IMLebanon

إلى متلقّي اللقاح الصيني… هل تلجأ إلى لقاح آخر؟

كتبت ليلي جرجس في “النهار”:

بعد الاعتراف الصيني الأول حول محدودية فعالية ال#لقاحات الصينية، ويعيش المتلقّحون به حالة من القلق والخوف حول عدم فعاليتها. لقد أقرّت السلطات الطبية في الصين بأن #اللقاح الصيني لا يوفر نسبة حماية عالية من فيروس #كورونا، وأعلن مدير المركز الصيني للسيطرة على الأمراض، غاو فو، أن السلطات تفكر في “خلط” لقاحات كورونا، لأن جرعات اللقاح الذي صُنع محلياً “لا تؤمّن معدل حماية عالياً جداً”.

هل ضاع التطعيم بجرعات #سينوفارم هباءً أم هو حصين ضد الفيروس؟ من هي الفئة الأكثر هشاشة؟ وهل ينصح بتلقي جرعة إضافية من لقاح آخر؟ علامات استفهام كثيرة رافقت هذا اللقاح خصوصاً في ظل عدم نشر النتائج النهائية للمرحلة الثالثة من التجارب، ما جعله عرضة أكثر للغموض والشكوك.

وتشير البيانات المتاحة إلى أن اللقاحات الصينية تأتي في مرتبة متأخرة عن مثيلاتها من حيث الفاعلية، لا سيما فايزر وموديرنا، لكنها تتطلب ضوابط أقل صرامة عند تخزينها. وقد قارن رئيس المركز بين فعّالية اللقاح الصيني الذي يرتكز على حقن فيروس “غير نشط”، أي يحتوي على جزيئات فيروسية ميتة، تُخلق في المختبر ثمّ تُقتل، واللقاحات التي تستخدم تقنية mRNA كـ”فايزر” وموديرنا.

وكان لافتاً إلى أن كمية المضادات الحيوية التي ينتجها اللقاح الصيني أقل من تلك التي تنتجها اللقاحات التي ترتكز على تقنية mRNA حين يتم حقن الشخص بالشيفرة النووية للفيروس، لتحفيز الجسم على إنتاج أجسام مضادة.

يكشف رئيس اللجنة الوطنية لإدارة اللقاحات الدكتور عبد الرحمن البزري لـ”النهار” ان الاستعجال باستخدام لقاحات غير مدروسة، دون المرور بوزارة الصحة، أدى إلى أخذ اللقاح دون الاستفادة منه. وقد درست وزارة الصحة اللقاح الصيني في مراحل متقدمة والذي أظهر نتائج جيدة لمن هم دون الـ55-60 من العمر. وبالتالي لقاح سينوفارم أظهر فعالية جيدة وسمحنا باستخدامه على فئة معنية وتتمتع بصحة جيدة (سمحنا به للقوى العسكرية وبعض الموظفين في القطاع العام الذين يتمتعون بصحة جيدة ودون الـ60 سنة). في حين أظهر لقاح سينوفاك فعالية أقل وأضعف من سينوفارم.”

وأضاف: “هناك عدد كبير من الناس الذين تلقوا اللقاحات بطريقة غير رسمية أو خارج البلاد. وقد يضطر بعضهم إلى أخذ جرعة ثالثة أو جرعة إضافية من لقاح آخر. وعليه، اعتماد خيار دمج اللقاحات يعود إلى تطعيم عدد لا بأس به باللقاح الصيني، وبالتالي قد يحتاجون إلى جرعة إضافية من لقاح آخر لضمان حصولهم على مناعة عالية وحماية كافية.”

وعن دمج اللقاحات في لبنان، يؤكد البرزي أنه “اصبح بإمكاننا دمجها برغم من عدم وجود أي رأي رسمي واضح، ولكن الواقع العلمي فرض ذلك كما حصل في فرنسا التي اعتمدت هذا الخيار بعد الشكوك حول لقاح أسترازينكا. كذلك تدرس بريطانيا الدمج بين اللقاحات وفعاليتها ولكنها لم تصدر النتائج النهائية بعد.”

ويُحذر البزري من “اخذ لقاحات غير مدروسة كما هي الحال مع لقاح سبوتنيك لايت حتى لا نقع في الخطأ نفسه. لذلك نشدد على أهمية درس ملف كل لقاح لإختيار الأفضل. وأنصح كل شخص تلقى اللقاح الصيني وهو في سن صغيرة أن لا يقلق لأنه في صحة جيدة وقد كوّن مناعة جيدة. لكن لمن هم فوق الـ60، تتصحهم بعد استشارة الطبيب أخذ جرعة اضافية من لقاح آخر لتأمين الحماية اللازمة لهم.”

