IMLebanon

جبهات حراكية تُسابق الوقت مع السلطة قبل الإنتخابات

كتب عمار نعمة في “اللواء”: 

تتخذ خطوات مجموعات الحراك الشعبي هذه الأيام صفة التنظيم للتحضير لما سيواجه البلاد من استحقاقات لعلمها بأن لبنان المتجه نحو تعمُّق كارثته الاجتماعية المتأتية اولا من طبقته السياسية وتعنتها الحكومي، سيكون في حاجة الى التنظيم في موازاة تحركات على الارض تستعيد زخم 17 تشرين من دون ان يتخذ الطابع نفسه كما في ايامه الاولى.

باتت كل المجموعات والشخصيات في الانتفاضة تعي ضرورة تغيير الاداء في وجه السلطة والتركيز على قضم الحقوق رويدا رويدا مع فشل اقتلاع السلطة المتجذرة عبر «ثورة» شعبية على الارض. حتى ان المجموعات باتت تستعجل خوض المعركة الانتخابية مع السلطة برغم الظروف القائمة التي يتعذر معها التغيير الجذري وأولها قانون الانتخاب الطائفي.

لذا سرى بين جميع الفاعلين على الارض رأي يقضي بخوض المعركة من داخل النظام. وفي وجه كل الصعوبات يرى هؤلاء ان من غير الصحيح ان النزاع مع المنظومة سيكون اسهل من السابق بعد فشلها في مهامها، ذلك ان احزاب الحكم افادت من الوضع المعيشي المزري وقدرتها المالية لاستعادة بعض الشعبية التي كانت افتقدتها في ظل زخم 17 تشرين. وهو أمر لا يقتصر عند احزاب معينة في الحكم، بل انه يشمل كل من هو مستفيد من السلطة ومن الدعم الخارجي في سباق بين تلك الاحزاب والوقت لتحصيل المكتسبات المفقودة قبل موعد الانتخابات النيابية التي من المفترض ان تجري بعد أقل من عام من الآن، وبمقدار ما يبتعد موعد الانتخابات وطبعا مع رفض وافشال اجراء انتخابات مبكرة، في امكان اركان الحكم استعادة شعبية ما عبر الإعانات التي تقدمها لطبقات شعبية باتت شبه مسحوقة.

في وجه ذلك، يجري العمل بين الحراكيين على تنظيم النفس واقامة الجبهات والائتلافات في كل المناطق وان كانت تلك الجبهات لم تتبلور بالكامل وسيكون خزانها من أولئك الذين خبروا خوض هذا الاستحقاق في الماضي.

واضافة الى الجبهة التي يحضَّر لها والتي أطلقت من مقر «حزب الكتلة الوطنية» وتضم خصوصا بولا يعقوبيان وواصف الحركة ومجموعات متحركة بقوة على الارض مثل «المرصد الشعبي لمحاربة الفساد» و«ثوار بيروت» وغيرهم وهي تتوسع في اتجاه المناطق وتحضر للقاء مقبل في مدينة زحلة، يصيغ حزب «الكتائب» جبهته الخاصة بالتعاون مع بعض المجموعات مثل «خط أحمر»، لكن يعيب الحزب عدم تعاونه مع آخرين ويقول البعض في الحراك إن الحزب يريد فقط جبهة يترأسها ويديرها سياسيا ومقدار تعاونه مع المجموعات في الانتفاضة سيتعلق بهذين العاملين.

«نحو الوطن»

وكشفت الايام الماضية عن ولادة تجمعات اخرى وهي ليست سوى ارهاصات لما سيلحق بها في الاسابيع المقبلة. ومن تلك المجموعات يبرز إسم «نحو الوطن» التي تتصل بالشخصيات الحراكية في مختلف المناطق وتريد تقديم ترشيحات في كل المناطق. ولذلك تتصل هذه المجموعة التي يبدو انها تملك رصيدا ماديا تقول إنه «إغترابي»، بالجميع ووصل بها الامر الى محاولة التنسيق مع الحراك في الجنوب مثلا وتريد تقديم 128 إسما في الانتخابات على قياس مقاعد مجلس النواب. وهي تشترط لذلك توحيد جميع الجهود في إطار بوتقة واحدة لكي لا تضيع الجهود ويتم تحقيق الخرق المطلوب.

في هذه اللحظة وفي ظل المزاج الشعبي الحالي، يمكن القول إن المجموعات المختلفة ستحقق خرقا ما لكن لا يمكن التنبؤ بمداه، وبين الحراكيين من يذهب في القول الى اعتبار العدد بين 20 و40 نائبا على مساحة لبنان. قد يكون رقما مبالغا به وسط موازين القوى الحالي والقانون الطائفي، مثلما ان الأمر سيتعلق ببعض المناطق حيث هناك صعوبة كبيرة في الخرق كما هو الحال في الجنوب مثلا. كما ان انه يتعلق بوحدة اللوائح، ففي ظل الواقع الحالي لا يبدو ان الحراكيين سيوحدون الجهود لتحقيق الانجاز المفترض، مع التشديد على الاستثمار السياسي لبعض القوى الدخيلة على الحراك والتي شكلت ركنا في سلطات سابقة.

وثمة نقاش يدور في تلك البيئة يتعلق بموضوع التحالف مع أركان في السلطة، إلا ان البعض ما زال يصر على ان لا حل مع سلطة أوصلت البلاد الى ما هي عليه ويدعو الى حكومة مستقلة إنقاذية. ولعل الواقعية في تقدير الامور ستدفع بكثيرين الى اجراء تحالفات «على القطعة» مع اركان في السلطة على رغم كرههم لها، ولعل احزاب الحكم ستكون في حاجة ايضا الى مثل تلك التحالفات ولجأ بعضها بالفعل الى خطب ود بعض المجموعات لذلك.

لذا من المنتظر ان تتكثف مساعي الحراكيين لتنظيم الجبهات في المراحل المقبلة. وفي تلك الاثناء سيكثفون التحركات على الارض والظهور الاعلامي وفي وسائل التواصل الاجتماعي. وقبل أسابيع على كارثة 4 آب، ستكون مجموعات وشخصيات في تلك البيئة على موعد مع استذكار المأساة التي ما زالت بلا مُسبب ومن دون قاتل معروف، وإعادة الزخم الاحتجاجي.

وسيضاف هذا العنوان المحزن الى قضايا الحراكيين واهمها هذه الايام مسائل متنوعة لكن تصب في مجرى واحد مثل إعلاء الصرخة في وجه الغلاء والدفاع عن الغذاء والكهرباء والتعليم والطبابة والدواء والسكن والنقل وطبعا استقلال القضاء. وبوحي من كل تلك العناوين والى جانبها تولية حكومة إنقاذ، سيتم في الخامسة عصر اليوم تنظيم مسيرة تنطلق من أريسكو بالاس في منطقة الصنائع مرورا بمصرف لبنان وكراكاس وصولا الى عين المريسة ودائما تحت عنوان «القرار للشعب».