IMLebanon

زيارة لودريان أعطت إشارة الإنطلاق بالعقوبات

كتب عمر البردان في “اللواء”:

يشكل الأسبوع الحالي مناسبة لاستعادة الحراك المطلبي زخمه وبقوة، حيث من المنتظر أن يحدد الاتحاد العمالي العام في جلسة يعقدها، اليوم، خطة تحركه، في إطار الاحتجاجات التي ستعم مختلف المناطق اللبنانية، رفضاً لاستمرار التردي الاجتماعي والحياتي الذي فاق كل الحدود، وفي سياق ممارسة الضغوطات على المعنيين بعملية تأليف الحكومة، للإسراع في إنجاز هذه المهمة التي لا يبدو أن هناك إمكانية لحصول هذا الأمر، مع اشتداد حملة رئيس الجمهورية ميشال عون على الرئيس المكلف سعد الحريري الذي قيل أنه مدد إجازته في الخارج. وهذا يعطي انطباعاً واضحاً بأن لا أحد مستعجلاً على ولادة الحكومة، فيما اللبنانيون الذين أنهكتهم المعاناة، غارقون في بحر أزماتهم ومآسيهم، دون أن تلوح أي بارقة أمل بإمكانية تجاوز المأزق في وقت قريب، طالما بقيت المواقف على حالها.

وفي الوقت، يمر لبنان في أصعب مرحلة من تاريخه، ومحاصراً هذه المرة بعقوبات، فرضها الأميركيون على «حزب الله»، في حين تتجه فرنسا والمجموعة الأوروبية إلى السير بعقوبات ضد المتهمين بتعطيل تشكيل الحكومة، وهو الأمر الذي يحاول الرئيس عون تلافيه من خلال الاتصالات التي يقوم بها، وهذا سيزيد بالتأكيد من معاناة اللبنانيين الذين أضحوا أمام منعطف بالغ السوء، مع تزاحم الملفات الساخنة التي ترخي بثقلها على واقع الشعب اللبناني، من عتمة الكهرباء التي تتهدد اللبنانيين، على وقع ارتفاع الدولار الأميركي في السوق السوداء، وسط ترقب لما سينجم عن إطلاق منصة مصرف لبنان، مقابل الانهيار المتواصل في قيمة العملة اللبنانية، الأمر الذي فاقم من معاناة الشعب اللبناني، على نحو غير مسبوق.

وفيما أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية, أن «الاتحاد الأوروبي يعمل على آلية تسمح بالضغط على مسؤولين لبنانيين يُعيقون تشكيل الحكومة»، كشفت المعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، أن «العقوبات على معطلي تأليف الحكومة أصبحت أمراً لا مفر منه، بحيث يمكن القول أن زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان الأخيرة إلى بيروت، قد أعطت إشارة الانطلاق للسير بهذه العقوبات، وحتى لو لم تحظ بموافقة أوروبية، باعتبار أن باريس وصلت إلى قناعة بأنه بات من المحتم اللجوء إلى هذه العقوبات، للرد على معرقلي تشكيل الحكومة اللبنانية الذين يتحملون مسؤولية وصول الأوضاع في لبنان إلى ما وصلت إليه من ذل ومهانة تتحمل مسؤوليتهما الطبقة السياسية الحاكمة، في حين تشير المعلومات إلى أن «العقوبات التي فرضتها الإدارة الأميركية الجديدة ضد أركان النظام المالي في «حزب الله»، تؤكد استمرار النهج الأميركي العام في ممارسة المزيد من الضغوطات لتجفيف منابع الحزب المالية، دون أن يعني ذلك أن هذه العقوبات موجهة ضد الشعب اللبناني».

وإزاء ما تقدم، يبدو لبنان أمام احتمالات وسيناريوهات شتى، لا يبدو أن أحدها كما ظاهر حتى الآن، يحمل مؤشرات لانفراجة حكومية موعودة، مع انسداد مخارج الحلول، داخلياً وخارجياً. وهذا من شأنه أن يفاقم المعاناة التي يرزح تحت وطأتها اللبنانيون، فيما العين شاخصة إلى تطورات العدوان الصهيوني على مدينة غزة ومدن فلسطينية أخرى، وما يمكن أن تتركه من تداعيات على جبهة الجنوب اللبناني التي يسودها الحذر الشديد، في ظل انتشار الجيش اللبناني وقوات «يونيفيل» على طول الخط الأزرق، للحؤول دون حصول أي خروقات، من شأنها أن تقود إلى ما لا تحمد عقباه. وإن كانت المعطيات المتوافرة من مصادر عديدة، لا تتوقع بخروج الأمور عن السيطرة في الجنوب، لأن جميع الأطراف تتجنب حصول مواجهة عسكرية، قد تطيح بكل شيء وتفتح الأبواب أمام دخول لبنان والمنطقة في مغامرة عسكرية لا يمكن التكهن بنتائجها.

لكن في الوقت نفسه، فإن المصادر تحذر من أي انزلاق إلى متاهات غير محسوبة العواقب، قد تدخل اللبنانيين في نفق بالغ الظلمة، في ظل أوضاع كارثية لا تتحمل أي نوع من هكذا مغامرات، لن ينجو منها أحد، في ظل ارتفاع وتيرة التهديدات الإسرائيلية للبنان الذي لا قدرة له مطلقاً على الدخول في مواجهة عسكرية مع أحد.