IMLebanon

رسالة عون.. مسار المناقشة رهن المشاورات

كتبت هنادي السمرا في “اللواء”:   

كما كان متوقعاً، امتص رئيس مجلس النواب نبيه بري الصدمة الاولى لرسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى مجلس النواب، حول التأخّر الحاصل في عملية تشكيل الحكومة، والتي اتهم فيها الرئيس المكلف سعد الحريري بالعجز عن التشكيل وعرقلة عمل المؤسسات الدستورية واعتماد سياسة انا المؤلف الوحيد دون الاخذ بالاعتبار مقولة التوافق مع رئيس الجمهورية، واكتفى بتلاوة الرسالة خلال الجلسة التي عقدت في قصر الاونيسكو، بعد ان تبين ان الرسالة لم توجه بواسطة رئيس المجلس بل الى المجلس مباشرة، ما يعني الزامية الاكتفاء بتلاوة الرسالة وثم رفع الجلسة الى جلسة ثانية لمناقشتها – وهو ما حصل حيث حدد بري جلسة للمناقشة اليوم عند الثانية ظهرا رغم ان اليوم هو يوم عطلة برلمانية – وعقدت الجلسة بعد مشاورات ليلية وصباحية قام بها بري مع الكتل النيابية والرئيس الحريري خلال لقائه قبيل انعقاد الجلسة، علما ان الحريري حضر من الخارج امس الاول مساء، استعدادا لما قد تحمل الجلسة من متغيرات، كما حضر النائب جبران باسيل (الا ان التباعد السياسي بين الرجلين بدا واضحا من خلال التباعد في اماكن الجلوس اولا وبين عدم المصافحة او السلام او الكلام )، بعد اصرار من كتلتي المستقبل والتيار الوطني الحر، على المناقشة الفورية، الا ان رئيس المجلس سعى من خلال تأجيل الجلسة الى محاولة استكمال المشاورات بهدف الوصول الى الحد الادنى من الخطاب الهادئ وغير المتشنج، في ظال معلومات ان الحريري اعد العدة لكلمة «مبكّلة» يرد فيها على كل ما حملته رسالة عون من «مغالطات واتهامات بالتواريخ والاسماء والدلائل»، وهو كان رد عليها بالقول « للحديث صلة في البرلمان»، فيما حضر باسيل لكلمة حسب اوساطه «مدوية يفند فيها مسار عملية التشكيل».

وتأتي خطوة بري وسط توصيفات مسبقة للرسالة الرئاسية، بالإنقلاب على الطائف او فتح باب المواجهة، طائفيا وسياسيا على مصراعيه، وسط الالغام التي يمر بها البلد، والتي لا تحمل المزيد من السقطات.

ورغم ان النقاش اليوم قد يأخذ اكثر من احتمال واكثر من منحى،  بين التجاذب المباشر وبين من قد يلجأ في حال الضرورة الى تطيير نصاب الجلسة،  فان اطفائية رئيس المجلس حاضرة في كل الاحوال حسب مصادره، ولن تترك الحريق يأخذ الاخضر واليابس بل للخروج من قصر الاونيسكو باقل الاضرار الممكنة، وقد تكون الصيغة – رغم مطالبة رئيس الجمهورية باتخاذ القرار او الإجراء او الموقف المناسب من  المجلس – فان المجلس سيد نفسه (وهذه الرسالة ليست الاولى من قبل عون الى المجلس الاولى حول المناصفة والمادة 95 من الدستور ولم تعقد الجلسة بسبب انتفاضة الشعب والثانية حول التدقيق الجنائي واعادها المجلس الى الحكومة كصاحبة اختصاص من خلال توصية تطالبها بتطبيق القوانين الكثيرة التي لم تنفذها رغم اقرارها في البرلمان)، ومن الممكن ان يصدر موقف او  توصية الى الافرقاء المعنيين بضرورة تسريع التشكيل رحمة بالبلاد والعباد، حيث ان اي تصرف آخر يحاول البعض التهليل له من خلال سحب تكليف رئيس الحكومة دونه مطبات وعراقيل دستورية اولا، وطائفية وسياسية، وقد يذهب البعض الى الرد على من يطالب بهذا الامر الى مساواته بمطلب استقالة رئيس الجمهورية، او بالتلويح بتعديل الدستور وهو ايضا ليس متاحا طالما ان اكثرية الثلثين المطلوبة دستوريا لذلك غير مؤمنة، كما هو الجو السياسي.

وان كان البعض الاخر، يحاول التقليل من وقع مضمون الرسالة بالقول انها «في اطار الحث على تحريك الجمود الحاصل في عملية التشكيل».

علما ان عدد من الكتل بدأ منذ الامس بتسجيل الاسماء للكلام خلال المناقشة، وان كانت الارجحية لاختصار الكلمات بكلمة لنائب عن كل كتلة، بما يخفف احتمال المواجهة ويسرع الجلسة.

