IMLebanon

المراكب السياحية في ميناء طرابلس… تعمل ولا تعمل

كتب مايز عبيد في نداء الوطن:

على طول الكورنيش البحري في الميناء الطرابلسي تصطفّ المراكب السياحية ويقف أصحابها إلى جانبها، محاولين تأمين رحلات للرواد ومحبّي هذا النوع من السياحة الداخلية من جهة، وتشغيل مراكبهم التي تتعطّش لرحلات أيام زمان وزحمتها عندما كانت الناس في وضع “البحبوحة”.

مئات العائلات كانت تعتاش من هذا القطاع النشط، عندما كان العمل يفي بالغرض المطلوب منه. لكنّ الأمر تغير، كما كل الأمور التي تغيرت في البلد الذي انقلب في السنوات الخمس الأخيرة رأساً على عقب. يحاول صاحب المركب السياحي الآن أن يعمل بثمن المازوت، هذا إذا حماه الله من الأعطال. بعض أصحاب المراكب أيضاً افتتح على متنها مقاهي (نرجيلة، قهوة، شاي، عصير…) لأنه، وعلى حدّ قول أحدهم “بدنا نعيش.. بدنا نقبض موظفينا.. بدنا نمشي حالنا.. إذا انتظرنا الرحلات يمكن كل النهار ما يجي حدا ويمكن إذا إجا حدا ما يكون في مازوت”.

بين التوقّف عن العمل نهائياً أو العمل بما تيسّر ريثما تتغير الأحوال وتتّضح الأمور؛ يحاول أصحاب المراكب السياحية هذه تسيير أمورهم، وتمضية هذا الوقت الصعب بأقلّ الخسائر. وتسيّر هذه المراكب رحلاتها من على شطّ الميناء إلى جزر النخيل التي كانت تسمّى في السابق جزر الأرانب لكثرة وجود الأرانب فيها. وتتألّف جزر النخيل من ثلاث جزر متوسطية، ومسطّحة، مكوّنة من الحجر الجيري، وهي: النخل، وسنن، ورامكين. وتشتمل على قسمين اثنين: أحدهما صخري يمتدّ من الشمال الغربي حتّى الجنوب، والآخر رملي من الشمال حتى الشرق. وهي من المناطق المحمية المهمّة على مستوى شرق البحر المتوسط، بل وتشكّل محميةً ذات أهمية على مستوى العالم، وتعتبر من أكثر الجزر نظافة في لبنان وهي جزر مفتوحة وليس فيها أي تلوث، ولا يحلو المشوار إلى ميناء طرابلس من دون زيارتها بينما المراكب السياحية التي تتولّى تنظيم الرحلات مهدّدة اليوم بالتوقف عن العمل بسبب الأوضاع الصعبة التي يعيشها لبنان في هذه الفترة.

نور صيداوي صاحب مجموعة “نور غروب” يقول لـ”نداء الوطن” إنّ “جزر النخيل هي 12 جزيرة نذكر منها: البلان، الرميلة، العشاق، المدورة… وبإمكان الشخص أن يزور 4 منها فقط أو 8 فقط أو الـ 12 جزيرة مرّة واحدة، والمحميات، والرحلة الواحدة تستغرق بحدود النصف ساعة وبإمكان من يصل بعدها أن يذهب إلى “كزدورة” أو ممارسة السباحة. هذه الجزر جميلة للغاية ولكنها مظلومة من الدولة والمعنيين ولا يتم تسليط الضوء عليها كما يجب”.

وعن أوضاع أصحاب المراكب يقول صيداوي: “نعاني الأمرّين. نبدأ من تأمين المازوت من السوق السوداء وبالكاد نحصل عليه بعد مية بوسة إيد، وبسعر 40 ألف ليرة وليس بالسعر الرسمي، وعندما لا نتمكّن من تأمينه تتوقّف رحلاتنا. وبالرغم من ذلك لم نرفع الأسعار تحسّساً مع الناس وأوضاعها الصعبة، وما زالت الرحلة للشخص الواحد بين 1 و 1.5 دولار. وإذا كنا ما زلنا نتحمّل الوضع الصعب فهو فقط لأجل الموظفين معنا ليس إلا. في مجموعة (نور غروب) هناك 12 موظفاً، ولكن إذا بقيت الأوضاع كما هي فإننا ذاهبون مرغمين نحو الإقفال لا محالة. إن أي ارتفاع إضافي على سعر صرف الدولار أو رفع الدعم عن المازوت يعني أننا سنقفل بشكل نهائي”.

ويضيف صيداوي: “نحاول اليوم أن نعمل بسعر الكلفة ويحدونا الأمل بأن تتغير هذه الأوضاع لكن الوضع بالنسبة إلى الجميع هنا في الميناء شبه معدوم… تخيل أنّ تغيير محرك يكلّف الآن 200 مليون ليرة، وبالتالي فإن أي عطل سيؤدي إلى كارثة وعمل سنوات لن يفي المبلغ المطلوب”.

ويختم حديثه بالقول: “أيها السياسيون اتقوا الله فينا… اتقوا الله بشباب طرابلس وشباب لبنان، يكفي من ضاع لأجلكم بالمجّان. ماذا تريدون بعد؟ وإلى أين أنتم ذاهبون بهذا البلد وبأهله وشبابه؟ يا ضيعان لبنان”. بالرغم من الزحمة التي يشهدها كورنيش الميناء الطرابلسي، والتي ستشتدّ مع دخول موسم الصيف، إلا أن كثيرين يفضّلون المشي عليه ومشاهدة البحر من بعيد، على أن يقوموا برحلة على متنه حتى لو كانت تكلفتها دولاراً واحداً غير موجود في الجيوب. وإذا ما أضفنا إلى الأمر مسألة معاناة أصحاب المراكب السياحية في تأمين المازوت، فإنّ هذا القطاع مهدّد بالإنهيار كباقي قطاعات هذا البلد وأهل السياسة لا يزالون منشغلين بالحكومة والحصص والثلث المعطّل وجنس الملائكة.