IMLebanon

كارثة وشيكة تنتظرنا… يوم رفع الدعم!

كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”:

حكومة حسّان الـ”دياب” المستقيلة لا تزال متردّدة حيال قرار رفع الدعم، بل لا تريد رفعه رسمياً وعلناً ونهائياً “على دورها”. فهي لا تزال تعلّق الآمال على “طبخة بحص” ولادة الحكومة العتيدة لرفع الدعم اذا ما ولدت، وما سينتج عن ذلك من كارثة اجتماعية وغذائية و”كهربائية”… ولو تزامن ذلك مع خطة دعم بعض العائلات القليلة الفقيرة التي لم تعد كافية. على أرض الواقع كل الأجواء تؤكّد أن الحكومة الجديدة لن تولد في القريب، ورفع الدعم بات ضرورة لا محالة في نهاية ايار مع نفاد الإحتياطات الأجنبية المخصصة له. فكيف سيتلقّف المواطنون ارتفاع أسعار المواد الأساسية؟

في ظلّ استمرار التعقيدات الحكومية هل تجرؤ حكومة الـ”دياب” على اتخاذ قرار رفع الدعم خصوصاً وأنها نائمة نومة أهل الكهف ولا تنكبّ على إعداد الخطط البديلة للكارثة التي ستنجم عن هذا القرار والذي استنزف أموال المودعين، لا سيما البطاقة التموينية التي لن تطال 700 ألف عائلة بل 200 ألف اذا ما تمخّضت بسبب صعوبة الحصول على المعلومات كما اوضح وزير المال غازي وزني في تصريح. فالاقتراحات التي قدّمت لتوفير الدعم المباشر للمواطنين من خلال بطاقة تموينية أو إجتماعية أو تمويلية هي عدّة ومنها الخطة التي قدّمتها وزارة الإقتصاد والتجارة وخطة تكتّل الجمهورية القوية واخرى لغرفة تجارة بيروت…، جميعها قابعة في الأدراج، فيما التهاوي الإقتصادي والإجتماعي ينكشف اكثر فأكثر.

رفع تدريجي و”عالسَكت”

ومقابل تلك المشهدية، بدأ السير في مسألة ترشيد الدعم، ولكن “عالسَكت” من دون “طنّة ورنّة”، تمهيداً للرفع النهائي للدعم. وزارة الإقتصاد خفّضت محتوى السلة الغذائية المدعومة الى مواد أساسية معدودة مثل اللحوم والحليب… علماً أن كلفة السلّة الغذائية في إجمالي محفظة الدعم ضئيلة نظراً الى احتساب الدولار على سعر المنصة أي 3900 ليرة. فأزمات توفير المواد الأساسية تتوالى وتتوسّع رقعتها، وبرزت أمس من خلال أزمة الرغيف والمحروقات التي تطلّ علينا من هنا وهناك كما حصل. فالمعضلة الرئيسية أو الكلفة اذاً تنحصر بمواد المحروقات والفيول أويل التي تشغّل محطات الكهرباء والتي يتمّ دعمها على اساس سعر الـ1515 ليرة للدولار الواحد وهو السعر الرسمي، وكذلك قطاع الدواء والمستلزمات الطبّية.

الصناعة المحلية ورفع الدعم

بالنسبة الى تداعيات رفع الدعم عن الصناعيين وبالتالي عن المنتجات الوطنية، “سبق أن رُفع عن المواد الأولية التي يحتاجونها للتصنيع، ولكن لم يؤثّر ذلك على ارتفاع الأسعار”، كما قال نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش لـ “نداء الوطن”، مشيراً الى أن “الصناعيين سبق أن طلبوا منذ نحو 20 يوماً من وزارة الإقتصاد والتجارة عدم إدراج المواد الأولية ضمن السلّة المدعومة وذلك لصعوبة آلية استخدام هذه المواد عند التصدير، اذ المطلوب موافقة مسبقة من الوزارة قبل تصدير أي سلعة تتضمن مواد أوّلية مدعومة. فوافق الوزير بإلغاء الدعم على كل المواد الأولية”.

وأضاف: “بما أن المواد الأوّلية تلك تشكّل نسبة مئوية صغيرة من كلفة الإنتاج فهذا لم يؤثّر على سعر المنتج في السوق المحلية”. أما في ما يتعلق برفع الدعم عن المواد المستوردة، أكّد أنه “سيؤثّر رفع الدعم سلباً على أسعار السلع في السوق المحلية وستكون قيمته مضافة الى الصناعة للأصناف المصنّعة محلياً”.

كما أن الصناعة المحليّة استطاعت تغطية النقص الحاصل من تدني فاتورة الإستيراد، فهي جاهزة لتغطية كل الأصناف المستوردة في حال تمّ تصنيعها في لبنان”.

