل أن تحصل هذه الامور، لاننا نعرف انفسنا، ونتمسك بحرمة القبور لأنّها تاريخنا، ونحن اليها سائرون. ومن لا يحترم قبور غيره قبره لن يُحترم”.

بعد الكلمات توجّه المشاركون الى المدافن المنهوبة، التي أعلن المطران درويش إستعداد أحد الأشخاص لإعادة أبوابها على نفقته. وفي هذا المكان كانت الصلاة محاولة لإمتصاص صدمة مشهد الكرتون وألواح الخشب التي استعيض بها عن الأبواب المسروقة. في وقت شدّد الأهالي على أنهم لن يكتفوا بكلام عن إلقاء القبض على السارقين، قبل أن تعاد جميع الأبواب المسروقة الى أماكنها.