IMLebanon

نصرالله وضبط إيقاع التشكيل الحكومي و”الدوزنة”

كتب جورج العاقوري في “نداء الوطن”:

منذ تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة في 22/10/2021 بشق النفس بـ65 صوتاً، ظهرت جلياً “الدوزنة” التي قام بها “حزب الله” بحيث أعلن حينها رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد أنّ “الكتلة لم تسمّ أحداً “علّها تسهم بذلك بإبقاء مناخ إيجابي يوسّع سبل التفاهم الوطني المطلوب”. فيما لم يمس بهامش حرية حليفه “التيار الوطني الحر” برفض التسمية ليقينه أنه قادر على رفد الحريري بالعدد الكافي من الاصوات لتسميته – وإن وصل منهكاً – حيث حصد عدد أصوات أقل من رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الذي نال 69 صوتاً في الإستشارات الماضية.

يصرّ “حزب الله” على الامساك بأكبر قدر من الاوراق داخلياً وعلى عدم خسارتها في “الوقت الضائع” بإنتظار تبلور المشهد في المنطقة، لذا تمسّك بورقة تسمية الحريري الذي في الاساس كان رافضاً إستقالته بعيد 17 تشرين. في المقابل كان “الحزب” حريصاً على ألا يستفز شريكه في ورقة “مار مخايل” رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل.

في الاصوات الـ65 التي حصدها الحريري يومها أكثر من مؤشر:

* التضعضع في تكتل “لبنان القوي” الذي سعى المعنيون به الى تغليفه بستار “التمايز” و”الهامش الديموقراطي”، حيث سمّت كتلة “الطاشناق” ونائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي الحريري بالاضافة الى النائب ميشال ضاهر، “الضاهر” من التكتل عقب إنفجار 4 آب. فكان عامل الوقت كفيلاً بإسقاط الستار مع خروج الفرزلي من “التكتل” على وقع إشتباك كلامي بينهما.

* الانقلاب “القومي” في الخيارات حيث أعلن النائب أسعد حردان باسم “الكتلة القومية الاجتماعية” تسمية الرئيس سعد الحريري بصفته “المرشّح الوحيد”، وسط معلومات مؤكدة بأن “حزب الله” يقف وراء هذا الخيار من أجل تأمين العدد اللازم من الاصوات.

* تمايز نائب “جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية” – “الاحباش” الدكتور عدنان طرابلسي عن اللقاء التشاوري الذي أعلن عدم تسمية أحد لرئاسة الحكومة، وإن غاب طرابلسي عن الاستشارات النيابية بسبب اصابته بكورونا.

* تسمية النائب جهاد الصمد الحريري لتشكيل الحكومة وهو المعروف بأنه يدور بفلك “حزب الله” حيث أعلن “عدم إمتلاك ترف المناورة، وأن المرحلة تقتضي تجاوز الخلاف السياسي”، مقابل تأكيده تمسكه بقناعته الكاملة أن التأليف لن يكون مختلفاً عمّا بعد الطائف.

اليوم، تخطت مرحلة التأليف الثمانية اشهر مع ما شهدت من إنقلاب محلي على المبادرة الفرنسية وإنهيار مستدام على كافة الصعد الى قعر القعر في “جهنم”، التي يعيشها اللبنانيون وفق ما اعلن رئيس الجمهورية ميشال عون.

رغم كل ذلك، يواصل أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله ضبط إيقاع التشكيل الحكومي و”الدوزنة” كي لا يخسر “تكليف الحريري” وورقة “التيار”. الساعات الاربع والعشرون الماضية خير دليل على كيفية وضعه النقاط على حروف التأليف، إذ:

أ‌- قطع الطريق على تهويل باسيل باستقالة تكتله من مجلس النواب والضغط لإجراء انتخابات نيابية مبكرة، فأعلن نصرالله في رسالة واضحة الى باسيل أولاً خلال كلمته لمناسبة تأسيس “المنار”، أن “الحزب” ضد الانتخابات النيابية المبكرة، معتبراً “أن اللجوء إليها هو مضيعة للوقت وإلهاء ‏للناس، وأغلب الذين يدعون إلى انتخابات نيابية مبكرة حساباتهم حزبية فئوية، لا علاقة لها بوطن وشعب”، وداعياً من يُطالب بالانتخابات النيابية المبكرة “فليتفضل وليشكل حكومة وليتحمل المسؤولية‎”.

ب‌- قطع الطريق على المساعي المستدامة للعونيين من أجل التوصل الى “تخريجة” قانونية ووضع سقف زمني للتكليف، حيث دعا نصرالله الى عدم ‏حصر التأليف بسقف زمني محدد، ناصحاً المعنيين بعدم ضرب مواعيد وتواريخ لولادة الحكومة‎.

ت‌- أكد التمسك بمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه برّي ومواصلة المساعي بالتعاون معه لتأمين ولادة الحكومة وعدم اليأس.

ث‌- بالتزامن، “كسرها وجبرها” ولو بالشكل عبر إيفاد معاونه السياسي حسين خليل والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل، ومسؤول الارتباط والتنسيق في “الحزب” وفيق صفا للقاء باسيل في منزله في البياضة في إجتماع مسائي.

ج‌- توازياً أيضاً كان لافتاً استقبال رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري عصر أمس في “بيت الوسط” النائب جهاد الصمد والنائب عدنان طرابلسي، المعروفان بتموضعهما السياسي في الصفوف الامامية لفريق “حزب الله” ما يعزّز التفويض السني للحريري.

زوار عين التينة ينقلون عن الرئيس بري أنه من المفترض ان يكون هذا الاسبوع حاسماً لأن لبنان ‏لم يعد في إمكانه التحمّل، فيما تكتل “لبنان القوي” يدعو ‏رئيس الحكومة المكلّف الى حسم قراره بالتأليف أو عدمه. لكن بناء على ما تقدم، يتأكد بالملموس ان اللاعب الاساسي في تشكيل الحكومة بعيداً من الشكليات الدستورية هو “حزب الله”، و”أرانب” الحلول التي يشتهر بها الرئيس نبيه بري يتكفّل “الحزب” برعايتها بالتكافل والتضامن بينهما. خير دليل على ذلك، “أرنب” حكومة نجيب ميقاتي عام 2011 حين كسر الثنائي العرف القائم على المناصفة بالحقائب بين الشيعة والسنة، وتخلى عن مقعد وزاري شيعي من أجل منح حليفه فيصل كرامي أول لقب رسمي له “معالي الوزير”. فمتى يحرر “حزب الله” الدخان الابيض للتشكيل؟!