IMLebanon

الراعي إلى الفاتيكان… محاولة لإنقاذ لبنان “الشعب والدولة والكيان”

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

يصرخ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بأعلى صوته، مُطالباً بإنقاذ الوطن من “الطغمة الحاكمة”، بعدما وصلت قلّة المسؤولية إلى حدود غير مقبولة.

وإذا كان صوت الراعي يشفي نوعاً ما غليل الشعب الذي يعيش أسوأ أنواع الذلّ كل يوم، إلا أنه لا يلقى صداه عند المسؤولين جميعاً، وكأنهم غير معنيّين بما يمرّ به البلد.

وتعلو صرخات الراعي بعد المعاناة التي ضربت ولا تزال تضرب الناس، وهؤلاء لا يجدون ملجأ لشرح معاناتهم إلا سيّد الصرح والأبرشيات، وفي حساباتهم أن الدولة لم تعُد موجودة وباتت لعبة في أيدي هؤلاء الحكّام الذين جيّروا كل مقدراتها لأجل مصلحتهم الخاصة ومصلحة حاشيتهم.

وفي هذه الأثناء، وبعد كل عظة نارية لسيّد الصرح، والتي تلامس وجع الناس وتسلّط الضوء على مشروع هدم الكيان، يزداد الأمل بأن تكون للبطريرك حركة ما، تُخلّص البلد من الجحيم الذي يغرق فيه.

ويتحضّر البطريرك الراعي في نهاية الشهر الجاري للسفر إلى الفاتيكان مع الأساقفة والمسؤولين الكنسيين، للقاء قداسة البابا فرنسيس ولمناقشة أزمة لبنان التي لم تعد إقتصادية أو مالية فقط، بل وجودية.

وبات موقف الراعي واضحاً من كل المسائل، والتي سيتكلّم عنها في الفاتيكان. وتؤكّد الكنيسة أن الراعي ذاهب إلى الفاتيكان وفي عقله وتفكيره أمر واحد، هو إيجاد السبيل وطلب المساعدة من الكرسي الرسولي من أجل إنقاذ شعب لبنان ودولته.

وإذا كان الراعي لا يُخفي سخطه وغضبه على من هم في سدّة المسؤولية، فإن هذا الموقف لن يبدّله في الفاتيكان، أو يساير، فالبطريركية المارونية ترى أن الحكّام “شرشحوا” البلد في الخارج، ولم يعد هناك أي أمر مخفيّ، والبعيد بات يعرف معاناتنا مثل القريب، وبالتالي فإن يوم الحساب سيكون عسيراً لهؤلاء “المسؤولين”.

وسيُركّز الراعي خلال لقائه مع قداسة البابا والإجتماعات الموسّعة واللقاءات الجانبية، على الشقّ السياسي من الأزمة وكذلك على الشق الإقتصادي.

وفي هذا السياق، فإن حديث الراعي سيدور حول ضرورة تأمين حياد لبنان الناشط، وطلب مؤازرة الفاتيكان في عقد مؤتمر دولي من أجل إنقاذ لبنان والتمسّك بالدستور اللبناني ورفض تغييره تحت قوّة السلاح، أو نتيجة نزوات سياسية وسلطوية لأحد. وكذلك فإن موقف الراعي بات حازماً بضرورة صون الدولة اللبنانية وحفظ الكيان في مئويته الثانية، ومنع زواله وتدعيم أسس الدولة وعدم السماح للدويلة بالسيطرة عليه، وعدم القبول بأي سلاح على الأراضي اللبنانية غير سلاح الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية.

ولا يمكن فصل المشكلة الإقتصادية عن المشكلة السياسية في لبنان. من هنا، سيطرح الراعي معاناة الشعب اللبناني وانسداد الأفق أمامه وموجات الهجرة التي تضربه، خصوصاً وأن المكوّن المسيحي سريع “العطب”، وبالتالي فإن إستمرار هذه الأزمة على الشكل الحالي سيُفرغ لبنان من مسيحييه.

وإذا كان الوجود المسيحي يُشكّل عاملاً أساسياً في البحث، إلا أن البطريرك الراعي لا يذهب إلى الكرسي الرسولي من أجل هذا الأمر فقط، بل إنه يتحدّث بلسان جميع اللبنانيين ويدافع عن حقوقهم ويقود معركة التحرّر وإسترجاع قرار الدولة وتحريرها من هيمنة السلاح وبطش الحكّام. سيُصلّي البابا على نية لبنان، وتخصيص يوم من أجل الصلاة وبحث القضية اللبنانية يُعتبر أمراً مهماً، لكنّ اللبنانيين لا يريدون الخطابات بل يراهنون على الفاتيكان من أجل تحريك المجتمع الدولي لطرح قضيتهم وتحريرهم من ظلم الداخل ووصاية الخارج.