IMLebanon

الراعي “فعل ما بوسعه”: “إقلعوا شَوْككُم بأيديكُم”

خدم “تيار المستقبل” رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل “خدمة العمر” بالحملة الشعواء التي شنّها على رئيس الجمهورية، فقدّم له طوق نجاة انتشله من وراء قضبان قفص “التعطيل” الذي أطبق عليه خلال الساعات الأخيرة، بعدما ثبت بـ”الوجه الشرعي” للداخل والخارج أنّ باسيل يوصد أبواب الحلول الحكومية بإجهاضه الصريح لمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، فجاءت حملة “المستقبل” بما نضحت به من إهانات و”قلّة أدبيات” في مخاطبة الرئاسة الأولى لتحرف الأنظار عن جوهر التعطيل ومسبباته باتجاه شكليات “لغة” التراشق الكلامي التي استخدمها “المستقبل” واستفز من خلالها البطريرك الماروني بشارة الراعي باعتبارها “إهانة مستهجنة وغير مقبولة” لموقع رئاسة الجمهورية.

وإذ فاقم توقيت التراشق، بالتزامن مع موعد زيارة الراعي بعبدا، منسوب الامتعاض لديه، نقلت مصادر مواكبة لمسعى البطريرك الماروني أنه كان يهدف من الزيارة إلى “التقريب بين المسؤولين” فوجد نفسه مضطراً إلى إعادة تصويب الأمور باتجاه التشديد على وجوب “أن يبقى الجو محترماً وعدم إهانة بعضنا البعض”، كاشفةً لـ”نداء الوطن” عن أنه “لمس صعوبة في إحداث خرق إيجابي بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري بسبب احتدام الأجواء المتوترة، واعتبر أنه فعل ما بوسعه وقام بواجباته كاملةً لمحاولة تقريب وجهات النظر بين الجانبين”، ولذلك لم يعد يجد أي فائدة من المبادرة مجدداً بين عون والحريري، على أن يكتفي من الآن فصاعداً بحصر مشاوراته الحكومية بمواكبة ما ستفضي إليه مبادرة رئيس المجلس النيابي على قاعدة “إقلعوا شوككم بأيديكم”.

أما عن فكرة تشكيل “حكومة أقطاب” التي طرحها الراعي في تصريحه من قصر بعبدا، فجزمت المصادر أنها كانت فكرة “بنت ساعتها”، ولم يجرِ الإعداد مسبقاً لهذا الطرح، إنما جاء كلام البطريرك بهذا الخصوص على سبيل محاولات التفكير في السبل الآيلة للخروج من الأزمة واجتراح الحلول التي يمكن أن تؤدي إلى تشكيل الحكومة، لا سيما وأنّ البطريرك لاحظ خلال لقاء بعبدا أنّ “الآفاق مسدودة” فذكّر بحكومة الأقطاب إبان ولاية الرئيس فؤاد شهاب، من باب الإضاءة على النماذج التي سبق أن تم اعتمادها في لبنان لمواجهة الأزمات، مؤكدةً أنها “فكرة عابرة ولن يحوّلها البطريرك إلى مبادرة ولن يسعى إلى تسويقها لدى الأفرقاء السياسيين”.

وعلى هذا الأساس حرص الراعي على إعادة تأكيد موقفه الداعي إلى “تشكيل حكومة إنقاذية من أشخاص غير حزبيين”، ولم يتطرق إلى طرح حكومة الأقطاب في حديثه مع عون، بل تمحورت زيارة قصر بعبدا حول جملة أهداف، أولها “المحافظة على تقاليد البطاركة الموارنة بزيارة القصر قبيل مغادرة لبنان، بحيث وضع رئيس الجمهورية في أجواء زيارته روما واللقاء المرتقب مع البابا فرنسيس”. وفي ما يتصل بالموضوع الحكومي، أشارت المصادر إلى أنّ الراعي كان واضحاً في “رفض تسمية أي وزير في الحكومة وأعرب عن استغرابه حصر المشكلة بوزيرين مسيحيين، سيّما وأنّ المشاكل والعقد التي تعترض التأليف على ما يبدو أكبر من ذلك بكثير”.

وأكدت المصادر أنّ الراعي كان ولا يزال مهتماً بحثّ الأطراف على “تسريع التشكيل” للشروع في عملية الإصلاح وإنقاذ البلد، ولم يكن معنياً في اتصالاته بخوض أي نقاش حول “الحقائب والأسماء وعدد الوزراء”، بل اقتصرت محاولاته على “تقريب وجهات النظر ليس أكثر وحضّ المسؤولين على تحمل مسؤولياتهم”، وتحت هذا العنوان جاءت زيارته بعبدا أمس، مشيرةً إلى أنه أدّى قسطه في هذا السياق لكنّ محاولاته لم تسفر عن أي نتيجة، وبخلاف ما تردد إعلامياً “لم يسع حتى إلى إجراء أي اتصال هاتفي بالرئيس المكلف أثناء لقائه رئيس الجمهورية”، ولم يبد أي حماسة للدعوة إلى عقد طاولة حوار في بعبدا كما طالب باسيل مؤكداً أنّ التحاور بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف ضروري للتفاهم بينهما على تأليف الحكومة “من دون الحاجة إلى طاولة موسعة”.

أما الأوساط المواكبة لحراك رئيس المجلس النيابي، فحاذرت الحديث عن انتهاء مبادرته الحكومية، مكتفيةً بالتأكيد لـ”نداء الوطن”، أنّ “الاتصالات ستبقى مستمرة خلال الساعات المقبلة في محاولة لتهدئة الأجواء المتوترة وخفض مستوى التشنج بين بعبدا وبيت الوسط”، ورأت أنّ “الفرصة ما زالت قابلة للحياة في حال صفت النيات، خصوصاً وأنّ الرئيس المكلف أبدى تجاوبه مع الأفكار المطروحة للحل، وأصبحت الكرة الآن في ملعب رئيس الجمهورية ورئيس “التيار الوطني الحر” للإقدام على ملاقاته عند منتصف الطريق”.