وحول موضوع المنصّة الإلكترونية التي سينطلق عملها على الأرجح بعد 16 الجاري وعلاقتها بكبح ارتفاع الدولار، قال بكداش “لا يمكننا التعليق قبل أن نرى ونعرف الآلية المتّبعة آملين أن ينحسر ارتفاع الدولار مقابل الليرة لأن ذلك سيتيح للصناعة بيع المنتج بسعر موحد وليس بسعر يتغيّر يومياً. وسأل: “هل يمكن لجم الدولار مع العلم ان القرار هو سياسي محض وللأسف لا توجد بوادر إيجابية حتى تاريخه”.

رفع دعم الكهرباء والمولدات

وبالنسبة الى رفع الدعم عن قطاع الكهرباء وبالتالي الفيول الذي يستخدم لإنتاج الكهرباء، قالت مصادر وزارة الطاقة ان “رفع الدعم سيؤدي حتماً الى زيادة في الكلفة التي ستؤدي حتماً الى ارتفاع أسعار كافة انواع الطاقة”، مؤكّدةً أن “لا حلّ سحرياً في المدى القريب”.

وأضافت من “الافضل ان يتمّ تبني اقتراح لرفع الدعم من الحكومة اولاً، عندها يمكننا الحديث عن التداعيات والعلاجات”. وبالنسبة الى قيمة أو نسبة الزيادة التي ستلحق بفاتورتي “كهرباء الدولة” من جهة و”كهرباء المولّد” أكّدت المصادر أن “ذلك يعتمد على نسبة خفض الدعم. فالمسألة ليست بتلك السهولة بل هي معقدة وتحتاج الى دراسات”.

البنزين وفاتورة المولّدات

وبات من المعلوم أن رفع الدعم عن البنزين سيرفع سعر صفيحة البنزين اذا ما احتسب الدولار على سعر الـ14 ألف ليرة الى 165 ألف ليرة. أما بالنسبة الى فاتورة المولدات الكهربائية التي نشطت منذ بداية العام مسجلة ارتفاعاً شهرياً مستمراً الى 882 ليرة لبنانية عن كل كيلواط بالساعة استناداً الى تسعيرة وزارة الطاقة الأخيرة الصادرة عن شهر آذار من 633 ليرة في نهاية العام 2020.

فضلاً عن رسم الساعة الذي يبدأ بـ20 ألف ليرة لساعة الـ5 أمبير، و30 ألف ليرة لـ10 أمبير و40 ألف ليرة لساعة الـ15 أمبير. وذلك نظراً الى زيادة التقنين الكهربائي وتمهيداً لرفع الدعم عن المازوت الذي ارتفعت صفيحته من 12ألف ليرة الى 26100 ليرة الأسبوع المنصرم.

ويقول أصحاب المولّدات انهم يشترون المازوت بقيمة 40 ألف ليرة من السوق السوداء عدا طبعاً عن كلفة الصيانة التي تحتسب على أساس سعر السوق السوداء.

من هنا فإن فاتورة المولدات الكهربائية في حال رفع الدعم عنها ستصل شهرياً بكل سهولة الى 500 و 600 ألف ليرة وفق أقلّ تقدير وحتى أنها ستصل الى المليون ليرة لبنانية وهو أقلّ من متوسط الراتب الشهري لأي موظّف. علماً أن متوسط فاتورة المولّد الكهربائي تبلغ حالياً نحو200 ألف ليرة لبنانية لكل منزل.

تهديد الأمن الدوائي

وفي ما يتعلق بالدواء، فإن الإقدام على خطوة رفع الدعم نهائياً من شأنه أن يرفع حتماً أسعارها واستناداً الى نقيب الصيادلة غسان الأمين فإن “رفع الدعم في نهاية أيار كما قيل يعني أننا أمام كارثة كبيرة، وستغلق نسبة 80% من الصيدليات، مما يهدد الأمن الدوائي للمواطن”. ويأتي ذلك في ظلّ الإعلان سابقاً أن أدوية الأمراض السرطانية لن يتم رفع الدعم عنها. وسبق أن تمّ ترشيد الدعم على بعض الأدوية التي تعالج الأمراض الحادة كالمضادات الحيوية والمسكّنات التي لا يتناولها المريض سوى نادراً فتسعر على دولار الـ3900 ليرة وهي مدعومة بنسبة 80%.

إذاً، رفع الدعم بشكل شامل وكلّي لا يمكن أن يحصل بين ليلة وضحاها من دون أن يواكب ذلك آلية دعم مباشر تآكلت قيمته بفعل سلوك العملة الوطنية الإتجاه الإنحداري بشكل مستدام.

باختصار الحكومة لغاية اليوم غائبة كلياً عن وضع الخطط البديلة والدراسات إستعداداً لدرء مخاطر كابوس رفع الدعم وتداعياته على المواطن المتضرر الأكبر مما جنته الحكومة التي أكلت كل الحصرم، وها هم المواطنون اليوم يضرسون ويموتون جوعاً. فالكارثة الإجتماعية والغذائية والصحيّة والدوائية التي ستنتج عن خطوة رفع الدعم حاصلة لا محالة، وستتسبب بالمزيد من الفقر بسبب تأجّج ألسنة نيران الأسعار التي ستحرق من تبقى من المواطنين الصامدين.