IMLebanon

هل تبرّئ “محكمة تبرئة العملاء” المقدم سوزان الحاج؟

كتب رضوان مرتضى في “الاخبار”:

انعقدت قبل أيام الجلسة الأخيرة لاستجواب المقدم سوزان الحاج أمام محكمة التمييز العسكرية التي يرأسها القاضي طاني لطّوف. الأخير يُحال على التقاعد نهاية شهر نيسان الحالي. وقد أبى أن يخرُج من سلك القضاء قبل أن يُصدر حكمه على الضابطة المتّهمة بتلفيق جرم التعامل مع العدو الإسرائيلي. لطّوف الذي استجوب الحاج منذ عدة أيام، عيّن غداً الخميس موعداً لإصدار حُكمه في قضية تلفيق تهمة للممثّل المسرحي زياد عيتاني بالتعامل مع العدو الإسرائيلي، انتقاماً منه لإعادة نشر «إشارة إعجاب» وضعتها الحاج على تغريدة للمخرج شربل خليل سخر فيها من قرار سعودي بالسماح للمرأة بقيادة السيارة.

في الجلسة السابقة، قرّر لطّوف منع المحامية ديالا شحادة، وكيلة عيتاني، من حضور جلسة المحاكمة، طالباً من الشرطة العسكرية إخراجها من القاعة، قبل موافقتها مرغمة على الخروج، مع أنّ موكّلها هو المعني الأول وضحية الرئيسة السابقة لمكتب مكافحة جرائم المعلوماتية. لم يكتف رئيس محكمة التمييز العسكرية (وهو قاضٍ مدني) بطرد وكيلة عيتاني، إذ إنه رفض أيضاً الاستماع إلى عيتاني نفسه، الذي كان الضحية في القضية المعروضة أمام المحكمة. فعام 2017، سُجن عيتاني نحو 100 يوم، بعد توقيفه والادعاء عليه بجرم التعامل مع العدو الإسرائيلي، قبل أن يكشف فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي أن الجُرم لُفِّق له، ليجري توقيف المقدّم الحاج، والمقرصن إيلي غبش، بشبهة تلفيق التهمة، ثم الإفراج عن عيتاني ومنع المحاكمة عنه. ورغم ذلك، لم يرَ القاضي لطّوف ما يدفعه إلى الاستماع لعيتاني!

كان يمكن التعامل بحُسن نية مع أداء لطوف. لكن سوء الظن واجب في المحكمة التي يرأسها لطّوف، والتي ذاع صيتها بوصفها «محكمة تبرئة العملاء». يُضاف إلى ذلك الأداء السياسي الذي غلّف قضية الحاج، في ضوء الضغوط التي مورست لتبرئتها من جرم التدخّل في اختلاق ملف التعامل لعيتاني، والاكتفاء بإدانتها – في المحكمة العسكرية الدائمة عام 2019 – بجرم مخالفة التعليمات العسكرية وحبسها شهرين مع غرامة 200 ألف ليرة فقط!

إصدار الحكم الأوّلي، قبل عامين، على المقدم الحاج، ترافق مع حراكٍ مشبوه للضغط لإصدار حكمٍ مخفّف عليها من جرّاء الحظوة السياسية التي تتمتّع بها. زوج الضابطة المذكورة مقرّب من التيار الوطني الحر، وشقيق زوجها نائبٌ عن تيار المستقبل (هادي حبيش). وقد تمظهرت العناية الخاصة بأن نزل مفوّض الحكومة السابق لدى المحكمة العسكرية، القاضي بيتر جرمانوس، شخصياً إلى قاعة المحكمة، وهذا ما لا يحصل عادةً، ليترافع بوصفه ممثل النيابة العامة، لكنّه طلب البراءة للحاج، مع أنّ ممثل الادعاء العام وظيفته طلب التشدد في العقوبة، لكونه خصم المتهمين. قضية الحاج قلبت الآية، ليؤدّي المدعي العام دور أحد محاميها المتحمّسين لبراءتها.

المفاجآت لم تتوقف هنا. فقد اعتبر رئيس المحكمة العسكرية السابق، العميد حسين العبد الله (الذي أخلى سبيل العميل عامر الفاخوري ومنع المحاكمة عنه)، أنّ الحاج ليست محرّضة على ارتكاب الجرم، وأدانها بجرم كتم المعلومات، مع أنّ المحادثات بينها وبين المقرصن إيلي غبش تُظهر بشكل لا لبس فيه أنّها من أرسل للمقرصن غبش صوراً لحسابات الممثل المسرحي زياد عيتاني على وسائل التواصل الاجتماعي.

غير أنّ المستجد في الجلسة الأخيرة أمام محكمة التمييز العسكرية، أنّ المقدم الحاج دفعت، للمرّة الأولى، التهمة عن نفسها، لتتهم جهاز أمن الدولة بأنّه أمر غبش بالقيام بفعلته، من دون أي تدخّل شخصي منها.

وتجدر الإشارة إلى أن الحاج لم تُسلّم هاتفيها إلى المحققين عند توقيفها عام 2018، بل أخفتهما، زاعمةً أنّها لا تعلم مكانهما. ورغم ذلك، ادّعت الحاج أنّ «فرع المعلومات أخفى تفاصيل تؤكد براءتي من هذا الملف»، متحدّثة عن «أحقاد عمرها 15 عاماً بيني وبين (رئيس فرع المعلومات) العميد خالد حمود».