IMLebanon

معوض: لاستعادة سيادة البلاد وفرض سياسة الحياد

رأى رئيس “حركة الاستقلال” النائب المستقيل ميشال معوض، في حديث مع موقع Mondafrique، أنه على التعبئة الشعبية تشكيل “ائتلاف سياسي” لخوض الانتخابات التشريعية المقبلة في غضون عام.

وردا على سؤال حول المبادرات الفرنسية للمساعدة في إنهاء الأزمة في لبنان، قال معوض: “في الأسابيع الأخيرة شهدنا تحولًا لا نقاش فيه حول الدبلوماسية الفرنسية، وخلال زيارة “لودريان” الأخيرة إلى لبنان سعى إلى التواصل مع شخصيات من المجتمع المدني والمعارضة، بدلاً من الاستمرار في الرهان على قدرة القوى الحاكمة على إجراء الإصلاحات، ليبعث بذلك رسالة قوية للغاية، وواضحة في الشكل والمضمون”.

وأضاف معوض: “لقد دُعيت لمقابلة لودريان ضمن وفد أحزاب المعارضة الرئيسية، وقد فعلت ذلك بكل سرور، وكان نهج إيمانويل ماكرون الصيف الماضي هو منح الأحزاب الحاكمة فرصة لتشكيل حكومة مهمة وإجراء إصلاحات، لكن للأسف، أثبتت الوقائع مرة أخرى أن أي إصلاح سيتعارض مع مصالح هذه الأحزاب السياسية، التي تمثل تحالفًا قاتلًا للبلاد بين ميليشيا و”مافيات” فاسدة لا تسعى إلا لبقائها”.

ورأى أننا “نعيش مع دولة ضعيفة، ومليشيا قوية، حدود يسهل اختراقها، ونظام محسوبية وفاسد ومختل وظيفياً” لافتا إلى أن “القوى الحاكمة، رغم معاركها الداخلية وخلافاتها الواضحة، ستبذل قصارى جهدها لمنع أي شخص من مس هذا الوضع الذي يسمح للبعض، خصوصاً حزب الله، بتأسيس مشروعهم الإقليمي والبعض الآخر بالتشبث بالسلطة، وذلك عبر تدفيع الثمن للوطن ولكل اللبنانيين”.

وسأل: “كيف تتوقعون مثلاً أن أي حكومة ناتجة عن هذه القوى السياسية ستقوم بإصلاح النظام القضائي، وبغض النظر عن الضغوط التي يمارسها الرئيس ماكرون، فإنهم يعرفون أنه سيتم اعتماد قضاء مستقل يحكم عليهم بسرعة كبيرة.”

وأضاف: “فجأة بات الحل الوحيد هو تغيير هذه القوى في السلطة، وهذا التغيير لا نرغب حدوثه عبر الدخول في مواجهة دموية تغرق البلاد أكثر في الفوضى، ولكن لا يمكن أن يتم بشكل مؤسساتي وديمقراطي، باعتبار أن الأحزاب الحاكمة عارضت الانتخابات النيابية المبكرة التي أدرجتها خارطة الطريق اللبنانية الأولى لإيمانويل ماكرون، وبالتالي نحن مضطرون لانتظار الانتخابات التشريعية المقبلة”.

وسأل: “هل سنستمر سنة أخرى في الوضع الحالي من دون أن نغوص في فوضى عارمة؟ هذا هو السؤال في بلد يعاني من أزمة مالية واقتصادية واجتماعية وسياسية ونظامية. ولهذا أعتقد أنه يجب على فرنسا والمجتمع الدولي مساعدتنا في الضغط من أجل حكومة انتقالية مكونة من مستقلين، والتي تهدف إلى إطلاق الإصلاحات اللازمة وتنظيم انتخابات حرة، وليس مجرد حكومة مهمة تتكون من “تكنوقراط” تابعة للقوى السياسية، والتي  إذا تم تشكيلها (وأنا أشك كثيرًا) ستحمي فقط الميليشيات والمافيا الحالية”.

وعن سبب استقالته من مجلس النواب، قال معوض: “كان الأمر يتعلق بإرسال رسالة ثلاثية: رسالة أخلاقية وعاطفية للشعب اللبناني المتضرر من الانفجار. والتساؤل والاعتراف بفشل خياري السياسي الذي على أساسه انتُخبت عام 2018، والذي يتمثل في الرهان على إمكانية أن أكون قوة للإصلاح من الداخل؛ وأخيراً رسالة تحشيد للمشاركة في هيكلة المعارضة وقوى التغيير، ومن المفارقات أن انفجار مرفأ بيروت سرّع عملية تجميع هذا المجتمع المدني المتحرك”.

وأكد معوض أنه “يجب علينا استعادة سيادة البلاد، وفرض سياسة الحياد” وأضاف:  “أي إصلاحات تحتاج إلى دولة قادرة على تنفيذها، ولبنان لا يستطيع الخروج من هذه الأزمة وحده، وأملنا بالدعم العربي والدولي الذي يحتاجه في ظل بقاء قاعدة متقدمة لاستراتيجية البلاد التوسعية مثل إيران”.