الجلسة الخاطفة

عقدت الجلسة عند الثانية من بعد الظهر في قصر اليونيسكو برئاسة رئيس المجلس نبيه بري، لتلاوة الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية، حضر الجلسة الرئيس الحريري، وتغيب عنها بعذر كل من النواب ابراهيم الموسوي قيصر المعلوف ومصطفى الحسيني.

في مستهل الجلسة دعا بري الى الوقوف دقيقة صمت عن روح النائب السابق حبيب حكيم. ثم طلب من المدير العام للجلسات رياض غنام تلاوة نص الرسالة.

بعدها مباشرة، رفع بري الجلسة الى الثانية من بعد ظهر اليوم السبت لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية، دون ان يفسح في المجال امام اي مداخلات نيابية.

مواقف الكتل بعد الجلسة

الكلام الذي غاب عن الداخل، تظهر في بهو قصر الاونيسكو، حيث اكد معاون الرئيس بري، النائب علي حسن خليل ان «اتصالات التهدئة لم تفشل»، متوقّعا «صدور موقف من مجلس النواب وليس قرارا او توصية».

وقال عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار «اليوم ستكون هناك كلمة للحريري، ورئيس مجلس النواب يلعب دور الاطفائي ودوراً مهماً في احتواء التشنّج والتعنت من قبل فريق رئيس الجمهورية. وما حصل اليوم هو في صلب النظام الداخلي للمجلس».

من جهته، أشار عضو «تكتل لبنان القوي»  النائب ماريو عون الى ان «رئيس مجلس النواب أجّل جلسة المناقشة لاحتواء التشنّج ولدراسة مضمون الرسالة بهدوء أكثر ومن الممكن أن تكون الكلمات غداً أقلّ حدّةً من اليوم».  بدوره، اعتبر عضو «كتلة التنمية والتحرير» النائب ياسين جابر «انه وفق النظام الداخلي جرى تأجيل هذه الجلسة وتمت تلاوة الرسالة، والبلد بحاجة لتهدئة النفوس والتوافق على الخروج من الأزمة».

أما عضو «تكتل لبنان القوي» رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان فلفت الى «ان هدف رسالة الرئيس عون تحريك الوضع الحكومي المأزوم لإخراج البلاد من حالة انعدام الوزن وهذا أهم ما يجب ان تخلص اليه المناقشات النيابية اليوم».

واعلن رئيس ​لجنة الادارة والعدل عضو «تكتل الجمهورية القوية»​ النائب ​جورج عدوان​، ان «الرسالة التي بعثها ​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​ الى ​مجلس النواب​ ليست مخالفة للأصول بتاتاً ومن حق عون ان يوجه الرسالة»، ولكن اكد «ان لا حل للخروج من الازمة الا بانتخابات نيابية مبكرة طالما ان ذهنية الاكثرية الحاكمة لم تتغير».

كما بيّن عدوان ان «القوات اللبنانية لم تتهجم بتاتاً على النازحين السوريين ومن المفروض على النازح ان يحترم شعور البلد وتصرف البلد وقوانينه»، مشيراً الى ان «ما حصل خلال الانتخابات امس يفتح الباب امام الدولة اللبنانية على ان تعمل بهدوء لإعادة النازحين الى ديارهم، والعنف حصل بعد تصرفات بعض السوريين، ولا يجب ان ننسى ان بعض الناس في لبنان دفعوا ثمناً كبيراً من الوصاية السورية».

وقبل الجلسة، قال النائب آلان عون: «النظام الداخلي يطرح أن الرسالة يجب أن تُناقش وليس فقط أن تُقرأ وإدارة الجلسة ملك الرئيس بري وأنا لا يمكن أن أجزم ما سيحصل». واضاف: «الرئيس عون عند وصول عمليّة التشكيل إلى حائط مسدود وعند انقطاع التواصل أرسل هذه الرسالة كي تدخل الكتل النيابية إلى هذا النقاش لأنّها معنيّة أيضاً»، مشيرا الى «ان الخطوة المقبلة ستُؤخذ على أساس ما سيحصل اليوم (امس)،  وهذه المحطة للنقاش في ظلّ الأزمة التي يمرّ بها البلد»، واردف «الرئيس عون عند وصول عمليّة التشكيل إلى حائط مسدود وعند انقطاع التواصل أرسل هذه الرسالة كي تدخل الكتل النيابية إلى هذا النقاش لأنّها معنيّة أيضاً».

في المقابل، قال عضو «كتلة المستقبل» النائب هادي حبيش: «لا يوجد شيء في الدستور إسمه سحب التكليف ويحق لرئيس الجمهورية إرسال رسالة ونحن نختلف معه في مضمونها وبرأينا المسؤولية تقع على من عطّل التأليف».

من جهته، أكد عضو «كتلة التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم «ان مجلس النواب غير مسؤول عن تشكيل الحكومة إذ بحسب الدستور هناك فصل للسلطات، والمجلس سيقوم بدوره في مناقشة الرسالة التي قد تكون عامل حضّ  للمعنيين بالإسراع في تشكيل الحكومة».