IMLebanon

عون يرغب بفتح قناة مع واشنطن عبر مفاوضات مع إسرائيل

كتب منير الربيع في الجريدة الكويتية: 

نجح مساعد وزير الخارجية الأميركية، ديفيد هيل، في تغيير موقف رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون تجاه إصدار مرسوم بتعديل حدود لبنان البحرية وتوسيعها.

وكشفت مصادر متابعة أن هيل أخذ من عون، الذي استقبله أمس بالقصر الرئاسي في بعبدا، تعهداً بعدم توقيع المرسوم، وترْك الأبواب مفتوحة أمام العودة إلى المفاوضات مع إسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية، بالاستناد إلى الوساطة الأميركية.

وتؤكد المعلومات أن الدبلوماسي الأميركي أبدى استغرابه من إصرار عون على الخروج عما اتُّفق عليه سابقاً، تحت ما سمي «اتفاق الإطار»، مشدداً على ضرورة العودة إلى المفاوضات بناء على النقطة التي بدأ التفاوض منها.

وبدا واضحاً أن الرئيس اللبناني كان ينتظر زيارة هيل، ليبني على الشيء مقتضاه فيما خص المرسوم، وهو نجح سابقاً في إجبار الجميع على توقيعه، وأبقى الورقة في يديه للمساومة عليها، لذلك رمى الكرة في ملعب مجلس الوزراء، لأنه لا يريد تحمل المسؤولية وحده، بينما يحمل بيديه ورقة التفاوض مع إدارة الرئيس جو بايدن.

وكان وفد من قبل عون ضم مستشاره سليم جريصاتي، والوزير السابق إلياس بوصعب، والنائب آلان عون، التقى هيل لجس نبضه حول موقف الإدارة الأميركية من رئيس الجمهورية والتوجه إزاء توقيع المرسوم، وسحب أي فتيل للتوتر في الاجتماع بين عون وهيل.

وأبدى موفدو الرئيس الاستعداد للتعاون والتفاهم في ملفات عديدة، أبرزها تشكيل الحكومة ومعالجة ملف ترسيم الحدود. ومهّد هذا الاجتماع للقاء هيل وعون ومخرجاته، وكان واضحاً أن الأخير تراجع عن توقيع المرسوم، وسيبقيه مجمداً ومعلقاً في هذه المرحلة، بانتظار التطورات التي ستشهدها الساحة اللبنانية، وبالرهان على دور أميركي لإعادة إحياء المفاوضات.

وقد طالب عون المسؤول الأميركي بالحصول على ضمانة من الإسرائيليين بوقف عمليات التنقيب في البحر، وخصوصاً في حقل كاريش أو المياه المحاذية للمنطقة الاقتصادية اللبنانية الخالصة، دون أن يحصل على جواب واضح حول إمكانية ضمان الأميركيين لذلك أو التزام إسرائيل به.

لم يشأ عون استفزاز الأميركيين أو الدخول في مواجهة معهم، بل اختار طريق إعادة وصل ما انقطع والدخول في حوار للوصول إلى تفاهم. وما يهتم به رئيس الجمهورية حالياً هو إعادة نسج علاقاته مع القوى الخارجية، بينما كان يهدد بأنه في حال كانت اللهجة الأميركية تصعيدية فهو مستعد للتصعيد، لكنه -وقد التمس بعض المرونة- لن يمضي في سياسة التصعيد والاستفزاز.

وما ينطبق على ملف «الترسيم» يسري أيضاً، بحسب ما تكشف المعلومات، على ملف تشكيل الحكومة؛ إذ تشير المعطيات إلى أن هيل كان واضحاً في مدى تشدده لتشكيل حكومة بشروط المجتمع الدولي لإنجاز الإصلاحات الدولية المطلوبة. لم يدخل في تفاصيلها وشكلها، لكنه أيد حكومة التسوية، بشرط توافقها مع الشروط الدولية.

وتكشف المعلومات أن هيل أكد لكل المسؤولين اللبنانيين الاهتمام الأميركي بلبنان، بشرط التزام الأخير بمقررات الشرعية الدولية، وضرورة تشكيل حكومة متوازنة بعيدة عن الصراعات الإقليمية والدولية، تقوم بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، وتسعى لإنجاز ملف ترسيم الحدود، ليتمكن لبنان من التنقيب عن النفط والغاز، إذ لا قدرة للبنان على إنجاز ذلك بلا توافق، كما أنه لا مجال لنهضة الاقتصاد اللبناني من دون استخراج النفط والغاز.

ومن بين الملفات، التي أبدى الدبلوماسي الأميركي الاهتمام بها أيضاً، هو واقع الجيش اللبناني وضروة توفير كل المساعدات له والاحتياجات، ليتمكن من الصمود في هذه المرحلة الخطيرة، التي تمر بها البلاد، والاطلاع على مدى قدرة الصمود غذائياً ولوجستياً، لاسيما أن واشنطن مهتمة إلى أقصى الحدود بالاستقرار اللبناني، في ظل تخوف من احتمال حصول توترات أمنية على وقع الأزمة المالية والاقتصادية والمعيشية.