IMLebanon

القضاء تحت مطرقة “حدّاد فرنجي”!

كتبت نداء الوطن:

لا انهيارات الداخل، ولا تحذيرات الخارج، ولا إنذارات وكالات التصنيف الائتماني وآخرها “موديز” من خطر فقدان لبنان علاقات المراسلة المصرفية، حالت دون سقوط الدولة في لبنان… نعم الدولة سقطت وأصبحت أثراً بعد عين تحت قبضة عهد عبثي غوغائي أمعن في قضم المؤسسات وهدْم ما تبقى من ركائز الكيان والهوية، جاعلاً من التدمير رديفاً للتغيير ومن التخريب مرادفاً للإصلاح!

هي “شريعة الغاب” العونية سادت في البلاد، وما يعيشه اللبنانيون اليوم انقلاب موصوف شقلب “المعايير” الدستورية والقانونية والقضائية وهشّم سلطة الدولة وأجهزتها، فبات القضاة العونيون يحكمون “باسم الشعبوية” ويسطّرون الأحكام والاستنابات تحت مطرقة “حداد فرنجي” أضحى بمثابة “ضابطة عدلية” تواكب عمليات كسر وخلع مشهودة خارجة عن سلطة القانون والقضاء، تخرّب الممتلكات الخاصة وتسطو على أملاك الناس بلا رادع أمني ولا منازع قضائي.

لم يمرّ 24 ساعة على قرار مجلس القضاء الأعلى بإحالتها إلى هيئة التفتيش القضائي وتأكيد كفّ يدها عن متابعة الملفات المالية المهمة، حتى كسرت القاضية غادة عون القرار، فاستأنفت تحديها للسلطة القضائية وتمرّدها على المجلس ومدعي عام التمييز، بشنّ غزوة جديدة على مكاتب شركة مكتف في عوكر، حيث اقتحمت بمؤازرة بلطجية “التيار الوطني الحر” و”الحداد الفرنجي” المبنى فخلعت أبوابه الخارجية والداخلية على مرأى ومسمع من الدولة وأجهزتها القضائية والأمنية، ثم سارعت إلى التمترس داخل المبنى فعاثت بممتلكاته وخرّبت محتوياته واستولت على بعض من أجهزته وملفاته من دون أي مسوغ قانوني ولا قضائي، سيّما وأنها ارتكبت جرمها المشهود بوصفها “منتحلة صفة” ومنزوعة الصلاحيات القضائية.

“يا محلا جمهوريات الموز”… هكذا علقت مصادر قضائية على تصرفات القاضية عون “غير المتزنة والخارجة عن كل أصول وأدبيات الجسم القضائي”، متهمة “جهات سياسية معلومة بأنها تقف خلف أعمالها التخريبية عن سابق إصرار وترصّد بغرض تخضيع السلطة القضائية وترهيبها وكسر هيبتها”، وأردفت: “من الواضح أنّ الموضوع خرج عن السيطرة وبات لزاماً وضع حد له منعاً لتداعياته الكارثية على الجسم القضائي”، مشيرةً إلى أنّ رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود ستكون له كلمة حاسمة بهذا الصدد خلال إطلالته الإعلامية المرتقبة.

وفي سياق متصل، توافق مصادر سياسية على تشخيص حالة “التمرّد العوني” على القضاء، بالإشارة إلى معلومات تؤكد أنّ استئناف القاضية عون تحركاتها التخريبية في عوكر إنما أتى “بناءً على توجيهات مباشرة من رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل لعون ولمناصري التيار باستكمال الهجوم الميداني على شركة مكتف توصلاً إلى تسجيل نقاط في مرمى الخصوم قضائياً وسياسياً”، فعلى المستوى القضائي يريد باسيل تأكيد قدرته على “كسر شوكة” مجلس القضاء الأعلى “ليس فقط من خلال حجز تشكيلاته القضائية في قصر بعبدا وشل قدرته الذاتية على اتخاذ قرار بعزل قاضية متمرّدة، إنما أيضاً عبر استعراض قوته في كسر قرارات المجلس وتهميشها وإيصال رسالة استباقية ترهيبية إلى هيئة التفتيش القضائي تحذر من مغبة اتخاذه أي قرار عقابي بحق عون”.

 

أما على المستوى السياسي، فنقلت المصادر عن شخصية مقرّبة من باسيل قولها أثناء المواكبة الإعلامية لأحداث عوكر: “لنشوف مين رح يحكي بعد عن زيارة الفاتيكان”، في إشارة إلى أنّ “الهمروجة” العونية التي احتلت الشاشات الإعلامية رمت إلى التشويش على خبر وصول رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إلى الفاتيكان، في وقت سعى باسيل مساءً من خلال زيارته الصرح البطريركي في بكركي، عشية لقاء الحريري البابا فرنسيس، إلى تظهير مرجعيته المسيحية السياسية في البلد إلى درجة بلغ معها مستويات متقدمة من الهذيان دفعته إلى انتحال صفة “الوصيّ على تعاليم المسيح” وفق ما قرأت مصادر رعوية، استنكرت تضمين كلمته من بكركي عبارات شبّه من خلالها تضحياته بتضحيات “الفادي المخلّص”.

وكمن يدير “الأذن الطرشاء” لدعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي صباحاً إلى وجوب “قيام حكومة قادرة على الحد من تفكيك أوصال الدولة وتعمل على إعادة هيبتها واجراء الاصلاحات وتحرير القضاء من السياسيين لكي يتمكن من الحكم بعدل”، زار باسيل بكركي مساءً ليزجّ برحابة “تعاليم المسيح” في دهاليز حساباته السياسية الضيّقة، فقال: “جئت لأتحدث بأمور تليق بنضالات التيار الوطني الحرّ، ومن هذه المنطلقات أقول، لو أنّ المسيح تنازل من ألفي سنة لما كان هناك مسيحيون اليوم، فالمسيح صُلب كي يشهد للحقّ، الوصايا العشر تحدثّت عن الـ “لا”، بينما تعاليم المسيح تحدثت عن الشهادة للحقّ (…) ونحن سنبقى نشهد للحقّ مهما كان الثمن، ونعلم أن التضحيات كبيرة ولكنها لن تكون أقوى من الصلب”، متعهداً بان يتحدث “بتفاصيل الحكومة والسياسة يوم السبت في الساعة الحادية عشرة من قبل الظهر”.