IMLebanon

مخدّرات بمضخّات مياه إلى المملكة: من يتجرّأ على التهريب بدون خوف؟

ملف ضبط التهريب وعودة تصدير الخضار والفواكه الى السعوديّة، حضر في اللقاء الذي عقد امس بين وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال العميد المتقاعد محمد فهمي والسفير السعودي في ‫لبنان وليد بخاري في مقر إقامة الاخير في اليرزة، وقد جرى خلاله عرض أبرز المستجدات السياسية الراهنة في لبنان والمنطقة بالإضافة الى الشؤون ذات الاهتمام المشترك.

وتحدث فهمي لـ”نداء الوطن” عن اجواء ايجابية تبلغ نسبتها 80 في المئة في شأن معالجة القرار السعودي بمنع دخول المنتجات الزراعية اللبنانية، لافتاً الى ان العمل مستمر بين السلطات اللبنانية والسلطات السعودية لمعالجة ما تبقّى من نقاط عالقة، معرباً عن أمله في أن تتظهّر النتائج الايجابية في غضون اسبوع او اسبوعين على أبعد تقدير.
وكان الوزير فهمي عقد، وبناء على طلبه، اجتماعاً في مكتبه بالوزارة مع المدير العام لادارة المناقصات جان العلية، للبحث في الاجراءات التي يجب اتباعها في مناقصة آلات “السكانر” في جميع المرافق والنقاط الحدودية، والتي أتت بناء لتوجيهات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في إطار مكافحة التهريب.

وشدد الوزير فهمي على “ضرورة ان تخضع كل المناقصات للشفافية التامة والكاملة، وان تتبع للمراقبة الدقيقة تحت سقف القانون”، متمنياً “عدم السماح بحصول اي ضغوطات من اي كان في هذا الخصوص”.

ما قاله فهمي لـ”نداء الوطن” كان قبل أن يتم اكتشاف تهريبة جديدة إلى السعودية. فبعد الظهر كشف وزير الداخلية في الحكومة المستقيلة عن تهنئة وجهها إلى القوى الأمنية والمديرية العامة للجمارك في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، لاكتشافهم كميات ضخمة من حبوب الكابتاغون مهربة بطريقة احترافية داخل مضخّات مياه تعمل على الطاقة الكهربائية، وموضبة داخل أقفاص خشبية محكمة الإغلاق لإبعاد الشبهات وكانت مرسلة إلى الدمام في المملكة. فهمي لم يكشف عن الطريقة التي تم فيها اكتشاف المخدرات. ولكن على ما يبدو من خلال الصور وطريقة قصّ المضخات بواسطة “صاروخ” كهربائي من المحتمل أن تكون هناك معلومات من مخبرين أدت إلى هذا الإكتشاف. وإلا لما كان من الممكن من خلال الكشف النظري معرفة ما يوجد في هذه المضخات.

إكتشاف هذه التهريبة الموضبة بشكل جيد وبعيد من الشبهات لا يختلف كثيراً عن الطريقة التي كان يتم فيها تهريب مخدرات ضمن براميل تحتوي على كسر حديد، مضغوطة على ماكينات كبيرة وقوية لا تتوفر إلا في معامل صهر الحديد ولا يمكن أن يشتريها شخص لوحده. وهي ما كانت لتكتشفها القوى الأمنية من دون توفر معلومات من مخبرين.
هذا الأمر يدعو إلى التساؤل عن سبب عدم القدرة سابقاً على الكشف عن هذه التهريبات التي كانت تسلك خطوطا آمنة ومؤمنة. بحيث أن المهربين في لبنان وفي السعودية لم يكن لديهم أي خوف تقريباً من الوقوع في قبضة الأجهزة الأمنية لا في لبنان ولا في السعودية. ذلك أن رحلة الأمان كانت تتطلب تأمين الخط من مكان الإنطلاق إلى نقطة الوصول. وكما يظهر من خلال هذه التهريبة ومن خلال التهريبات السابقة خصوصا تهريبة مرفأ صيدا، فإنها ليست من فعل أشخاص وهواة بل من فعل محترفين وعصابات منظمة تستطيع أن تشتري تغطية أجهزة أمنية، وتحتاج إلى عدة كاملة منظمة لبناء شبكة التهريب وللتمكن من توضيب المخدرات بطرق احترافية لا يمكن أن تثير الشكوك. فمثل كمية الرمان التي تم ضبطها سابقاً تحتاج العملية إلى يد عاملة وإلى مخازن وإلى أكثر من محطة تعبئة وتخزين، وبالتالي إلى عدد كبير من الأشخاص الذين لا يمكن شراء سكوتهم بسهولة.

ومثل هذه التهريبة في مضخات المياه، كما في براميل صيدا، لا يمكن لأي كان أن يصنع مثل هذه المضخات وأن يفرغها من محتوياتها ثم يحشوها بالحبوب، ويعيد جمعها وتوضيبها وكأنها جديدة لا خدوش عليها ولا إشارات توحي بالعبث بها. وبالتالي ثمة سؤال عما إذا كانت طريقة الأمان التي كان يتم العمل من خلالها قد انتهت؟ وبالتالي هل كانت تتوفر سابقاً معلومات عن عمليات التهريب ولا يتم التعاطي معها بجدية؟

واللافت في هذه القضية أنه على رغم الإثارة الإعلامية والسياسية للتهريب من لبنان إلى السعودية بعد تهريبة الرمان، وعلى رغم حث الأجهزة الأمنية على الإنتباه والرقابة المشددة على كل ما يتم تصديره من لبنان إلى السعودية، فعلى ما يبدو هناك من يتجرأ على الإستمرار في مثل هذه الأعمال وكأنه غير عابئ بكل التركيز الحاصل على هذا الموضوع. فمن يستطيع أن يتجرأ إلى هذا الحد؟ هل مجموعة أشخاص أم مجموعة أشرار وعصابات منظمة؟
لا شك في أن اكتشاف تهريبة الرمان كان يجب أن يقود إلى جهات متورطة في هذه العملية. المسألة لا يمكن أن تنحصر في مسؤولية من نقل الشحنة من سوريا إلى لبنان. ثمة متورطون أكثر في شبكة أكبر. ولا شك في أن الكشف عن تهريبة الموتورات يجب أن يقود إلى الرؤوس المخططة والمدبرة والحاشية والناقلة والمصنعة، والتي كانت ستستقبل هذه الشحنة في المملكة وتتولى توزيعها. إذا لم يحصل مثل هذا الأمر وتتساقط الرؤوس فهذا يعني أن الشبكة التي تدير عمليات التهريب أقوى من الأمن ومن وزير الداخلية.

بعد هذا الكشف هل يبقى الوزير محمد فهمي على قناعة أن 80% من المشكلة مع السعودية قد تمّ حلها؟ وهل تعتبر السعودية أن لبنان يقوم بما عليه وأنه سيتسمر في المراقبة المشددة، أم أن هذا الكشف ستكون له انعكاسات كارثية، بحيث توقف المملكة استيراد المواد المصنعة من لبنان بعد وقف استيراد الفاكهة؟