وشدد على أنه “يجب علينا أيضًا إصلاح نظام الحكم الذي يقوضه نوع من “الفيتوقراطية” التي تسمح لكل من زعماء العشائر الستة مع حلفائهم أن يكون لهم حق النقض، وبالتالي منع أي إصلاح بحجة حماية “حقوق” الطوائف. أخيرًا، يتعلق الأمر بإرساء الأسس لاقتصاد سوق أكثر إنتاجية وتعزيز إعادة هيكلة مالية أكثر إنصافًا، يجب أن تشارك فيها الدولة والبنوك وكبار المودعين بالمقدمة، بدلاً من جعل الناس يدفعون فقط. لا سيما الطبقى الوسطى التي يتم تدفيعها الجزء الأكبر من الفاتورة كما هو حاصل اليوم”.

ولفت إلى أنه “من الضروري أيضًا في هذه الفترة الانتقالية وضع نظام حماية اجتماعية يسمح من ناحية  بتجاوز الفترة الصعبة مع الحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار الاجتماعي، ومن ناحية أخرى منع الأحزاب في السلطة من جني الأرباح عبر إفقار الناس لتقوية الهياكل الاجتماعية المحسوبة عليهم وبالتالي منع التغيير”.

وتابع معوض قائلا: “إن تناول مسألة الإصلاحات المالية فقط من دون مراعاة الجوانب الأخرى للأزمة، لن يؤدي إلا إلى إعادة تمويل نظام الميليشيات والمافيا الحالية على حساب ما تبقى من أموال المودعين وجميع اللبنانيين. فالنظام الحالي لا يعمل، وفي الواقع يجب علينا إيجاد توازن أفضل بين المواطنة والتنوع، من خلال إقامة دولة مدنية لامركزية، بدلاً من نظام فيتوقراطية حالي. كلا المفهومين (الأحوال المدنية واللامركزية) موجودان في اتفاق الطائف. وبالتالي فإن الأمر يتعلق بتطبيق هذه الاتفاقيات بمنطق مؤسساتي وحداثي، وليس بمنطق عشائري على حساب المؤسسات والمواطنة والدولة القوية، كما هو الحال حاليًا”.

وردا على سؤال: هل تجد التحركات الشعبية التي عرفها لبنان منذ تشرين الأول 2019 قد تم ترجمتها سياسياً؟ أشار معوض إلى أننا “شهدنا ظهور المئات من “المجموعات الناشئة” الذين طالبوا جميعًا بمطالبهم القاطعة. هذه الحركة المدنية التي وُجدت بأحلامها وأخطائها يجب أن تنجح في تحقيق أهدافها في تشكيل ائتلاف سياسي متماسك وهذا ما نعمل عليه”.

أما عن إمكانية الإجماع بين هذه القوى الاجتماعية الجديدة، أكد أننا “اليوم، تتعايش ثلاث حساسيات رئيسية داخل قوى المعارضة. الأول “اليسار” الذي يفضل وفع قضية محاربة الفساد والعدالة، ويدافع عن المزيد من بناء الدولة، في حين أن العلاقة غامضة وأحيانًا مشكوك فيها مع  حزب الله. في المقابل، هناك حساسية ثانية تعتبر مسألة السيادة الوطنية أولوية، لا سيما تجاه حزب الله، دون التطرق فعلاً لمشاكل الفساد والحكم والنموذج الاقتصادي وإعادة الهيكلة. الحساسية الثالثة، التي تعتمدها “حركة الاستقلال” والتي أرأسها حالياً، ترى أنه يجب علينا في نفس الوقت التعامل مع مشاكل السيادة والحكم وكذا النظام  الاقتصادي والإصلاحات الهيكلية للخروج من الأزمة الوجودية. هيكل متعدد الأبعاد يقع فيه البلد”.

وأضاف: “أعتقد أنه من الضروري لهذا المركز السيادي والإصلاحي في تنوعه وحركاته المختلفة أن ينظم نفسه كواجهة، لينال ثقة من يمثلهم، وتشكيل مركز ثقل الإجماع بين قوى اجتماعية جديدة. وهذا هو بالظبط ما نعمل عليه”.

أما عن الاتجاهات الجديدة للرئيس الأميركي جو بايدن تجاه إيران، رأى معوض أن “المنطق المعمول به اليوم في البحث عن اتفاق بين إيران والولايات المتحدة يعتمد حصريًا على أساس اتفاق نووي، لكن التهدئة المنشودة بحسن نية لا تعني بالضرورة استقرار المنطقة. خطر مثل هذا الاتفاق هو أن إيران ستزدهر مرة أخرى بتمويل الميليشيات وستواصل إضعاف الدول سواء في العراق أو سوريا أو لبنان أو اليمن، وفي نهاية المطاف زعزعة استقرار المنطقة”.

ولفت إلى أنه “يجب أن نتذكر الاتفاقية التي تم توقيعها في ميونيخ عام 1938 بين هتلر والغرب والتي نصت على ضم “سوديتنلاند” وهي جزء من تشيكوسلوفاكيا. كنا نظن أننا نعمل من أجل السلام. بينما أدت هذه الاتفاقيات إلى تعجيل الحرب من خلال جعل ألمانيا تعتقد أن كل شيء مسموح به.”

وردا على سؤال، إذا يفضل جو بايدن أو دونالد ترامب دبلوماسياً، قال معوض: “يجب أن أعترف أنه فيما يتعلق بالملف الإيراني وحده، فإن نهج “الضغط الأقصى” من أجل التوصل إلى اتفاق أكثر شمولاً يبدو أكثر ملاءمة لي.”