IMLebanon

إجتماع بعبدا: “صفر مكعّب”

على نية تفكيك شحنة “الرمّان” المفخخة إلى المملكة العربية السعودية، التأم شمل أركان الحكم الفاشل في قصر بعبدا أمس للملمة ذيول فضيحة المعابر اللبنانية المشرعة أمام مافيا التهريب والمخدرات وعملياتها النشطة لتصدير واستيراد الأمونيوم والكبتاغون وكل أصناف الممنوعات من لبنان وإليه. وعلى دارج عادتهم في تقاذف المسؤوليات والتنصل منها، تعامل المجتمعون في بعبدا مع واقعة تصدير أقراص الأمفيتامين المخدرة إلى السعودية على قاعدة “دفن الرؤوس في الرمال” ومحاولة غسل اليدين من المسؤولية عن التقصير الفادح في ضبط المعابر المتفلتة بين لبنان وسوريا ومراقبة الموانئ اللبنانية المستباحة أمام المهربين لتصدير بضائعهم الملغومة باتجاه دول المنطقة والعالم.

وأوضحت مصادر مواكبة للاجتماع أنّ “أجواء الارتباك خيمت عليه بحيث حاول رئيس الجمهورية ميشال عون إعطاء موضوع تهريب المخدرات إلى السعودية “أبعاداً تقنية من خلال إلقائه اللوم على عدم وجود “سكانر” لمراقبة البضائع مقابل التعمية على الفلتان الحاصل عند المعابر الشرعية وغير الشرعية لصالح جهات مافيوية تنشط بين لبنان وسوريا وعمدت إلى تحويل الأراضي والموانئ اللبنانية مقراً وممراً لنشاطها غير الشرعي”، وسألت: “هل كانت شحنة نيترات الأمونيوم تحتاج إلى “سكانر” لاكتشاف وجودها ومنع دخولها وتخزينها في مرفأ بيروت؟ ألم يكن رئيس الجمهورية شخصياً وكل المسؤولين في البلاد يعلمون بأمرها لكن رغم ذلك تغاضوا عنها ولم يفعلوا شيئاً حتى وقع زلزال الرابع من آب؟”، مشيرةً إلى أنّ خلاصة نتيجة اجتماع بعبدا كانت “صفراً مكعباً” وكل ما خرج عنه من مقررات وتوصيات ليس أكثر من “كليشيهات فارغة تحت شعار إبداء الحرص على “الأشقاء العرب” مقابل وضع وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي في “بوز المدفع” عبر تكليفه التنسيق مع السلطات السعودية لبحث السبل الآيلة إلى التراجع عن قرار حظر دخول المنتجات اللبنانية أراضيها”.

أما ميدانياً، فتمكنت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي من تحديد أحد المستودعات الذي استُخدم في إفراع حمولة شحنة الرمان السورية في بلدة تعنايل قبل إعادة تحميلها وشحنها إلى السعودية عبر مرفأ بيروت، وعلى الأثر تمت مداهمة المستودع وختمه بالشمع الأحمر بأمر من المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، وجرى توقيف مستأجر المستودع من التابعية السورية، علي سليمان وشقيقه تيمور، ليتبيّن بحسب التحقيقات أنّ شقيقهما الثالث الموجود في سوريا يقف وراء إدخال شحنة حمولة الرمان إلي لبنان عبر نقطة المصنع الحدودية لحساب شركة وهمية تم تسجيلها باسم شخص توفي منذ عدة سنوات، فاستقرت في مستودعات تعرف باسم “كوكا كولا” في تعنايل، حيث جرى تفريغها من الشاحنات السورية ليصار بعدها مباشرةً إلى نقلها على متن شاحنات لبنانية وتزوير شهادة المنشأ الخاصة بها على أساس أنها لبنانية المنشأ وإرسالها إلى مرفأ الدمام باسم شركة وهمية لا وجود لأي سجل لها في غرفة التجارة في لبنان.

تزامناً، لفتت زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى قصر بعبدا صباح أمس مستعرضاً مع رئيس الجمهورية حالة الانهيار والتحلل التي أصابت الدولة، ليخرج على أثرها مفنداً الواقع المزري الذي بلغه البلد وأبناؤه تحت وطأة “الفقر والجوع وانعدام الاستقرار والتهريب الذي يشوّه وجه لبنان الذي أصبح معبراً للمخدرات ولتهريب حبوب الكبتاغون الى الخليج عبر السعودية”، مؤكداً أنّ “أجهزة الدولة مسؤولة”، ومتسائلاً: “أين هي أجهزة الرقابة؟ لا يمكن أن يشكل لبنان مركزاً للتهريب وتبقى حدوده الشرقية والشمالية مفتوحة دخولاً وخروجاً لذلك، كما رأينا بالأمس إلى السعودية وبعدها إلى اليونان”.

وإذ لفت إلى أنّ كل ما يعيشه اللبنانيون راهناً من انهيارات متتالية إنما هو نتاج “عدم تأليف الحكومة”، شدد الراعي على وجوب “أن تكون هناك حلول قريبة، خصوصاً وأن هناك تحركاً على أكثر من صعيد، فرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري زار مؤخراً الفاتيكان، وقبلها روسيا، وهذا التحرك يدلّ على ان هناك متابعة للموضوع”، مع تأكيده أنه “لا يجب عند تناول أي مشكلة إدارية أو قضائية أو مؤسساتية أن نلبسها وجهاً طائفياً”. كما تطرق البطريرك الماروني صراحة إلى مسألة التمرد القضائي مشيراً إلى أنه بحث مع عون في موضوع “القضاء واستقلاليته، وضرورة عدم حصول اي فراغ في هذا السلك، واجراء تشكيلات قضائية”، مع تشديده في هذا المجال على ضرورة “عدم إنتماء القاضي إلى أي فئة من الفئات، وعدم التدخل بشؤون القضاة”، مؤكداً رداً على سؤال أنّ “الفاتيكان وبكركي لا يهاجمان أحداً، بل هم يهاجموننا”.