IMLebanon

الجامعة اللبنانية تلفظ أنفاسها: هل تُجرى الامتحانات؟

كتبت فاتن الحاج في “الاخيار”:

تهاوي سعر صرف الليرة أطبق على ما تبقى من الجامعة اللبنانية: عجز تام عن تنظيم مناقصات وشراء مستلزمات وصيانة معدات وتسديد عقود مصالحة للمتعاقدين والمدربين، وفي ضوء ذلك كله «استعدادات» لامتحانات ليس معروفاً ما إذا كانت الجامعة قادرة أساساً على إجرائها.

مع عزوف الشركات التي تتعامل مع الجامعة اللبنانية عن تسليم الأخيرة «البضاعة» التي تحتاجها، كالقرطاسية والأوراق والحبر والأجهزة الإلكترونية وغيرها من المستلزمات، على خلفية تذبذب سعر صرف الدولار، تبدو كليات الجامعة غير جاهزة لإجراء الامتحانات المقررة في حزيران المقبل.

مصادر في «اللبنانية» لفتت إلى أن الجامعة استخدمت العام الماضي أوراق مسابقات قديمة لطباعة أسئلة مسابقات الامتحانات. وشكّكت في جهوزية الكليات لاستقبال الطلاب وفي القدرة المادية لهؤلاء على الانتقال إلى جامعتهم وإجراء امتحاناتهم، إضافة إلى أسئلة حول قبول الأساتذة بمراقبة الامتحانات إذا كانت قيمة أجر ساعة المراقبة تقلّ عن سعر صفيحة بنزين، علماً بأن هؤلاء لم يقبضوا بعد مستحقات المراقبة والتصحيح عن العام الدراسي الماضي.

القرطاسية وأوراق الامتحانات والإفادات ليست كل أزمة الجامعة اللبنانية. القحط المالي و«تقزيم» الموازنة أطبق على أنفاس هذه المؤسسة ويكاد يُجهز عليها بعدما أثّر في كل تفصيل فيها. «العتمة» وغياب الإنترنت وانقطاع خطوط الهاتف أمور «مألوفة»، خصوصاً في الكليات خارج حرم الحدث الجامعي، إما لأن لا مازوت لـ «الموتور» أو لأنه معطّل وتتعذّر صيانته لعدم القدرة على دفع ثمن قطع الغيار «كاش». ما يحصل للمولدات ينسحب على معدات التصوير والمكيّفات التي تتوقف بمجرد أن يطرأ أي عطل فيها ويصبح تصليحها مستحيلاً.
من المشاهد «المألوفة» أيضاً مناقشة أطروحة الدكتوراه من خلال أوراق يوزعها الطالب على أعضاء اللجنة المشرفة، وليس بواسطة «البروجكتور»، لأن موعد المناقشة عادة بين العاشرة صباحاً والثانية بعد الظهر، حيث تكون الكهرباء مقطوعة.

وفي عز الأزمة الوبائية، تفتقد كليات كثيرة، منذ أيلول الماضي، إلى عمال نظافة وحراس ليليين، بعدما اشترط مكتب التفتيش في الجامعة أن يكون العمال لبنانيين، ما أدى إلى صرف بعض العمال الأجانب، فيما غادر قسم منهم بعد انخفاض قيمة أجورهم التي لا تتجاوز 500 ألف ليرة شهرياً.

وحدهم الموظفون الإداريون يداومون، وبعض هؤلاء يشترون مواد التعقيم وأحياناً أدوات التنظيف على نفقتهم الخاصة، لأن الكلية غير قادرة على تأمينها لهم. تؤكّد إحدى الموظفات «أننا نحضر إلى الجامعة في كل أيام العمل، رغم الواقع الصحي والاقتصادي، وليس 50 في المئة بحسب قرار مجلس الوزراء، بحجة أن عددنا قليل، وإذا جرى تقسيمنا يتعذر تسيير المرفق العام. كما لم يُطبّق التعميم الذي صدر بشأن التحاق الموظفين بفرع الكلية القريب من المنزل للتخفيف من أعباء الانتقال، إذ إن العميد يطلب في كل مرة موظفاً بديلاً للموظف الذي ينتقل إلى الفرع الآخر». ولفتت إلى أن الموظفين الذين يصابون بكورونا يجرون فحص الـPCR على حسابهم الخاص، رغم أن الفحص يجري في الجامعة!

تراجع سعر صرف الليرة هو ما أحدث «زلزالاً في الجامعة»، كما قال رئيسها فؤاد أيوب، «خصوصاً أننا قبل الأزمة وضعنا استراتيجيتنا الإدارية والمالية وفقاً للموازنة المرصودة للجامعة ومن دون انتظار مساعدة من أي جهة. اليوم لم يعُد بمقدور المديرين وأمناء السر تقدير قيمة السلف التي يطلبونها بالليرة اللبنانية، إضافة إلى عزوف كل الشركات عن المشاركة في أي مناقصة تجريها الجامعة». يؤكد أيوب «أننا نحاول أن نبحث عن حلول، فقد طلبنا مثلاً نقل اعتماد من احتياط الموازنة يغطي تكاليف الامتحانات مع مراعاة زيادة 5 آلاف طالب عن العام الدراسي الماضي واعتماد سعر السوق 12200 ليرة مقابل الدولار».

وعزا عدم تطبيق قرار مجلس الوزراء بحضور 50% من الموظفين واعتماد المداورة إلى «النقص الكبير في عدد الموظفين (هناك حاجة إلى 2303 موظفين بحسب المراسيم فيما احتياجات الجامعة أكثر بكثير)، فضلاً عن تراكم المعاملات الإدارية نتيجة جائحة كورونا». أيوب لفت إلى أن تطبيق المداورة مع بداية الجائحة لم ينجح، «وسنعتمدها مجدداً شرط تأمين حضور موظفين يومياً إلى القسم إلى جانب رئيس القسم، علماً بأن المداورة تكون بالموظفين وليس إقفال الكليات 3 أيام وفتحها يومين كما حصل سابقاً». وأشار، حول غياب عمال النظافة، إلى أن إدارة الجامعة «التزمت تطبيق القانون الذي يشترط أن تكون نسبة العمال اللبنانيين 50 في المئة وحصر التوظيف بالعمال اللبنانيين والفلسطينيين والسوريين، كما أخذت بتوجيهات مكتب التفتيش الذي كشف تنفيعات في هذا الملف، أما غياب الحراس فسببه عدم إجراء مناقصات».