IMLebanon

العين على المطار… هل تتسلّل السلالة الهندية إلى لبنان؟

كتبت ليلي جرجس في النهار:

بعد رصد منظّمة الصحّة العالمية السلالة الهندية في 60 منطقة، وبعد أن أثبتت بعض التقارير فاعليّة اللقاحات المتاحة والمعتمدة حالياً ضد “كلّ متحوّرات فيروس كورونا”، دعت إلى الحذر والترصّد لمواجهة الفيروس، في ظلّ التخفيف من إجراءات الحجر والقيود في دول عديدة.

سارع لبنان إلى فرض إجراء جديد على القادمين من بريطانيا والبرازيل، وضرورة الحجر في الفندق لمدة 5 أيام. لكن أيكفي هذا الإجراء لمنع دخول السلالة الهندية إلى لبنان؟ وما الذي يمنع أن نشهد سيناريو مشابهاً لما جرى مع السلالة البريطانية خلال فترة الأعياد؟

العين على المطار والسفر، الرحلات مستمرة والكلّ يُعوّل على صيف واعد وموسم سياحيّ جيّد، بعد سنة من الحجر والإقفال العامّ. أسئلة كثيرة تُطرح، وهواجس مشروعة في ظلّ تجارب الماضي، فمن يضمن صدقية القادمين في تزويد معلومات وأرقام صحيحة؟ مَن يراقب التزام القادمين الحجر وعدم اختلاطهم مع محيطهم؟ وهل تكفي نتيجة فحص الـPCR لضمان عدم الإصابة؟

يشرح الدكتور في العلوم البيولوجية والأستاذ المحاضر في كلّية العلوم في الجامعة اللبنانية فادي عبد الساتر لـ”النهار”، أنه “برغم المؤشرات الإيجابية لا يمكن الاطمئنان، لأنّ ما جرى في بريطانيا يجعلنا حذرين ويقظين. إذ باتت السلالة الهندية تمثل 50% من الإصابات في بريطانيا، وخصوصاً عند الفئات الصغيرة التي لم تتلقَ اللقاح”.

ويخشى عبد الساتر أن نشهد سيناريو مشابهاً في لبنان، إن سُجِلت حالات من السلالة الهندية. لذلك نُجري في المطار نحو 5 آلاف فحص pcr يومياً، ويُبلّغ القادمون نتائجَهم الإيجابية أو السلبية في غضون 24 إلى 48 ساعة. ولغاية الساعة، لم يُسجَل ظهور أيّ حالة من السلالة الهندية، ولكن لا يمكن جزم ذلك، لأنه قد يحمل الشخص هذه السلالة وقد لا تظهر في فحص الـpcr إذا كان في بداية إصابته.

وعلى الرغم من صدور قرار رسميّ بحجر القادمين من البرازيل وبريطانيا في أحد الفنادق لمدة خمسة أيام، بالإضافة إلى إجراء فحص الـpcr، فذلك ليس كافياً. لكنّ دولاً أخرى، ومنها تركيا وهي عادة محطّة توقّف لرحلات كثيرة بعضها متّجه إلى بيروت، قد ظهرت فيها السلالة الهندية. فظهورها في أكثر من 60 منطقة يشير إلى مدى ضرورة التشدّد في حجر القادمين والتزامهم، لعدم تكرار السيناريو مع السلالة البريطانية.

وعن وجود متحوّرات أخرى في لبنان، يشير إلى أنّ هناك تراجعاً للسلالة البريطانية بشكل ملحوظ، وارتفاعاً في ظهور متحوّرات أخرى، ومنها السلالة البرازيلية وجنوب أفريقيا. وستُرسل بعض العيّنات لمتابعة التسلسل الجيني في بريطانيا، فالموضوع قيد الدرس والمتابعة بين الجامعة اللبنانية ووزارة الصحّة.

وتبقى الإشكالية الوحيدة هي إعطاء معلومات صحيحة للقادمين وأرقام هواتف دقيقة “حتى ننجح في الاتصال بهم وإبلاغهم. وهذه المشكلة واجهناها سابقاً، ونواجهها مع بعض المسافرين حالياً. مع العلم أنّ بعض المسافرين يعطون أرقام هواتف ثابتة أو غير صحيحة، ما يمثّل مشكلة بإبلاغ النتائج أو وصول رسائل لأشخاص غير معنيين. فإبلاغ القادم نتيجته وخصوصاً الإيجابية والالتزام بالحجر، من شأنه أن تحميه وتحمي عائلته والمحيطين به من العدوى وتفشّي الفيروس”.

وشدّد عبد الساتر على أنّ فحص الـPCR المعدّل يكشف طفرات محدّدة، ما يسمح بتحديد أوليّ لهوية المتحوّرات. وهذا ما فعلناه في اكتشاف ومتابعة انتشار المتحوّر البريطاني في لبنان في بداية انتشاره في شهر كانون الأول. وعليه، كلّ سلالة تحتوي على طفرات معيّنة تحدّد هويتها. ومن خلال الفحص يمكن الحصول عى فكرة أوليّة عن هذه السلالة. وهذا ما يقوم به مختبر الجامعة اللبنانية يومياً، من خلال تعديل بسيط في فحوصات الـ PCR لتحديد المتحوّرات لكل العيّنات الإيجابية القادمة من الخارج، وبالتنسيق اليومي مع دائرة الترصّد في وزارة الصحّة لمتابعة هذه الحالات.

صحيح أنّ الأرقام انخفضت في الفترة الأخيرة، وخصوصاً الحالات التي تحتاج إلى عناية فائقة أو أرقام الوفيات، ولكن يبقى السؤال الأهم إلى متى يمكن أن نبقى مطمئنين؟ مما لا شك فيه أننا اكتسبنا مناعة مجتمعية جيّدة، إلا أنّ الخوف الكبير اليوم يتمثّل بعدم التقيّد بالإجراءات والاستهتار، إزاء دخول السلالة الهندية، ما سيؤدي إلى موجة قوية في لبنان كما هي الحال في بريطانيا، التي تواجه موجة ثالثة اليوم.

ويشرح عبد الساتر أنه في ظلّ “وجود 3 متحوّرات هندية حالياً تعدّ أكثر انتشاراً من متحوّرات أخرى، علينا توخّي الحذر، ولا سيما في المطار الذي سيشكّل المصدر الرئيسي لدخول هذه السلالة إلى لبنان، وسيكشف مدى قدرة الدولة اللبنانية والوزارات المعنيّة على ضبط القادمين ومتابعتهم.

لذلك من المهمّ التشديد والتركيز على أهمية الوقاية من أجل حماية أنفسنا ومحيطنا، وخصوصاً بعد فتح المطاعم وعودة السهرات والنزول إلى الشواطئ والمتاجر… فأيّ استهتار أو عدم التزام بالحدّ الأدنى من الإجراءات سيُعيدنا إلى نقطة الصفر إن دخل أيّ متحوّر جديد كثير الانتشار؟”.