IMLebanon

شربل وهبة “المهرّج”… ولسانه الإيراني

كتب فاروق يوسف في العرب اللندنية:

جاءت تصريحات وزير الخارجية اللبناني المستقيل شربل وهبة المعادية للعرب بشكل عام ولدول الخليج بشكل خاص متزامنة مع العدوان الإسرائيلي على غزة وإن كانت تعبر بشكل فج ووقح وصلف عن مواقف مستترة، كان لبنان الرسمي قد اتخذها في أوقات سابقة مختلفة من أجل التغطية على حزب الله ومن ورائه إيران. وكانت تلك المواقف تظهر على العلن في اجتماعات الجامعة العربية حيث كان لبنان يشذ دائما عن الإجماع العربي.

لم تلم السعودية أو أي دولة خليجية أخرى الرئيس اللبناني ميشال عون على الابتذال الذي يمارسه تياره السياسي الذي يقوده صهره جبران باسيل حين يتعلق الأمر بالدفاع عن إيران ونفوذها في لبنان وعن سلاح حزب الله في خروج واضح على مسلمات الدولة التي يُفترض أن عون هو رئيس الجمهورية فيها.

كان واضحا أن عون الذي فرضه حزب الله رئيسا على إجماع لبناني يعارضه لا يملك سوى أن يكون تابعا صغيرا لحزب الله بالمعنى الذي يحطّم صورة الرئيس المحايد الذي يقف على مسافة واحدة من جميع الفرقاء السياسيين.

عون رجل ميؤوس منه على مستوى عربي غير أن السعودية لم تضع في الاعتبار تلك الحقيقة حين عبّرت في أكثر من مناسبة عن وقوفها مع اللبنانيين وبالأخص على مستوى اقتصادي، ولو كان لبنان الرسمي متفاعلا مع السعودية بطريقة إيجابية شفافة على الصعيد الاقتصادي لما سقط في هاوية لا قرار لها من الانهيار المالي.

لقد انفتحت السعودية على مختلف التيارات السياسية وكانت تتعامل مع الجميع بالأسلوب نفسه قبل أن يتمكن حزب الله من فرض هيمنته على الدولة. الأمر الذي شكل عامل تأثير على ثقة الآخرين بلبنان بعد أن صار ملحقا بالدويلة ولم يعد التعامل معه حرا ومفعما بنزاهته وانسيابية أفكاره ووسائله وأساليبه.

صار كل شيء مقننا حسب التوقيت الإيراني. لذلك فضلت السعودية الانسحاب في انتظار أن يجد اللبنانيون حلا لمشكلتهم التي قد تكون أكبر من قدراتهم الراهنة.

السعودية انفتحت على مختلف التيارات السياسية وكانت تتعامل مع الجميع بالأسلوب نفسه قبل أن يتمكن حزب الله من فرض هيمنته على الدولة

أعود إلى الانتحاري شربل وهبة وأقول إن الرجل لم يضلله أحد وهو ليس مغفلا في موقفه الغبيّ والتافه الذي لا يستحق الكثير من الاهتمام لولا أن ذلك الموقف جاء متزامنا مع حرب غزة. وهو أمر يجب النظر إليه بدقة وحذر وروية. فإن كان حزب الله قد حُرم هذه المرة من فرصة إطلاق الصواريخ على إسرائيل وهي الفرصة التي سُمح لحركة حماس وهي المنافسة له على الحضن الإيراني باستغلالها، فإن لبنان الذي لا ينزعج رئيسه لو سمع الآخرين يتحدثون عنه باعتباره مقاطعة إيرانية لا بد أن يقف على المستوى نفسه الذي وقفت عنده حركة حماس أمام الولي الفقيه ليؤدي مراسيم الطاعة.

فإذا كان حزب الله قد تعلم الكثير من درس حرب عام 2006 فلا بأس اليوم من أن يقف لبنان من خلال واجهته الدبلوماسية على الجبهة حيث الحرب المستعرة بين إسرائيل وحماس هي في حقيقتها حرب بين إسرائيل وإيران وليس لأحد أن يقول غير ذلك.

علينا هنا أن نتذكّر هجوم الحوثيين من الجنوب والميليشيات العراقية من الشمال. لذلك لا يمكن اعتبار تصريحات الوزير وهبة مجرد محاولة إيرانية لجس نبض السعودية. فالمملكة عُرفت بردود أفعالها المتزنة والرادعة وغير العشوائية. والرجل باعتباره موظفا معتقا بالخارجية يعرف ذلك جيدا. لذلك فإن هجومه على السعودية ودول الخليج كان مبرمجا في سياق هجوم إيراني وُضعت فلسطين عنوة عنوانا له، وكان المقصود به في الأساس أن تكون السعودية هي العدو المقصود.

ربما سعت إيران إلى التغطية على حربها في غزة بافتعال حرب دبلوماسية مع السعودية، قرر الوزير العوني أن يكون ضحيتها المنتفعة. فمن أجل أن يُشتَت النظر في ما يتعلق بحقيقة ما يجري في غزة كان ضروريا أن تفقد السعودية إمكانية المبادرة لاتخاذ موقف مؤثر في تطور الأحداث في غزة من خلال انشغالها بهجوم لم تكن تتوقعه من دولة لطالما تمتعت بالأفضلية بالنسبة إلى مزاجها السياسي.

إن تحييد السعودية في الصراع العربي الإسرائيلي هو هدف إيراني عملت من أجل تكريسه كل التنظيمات التابعة عقائديا وتمويلا لإيران. وفي ذلك يتساوى حزب الله وحركة حماس. لعبة دخل إليها شربل وهبة بقوة لبنان الدولة الضعيفة المستضعفة من قبل حزب الله فكان عليه أن يكون لسانا لإيران لا في ما يتعلق بما يجري من أحداث مباشرة فحسب بل وأيضا تعبيرا عن العداء الفارسي المتأصل للعرب.