IMLebanon

ما خلفية دعوة الفرزلي إلى “الانقلاب الناعم”؟!

ترتفع وتيرة الضغوط السياسية وغير السياسية على رئيس الجمهورية ميشال عون، والملاحظ فيها أمران: الأول أن هذه الضغوط لم تعد مقتصرة على الملف الحكومي ومن خلفية حثه على تسهيل عملية التأليف وحمله على تقديم تنازلات، وإنما تجاوزته الى «الملف الرئاسي» ومن خلفية وضع حد لولاية عون والذهاب الى انتخابات رئاسية مبكرة.

والأمر الثاني أن هذه الضغوط المتعددة الأشكال والمصادر لم تعد مقتصرة على خصوم عون ومعارضيه، وإنما بدأت تصدر عن شخصيات سياسية منتمية الى الفريق السياسي الحليف لرئيس الجمهورية، أو ما يعرف بـ «فريق 8 آذار».

وقبل أيام أطلق النائب جميل السيد «مقترح حل» يدعو فيه الى انتخابات نيابية ورئاسية مبكرة بعد 3 أشهر من الآن.

وبعده أطلق نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي «مفاجأة سياسية» بأن دعا الجيش «الى أن يتسلم مقاليد السلطة ويعلق الدستور ويبعت رئيس الجمهورية الى بيته»، ويحل مجلس النواب ويقوم بالتعاون مع قضاة نزهاء بتطهير البلد كاملا.

يتقاطع موقف السيد والفرزلي ضمنا عند نقطة أن الوضع بلغ من الانهيار والخطورة حدا لا يمكن معه أن يستمر على ما هو عليه، ولا يمكن لرئيس الجمهورية أن يكمل ولايته في ظل هذا الوضع. وما يختلف بين الاثنين هو الأسلوب وطريقة المخاطبة والجهة المقصودة.

فالنائب جميل السيد حافظ على هدوئه واقترح حلا عبر طرق دستورية وسياسية وشعبية، وتوجه في كلامه الى رئاسة الجمهورية مناشدا إياه المبادرة الى قلب الطاولة على الجميع والدعوة الى انتخابات نيابية بعد 3 أشهر، بعدما يقوم مجلس النواب بحل نفسه ومن دون الحاجة الى قانون جديد للانتخابات أو الى حكومة جديدة، على أن يقوم المجلس المنتخب بانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

أما الفرزلي، فإنه خرج عن هدوئه السياسي المعهود واقترح مخرجا استثنائيا للأزمة، داعيا الى «انقلاب ناعم»، وتوجه في كلامه الى قيادة الجيش لتسلم زمام المبادرة والموقف والقيام بهذا التحرك «الإنقاذي».

كلام الفرزلي كان له «وقع الصدمة» في قصر بعبدا واعتبر بأنه كلام «انقلابي» وطعن في الظهر، لأن الفرزلي ليس شخصا عاديا، فهو من عمل على التسويق لوصول عون الى رئاسة الجمهورية وكان «من أهل البيت» وعضوا بارزا في «خلية السبت» التي تشكلت إبان معركة الرئاسة وكانت تجتمع في الرابية، وعاد الى مجلس النواب عام 2018 على لائحة تكتل «لبنان القوي» الذي دخل إليه «عنوة» وبضغط من بري عبر مساومة أجراها مع رئيس التكتل جبران باسيل في دائرة البقاع الغربي.

لم يتأخر الوقت حتى بدأ الفرزلي بالابتعاد التدريجي عن التكتل ورئيسه باسيل، وحتى بدا على موجة واحدة مع الرئيس نبيه بري ويده اليمنى في المجلس وفي السياسة.

فكان المنظر لأهمية وضرورة عودة سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، وكان مرحبا بسقوط حكومة الرئيس حسان دياب.

حسم الفرزلي خياراته: سياسيا أخذ جانب بري. انتخابيا، اختار الحريري.

ووطنيا لجأ الى الجيش كملاذ أخير ومشروع إنقاذ يجمع عليه اللبنانيون.

كلام الفرزلي، الذي جهد في توضيح وتلطيف ما قصده، لم يمر مرور الكرام في قصر بعبدا، وجاء الرد من الوزير السابق سليم جريصاتي الذي قال له بكل حدة: «خفف من غلوك ولا تقحم الجيش فيما ليس فيه.

جيشنا ليس جيش النظام بل جيش الشرعية الدستورية، ودستورنا لا يتم تعليقه عند كل مفترق».

الفرزلي انتهى في حسابات عون وسقط من لائحة الحلفاء والأصدقاء، وخرج من تكتل «لبنان القوي».

ولكن الفرزلي هو من بادر الى قطع العلاقة وعلى أساس قراءة أو قناعة سياسية لديه بأن «عهد عون انتهى عمليا، والمسألة مسألة وقت».