IMLebanon

زيارة لودريان… رسالة الفرصة الأخيرة قبل العقوبات

كتب عمر البردان في “اللواء”:

زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان المقررة، اليوم إلى بيروت، لن تكون بالتأكيد كسابقاتها، بالنظر إلى الرسائل التحذيرية التي يحملها معه إلى الطبقة الحاكمة. بعدما بات محسوماً أن هناك عقوبات ستفرضها باريس على مجموعة من السياسيين اللبنانيين المتورطين في عملية تعطيل الحكومة، وأن هذا الموضوع قد وضع على الطاولة، بعدما ضاق الفرنسيون ذرعاً بالخفة التي يتعاطى بها المسؤولون اللبنانيون في عملية تشكيل الحكومة، بعد دخول تكليف الرئيس سعد الحريري شهره السابع، دون بروز مؤشرات حسية بإمكانية إحداث خرق في جدار الأزمة، من شأنها تقريب موعد الولادة الحكومية .

وتكتسب زيارة رئيس الدبلوماسية الفرنسية هذه المرة أهمية بالغة، بعدما أدركت باريس أن استمرار حالة المراوحة على الصعيد الحكومي، سيغرق لبنان أكثر فأكثر في أتون الفوضى والانهيار، مع تفاقم الأزمات الاقتصادية والمالية التي تهدد البلد بعواقب وخيمة إذا لم تشكل حكومة في أسرع وقت . واستناداً إلى المعلومات المتوافرة ل»اللواء»، فإن لودريان جاء ليقول للطبقة الحاكمة أن فترة السماح قاربت الانتهاء، وأن بلاده ستبادر إلى معاقبة معطلي تأليف الحكومة الذين أوصلوا لبنان إلى ما وصل إليه، وحتى لو لم يكن هناك إجماع أوروبي على العقوبات التي أصبحت أمراً واقعاً. بعدما حاولت باريس مراراً أن تتجنب هذه الكأس المرة، لكنها وجدت نفسها مرغمة على استخدامها ضد الذين وضعوا مصالحهم قبل مصلحة اللبنانيين الذين يواجهون ظروفاً بالغة الصعوبة لايمكن الخروج منها، إلا بعملية جراحية قيصرية، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه .

وإذا كان الوزير الفرنسي واستناداً إلى المعلومات المتوافرة، لن يدخل في التفاصيل المتعلقة بالأسماء المرجح معاقبتها، إلا أنه لن يتردد في التلميح إلى طبيعة الإجراءات العقابية التي ستلجأ إليها بلاده، بعدما باتت الأجواء مهيأة لها، حيث استنفدت المهل التي كان الفرنسيون منحوها للمسؤولين اللبنانيين من أجل التوافق على صيغة الحكومة الجديدة . وسيطلب لودريان وفقاً للمعلومات تعهداً حاسماً من القيادات اللبنانية التي سيلتقيها، بالتوافق على التشكيلة العتيدة في غضون أيام، تجنباً لتدابير موحعة سيتم اتخاذها ضد المعرقلين، في حال لم يبادروا إلى القيام بما هو مطلوب منهم، بصرف النظر عن عدم التوافق الأوروبي من هذا الموضوع حتى الآن . باعتبار أن  هناك خيارات عديدة مطروحة، قبل اتخاذ القرار بهذا الشأن . وإن كانت الترجيحات تشير إلى أن البداية ستكون بمنع المعاقبين من دخول الأراضي الفرنسية، ومن ثم الحجز على أموال المتهمين بالفساد منهم، إلى أن تتصاعد تدريجاً في مرحلة لاحقة، لكي يتحمل المعطلون المسؤولية .

وتشير المعلومات، إلى أن الوزير لودريان، سيعيد التأكيد على مبادرة بلاده لا تزال قائمة وصالحة للتطبيق، وبالتالي فإن الحكومة الفرنسية ستعمل على دعمها، وتوفير كل الفرص للقيادات اللبنانية من أجل إعادة إحيائها، والتزام بنودها الإصلاحية كافة، من أجل إخراج لبنان من مأزقه، وأن باريس لن تتوانى عن الاستمرار في دعم التوافق اللبناني على الحكومة الجديدة التي طال انتظارها، وهذا يفرض على اللبنانيين تجاوز المصالح الذاتية، من أجل المصلحة الوطنية، لأن الدعم الخارجي لن يؤتى ثماره، في حال لم يكن هناك استعداد داخلي لتهيئة مناخات التوافق، بتقديم تنازلات من أجل تجاوز العراقيل .

وينتظر أن تشمل لقاءات الضيف الفرنسي، أوسع مروحة من الشخصيات السياسية على مدى يومين، في محاولة منه لإيصال رسالة بلاده، بأنها لن تتهاون في تحميل المسؤولية للمعرقلين وبالأسماء، لكي يكون الرأي العام على بينة من الجهات التي تعطل عملية تأليف الحكومة، وتقف عائقاً أمام إخراج لبنان من أزمته التي تنذر بمضاعفات خطيرة لا يمكن التكهن بنتائجها، وإن كانت المعطيات المتوافرة لدى العارفين ببواطن الأمور، تشير إلى أن العهد لن يكون مستعداً لتقديم تنازلات للرئيس المكلف لمساعدته على تشكيل الحكومة، في وقت لفت ما قاله نائب رئيس تيار «المستقبل» الدكتور مصطفى علوش، من أن الرئيس الحريري قد يعتذر، إذا لم ينجح الوزير لودريان في مهمته، وهي المرة الأولى التي يتحدث فيها الفريق «الأزرق» عن الاعتذار .