IMLebanon

“الحزب” ووقائع المنطقة: تأجيل الاختيار بين الحريري وباسيل

كتب منير الربيع في “المدن”: 

ينحصر السجال اللبناني حول الأسباب المعطلة لتشكيل الحكومة، بتقاذف التهم بين رئيس الجمهورية وفريقه من جهة، ورئيس الحكومة المكلف من جهة أخرى. واللافت أن حزب الله يغيب بدوره وتأثيره غياباً كاملاً عن المداولات. رغم أن الطرفين يعتبرانه صاحب قرار أساسي في معادلة تشكيل الحكومة.

حزب الصمت والقرار

فرئيس الجمهورية وصهره يستندان على دعم حزب الله لهما. والرئيس المكلف لديه إشارة أساسية من الحزب إياه بأن ليس من خيار بديل عنه. وفرنسا في تهديداتها وتلويحاتها تتجنب أيضاً الإشارة إلى حزب الله أو تحميله أي مسؤولية. وعندما لوحت بالعقوبات لم تشر قط إلى حزب الله.

تفرض هذه الوقائع طرح سؤال أساسي على حزب الله. وهو سؤال وجهته إليه بعض الجهات المحلية والديبلوماسية، ويتركز على ضرورة الاختيار بين تشكيل الحكومة وبين بقائه على موقفه الداعم لرئيس الجمهورية وصهره.

وكان السؤل: في حال وصل الحزب إلى لحظة ضرورة الاختيار بين تشكيل الحكومة وإرضاء عون وباسيل، ماذا يختار؟ وكان جواب حزب الله أنه حريص كل الحرص على تشكيل الحكومة، للملمة الوضع ومعالجة تداعيات الأزمة. ولكنه في الوقت نفسه حريص على علاقته بالطرف المسيحي الحليف، ولا مجال لإزعاجه أو إحراجه. ويعني مضمون الجواب أن حزب الله يتجنب -حتى الساعة- الوصول إلى لحظة القرار النهائي المحرج إلى حدّ بعيد.

وهناك موقف الرئيس نبيه برّي المتحمس جداً لتشكيل الحكومة، والداعم لمطالب سعد الحريري ومساعيه في مواجهة مطالب ميشال عون. وتؤكد المعلومات أن برّي أبلغ حزب الله بذلك، وتلقى جواباً يفيد أن الحزب إياه لا يريد بديلاً عن الرئيس المكلف.

ماذا يخفي الحريري؟

لكن حزب الله يعتبر أن كل يوم يمرّ ولا ينجح فيه الحريري في تشكيل الحكومة يرتد عليه سلباً، فيما موقف عون لم ولن يتغير، والتطورات الإقليمية تبدو متسارعة، وقد لا تكون رياحها ملائمة لسفن الحريري.

من ذلك التقاطع السوري-السعودي، والسعودي–الإيراني. وحزب الله يتمسك بوجهة نظر تقول إن السعودية لا تريد للحريري أن يشكل الحكومة. ولو أقدم سابقاً على تشكيلها لكان نجح في فرض نفسه، ومن الصعب إزاحته. أما حالياً فإن أموره قد تتعقد أكثر فأكثر. وإذا كانت معادلة سين-سين هي التي فرضته سابقاً رئيساً للحكومة، فإنها قد تنقلب ضده هذه المرة.

ويرى حزب الله أن الحريري أخطأ في عدم لقائه جبران باسيل، وحمّل الأمر أكثر مما يستحق. كان يمكنه أن يلتقيه ويفضّ المشكلة، فلا يمنحه ورقة التعطيل، ولا يفشل الفرنسيون بسبب رفضه تلبية دعوتهم إياه للقاء باسيل.

ويرى حزب الله أن هناك قطبة مخفيّة خلف موقف الحريري، هي التي تمنعه من لقاء باسيل، والإقدام على تشكيل الحكومة. وغالباً ما يحيل حزب الله أزمة التشكيل إلى الأسباب الإقليمية والدولية. بينما يعتبر خصومه وجهات كثيرة في الخارج أنه هو لا يريد حسم خياره أو قراره، في انتظار ما يجري في الإقليم. وينفي حزب الله ذلك، ويعتبر أن تطورات الإقليم تصب في صالحه. وهذا ما يشدد عليه أمين عام الحزب دوماً، وقاله أخيراً.

ما يحدث في الإقليم

وترى مصادر ديبلوماسية أن كلام نصر الله حول ضرورة التسوية وتشكيل الحكومة واستباق الأحداث، يندرج في سياق الخطابات الجيوستراتيجية التي يركز نصر الله عليها في هذه المرحلة. والتطورات الحاصلة لا تُظهر اهتماماً جدياً بالأزمة اللبنانية.

وتحدث نصرالله سابقاً عن تشكيل حكومة تكنوسياسية، ولمّح للحريري بأن يعتذر في حال لم يكن قادراً على التشكيل. أما بعد بروز مبادرة وليد جنبلاط، فقد تلقفها نصرالله ودعا اللبنانيين إلى التعاطي معها بجدية والذهاب لتشكيل الحكومة. لكنه في الحقيقة والواقع لم يفعل أي شيء لتسهيل التشكيل.

ويرد حزب الله على هذا الكلام بالقول: نحن لا نضغط على حلفائنا. وأكثر من مرة طلبنا من باسيل التسهيل والتعاون، لكنه أصر على موقفه. المشكلة أبعد من ذلك، ولا بد من النظر إلى ما يجري في الإقليم، وإلى ما يقوم به الحريري: إما الثبات على موقفه، وإما الاعتذار، وإما المبادرة إلى تقديم تنازل.