في المقابل، يشدد الباحث في علم الفيروسات والأمراض الوبائية الدكتور حسن زراقط لـ”النهار” على أنه “بالرغم من أن التقنية المعتمدة كلاسيكية ومستخدمة من قبل، إلا أن الأهمية تكمن في الاعتماد على الدراسات السريرية للتثبت من هذه الفعالية، لأنه أحياناً تفشل هذه التقنية حتى لو كانت كلاسيكية. يعتمد هذان اللقاحان السينوفارم والسينوفاك على التقنية نفسها أي #الفيروس المعطل. وتعتبر #تقنية كلاسيكية حيث يكثّر الفيروس في الخلايا ومن ثم يُعطّل بمادة كيميائية ويُنقى، بعد ذلك تُضاف إليه مادة لتحفيز الاستجابة المناعية. وتالياً عندما يدخل إلى الجسم يكون الفيروس معطلاً حيث يكوّن الجسم الاجسام المضادة وذاكرة مناعية ضد الفيروس.

لكن في كلا اللقاحين، الدراسة الوحيدة التي نُشرت بتفاصيلها تشمل فقط المرحلتين الأولى والثانية اللتين تسمحان لنا بمعرفة كمية الأجسام المضادة المكوّنة بعد حقن المتطوعين باللقاح والأعراض الجانبية حدثت بعد تلقي اللقاح.

على رغم من أن التوزيع جارٍ على نطاق واسع، إلا أن النتائج العلمية التفصيلية للمرحلة الثالثة الخاصة بلقاحات سينوفارم وسينوڤاك لم تُنشر بعد، وهذا ما يطرح علامات استفهام عند العلماء. فالقاعدة الذهبية في هذه المرحلة هو إتاحة ونشر البيانات التفصيلية بكل شفافية ووضوح، وهذا ما لم يحصل حتى الآن في هذه الحالة. وهنا تكمن العقدة الأساسية، في عدم نشر هذه النتائج للحفاظ على الشفافية والوضوح.”

كما أشار زراقط إلى الاختلاف والتباين في الفعالية بين اللقاحين بين بلد وآخر مثل البرازيل وتركيا والإمارات. وحتى عندما تم إقرار استخدامه في لبنان، لم يكن هناك شفافية لإطلاع الناس على الارقام المنشورة في الملف، وهذه النقطة مهمة لتعزيز الثقة. وبشكل عام، مشكلتي من الناحية العلمية مع اللقاحات ليست فقط بعدم نشر نتائج التجارب السريرية، وإنما أيضاً مع فعالية هذه اللقاحات على أرض الواقع، أي بعد استخدامها على نطاق واسع وليس فقط في التجارب السريرية.

ويتساءل زراقط: “ماذا عن الفعالية بعد الاستخدام الواسع، هل الأرقام قريبة للنتيجة الصادرة عن الدراسات السريرية؟ بالنسبة إلى لقاحيّ فايزر وأسترازينكا كانت النتائج قريبة للدراسات السريرية، في حين أن اللقاحات الأخرى التي قيل إنها فعالة ونُشر عنها دراسات أولية، لم نسمع عنها بعد الاستخدام الواسع لها. ويجب ان يكون هناك شفافية ومتابعة سواء من ناحية الفعالية أو من ناحية تسجيل آثار جانبية بعد الاستخدام”.

وعن مزج اللقاحات، يؤكد الباحث في علم الفيروسات والأمراض الوبائية أنه “من الناحية التقنية والعلمية فإن الدمج بين اللقاحات ممكن، ونتوقع أن تكون نتيجة الفعالية أفضل في بعض الحالات، كما نستبعد حدوث أعراض جانبية مختلفة عن الآثار المسجلة للقاح نفسه. ولكن تبقى هذه التوقعات فرضيات حتى يتم إثباتها من خلال الدراسات السريرية وقبل استخدام هذه التقنيات على نطاق واسع. وقد قررت فرنسا، نتيجة الخوف من لقاح استرازينكا، دمج اللقاحات، في حين ستعتمد بريطانيا لقاحاً مختلفاً تماماً لمن هم دون الثلاثين. وعليه، كل دولة تعتمد مقاربة مختلفة، إلا أنه برأيي العلمي، يجب ان نبني أي استخدام أو دمج للقاحات على دراسات برغم من أننا في ظل جائحة.”

وأضاف أنّه “يمكن اعتماد دراسات المراقبة او الملاحظة التي تتم من خلالها متابعة ومراقبة الأشخاص الذين سيتلقون جرعات مختلفة من اللقاحات وهم على معرفة انهم من ضمن تجربة لا نعرف نتائجها بعد. مع الترجيح بأن تكون الفائدة من هذا الدمج أكبر. وبالتالي بعد مراقبة عدد من الناس الذين تلقوا جرعتين من لقاحين مختلفين يمكن المضي بها على نطاق أوسع. ”

أما بالنسبة إلى الذين تلقحوا باللقاح الصيني، يوضح زراقط أن “الغموض في البيانات وعدم نشر الأرقام حول الأشخاص الذين تلقحوا ونسبة الفعالية والآثار الجانبية المسجلة يُصعب علينا اتخاذ قرار أو إعطاء نصيحة في مسألة الجرعة الثالثة أو اللجوء إلى جرعة اضافية من لقاح آخر. وسيكشف الوقت عن فعالية هذا اللقاح والمدة المكتسبة خصوصاً بعد طرحه في عدد من الدول، لنتمكن من تقييم هذه البيانات حتى نبني على الشيء مقتضاه.”