IMLebanon

أزمة الاشتراكات مستمرة… والبنزين أيضاً

كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:

لم تنفرج على خط إشتراك الكهرباء ولا على خط البنزين، فلا الإشتراك أوقف التقنين بحجّة “ما في مازوت غير سوق سوداء” ولا المحطات أفرجت عن مخزونها من البنزين وبقيت مقفلة بحجّة “لم نتسلم حتى الساعة”، وبين الإثنين يواجه المواطن اسوأ أزمة في تاريخه، فأصحاب الاشتراكات يمارسون لعبة القط والفأر مع الناس لإجبارهم على الرضوخ ودفع فاتورة الـ500 الف ليرة “على إجر وحدة”، إذ عمد البعض على زيادة ساعات التقنين والبعض الى قطعه، بذريعة نفاد المازوت من خزاناتهم، وعدم إيجاده في السوق السوداء. على ما يبدو أن ازمة فاتورة الاشتراك لن تمرّ مرور الكرام، إذ سجل اعتراض كبير عليها من الأهالي، خاصة وأنها تفاوتت بين بلدة وأخرى. ففي حين سجلت في بلدة كفررمان 500 الف ليرة للـ5 أمبير، أعلنت بلدية النبطية أن سعر الـ5 أمبير 395 ألف ليرة، وطبعاً هذه التسعيرة تختلف بين إشتراك وآخر حسب مزاجية صاحبه، سيما وأن السوق فالت والإحتكار “شغّال”.

فمن يضبط سوق الإشتراك الذي يشفط الأموال من جيبة المواطن “عالتقيل”؟

وِفق المعلومات فإنّ وزير الاقتصاد السابق رائد خوري أعدّ عام 2018 دراسة حول ملف الاشتراك قضت حينها بإلزام أصحابها بنظام العدّاد، وفرضت غرامة مالية على كل صاحب اشتراك لم يلتزم بالامر وتمت مصادرة عدد من المولدات أيضاً، هذا الامر أدى الى ضبط السوق ونتج عنه توفير نصف مليار ليرة على خزينة الدولة. هذه الخطة انتفت هذه الأيام، وبدلاً من تطويرها والسير بها، أهملتها وزارتا الطاقة والاقتصاد، وتركتا لاصحاب الإشتراك حرية التحكّم بالناس، وما يحصل اليوم هو نتيجة لذلك. لم يعد بمقدور الناس التحمّل، فالشارع قد ينفجر في اي لحظة، وهو ما حصل بالامس حين أجبر اهالي بلدة حبوش صاحب احدى المحطات على تأمين 9000 ليتر مازوت للاشتراك بالقوة، بعدما اطفأت اشتراكات البلدة محركاتها وتركت الناس على العتمة، في خطوة قد تتكرّر في القرى ما لم يُصر الى ايجاد مخارج سريعة وفعالة. وِفق المصادر فإن لا حل لازمة الاشتراكات الا بالعودة لنظام العدّاد، عبر قبول وزارتي الطاقة والاقتصاد بإعداد مخطط سريع لهذا القطاع ودراسة الكلفة العامة له، عبر احتساب الصيانة والمازوت الذي لا يشكّل سوى 20 بالمئة من الفاتورة، واليد العاملة التي لم تتبدّل اجرتها وغيرها من الاكلاف وبدء تطبيقها واجبار اصحاب المولدات على السير بها، لانها حتماً ستخفّض الفاتورة اليوم الى حدود النصف تقريباً، مع اعتماد نظام المحاسبة، وغير ذلك لن يوقف أحد جشع اصحاب المولدات، ولكن السؤال لماذا لم تبادر الوزارات لمثل هذا الاجراء؟ تؤكد المصادر أنها تفتقد لصنع القرار والتنفيذ وتبقي على السوق فلتاناً، وحتماً سيؤدي الامر ان لم يتم ضبطه الى ارتفاع جنوني بأسعار فاتورة الاشتراكات قد تتخطّى الـ500 ألف وزيادة.

إذاً، يبدو أن مواجهة فاتورة الاشتراك “المعجزة” كما وصفها أحد المواطنين تحتاج الى معجزة حكومية غير واردة. وفي السياق يتخبّط المواطن مع واقعه، كيف سيوفر الـ500 ألف؟ ومادة البنزين والخضار ايضاً ودخولهما على خط السوق السوداء، والدواء المفقود والطبابة المهدّدة وتكرّ سبحة المعاناة التي يبدو أنه يواجهها بمفرده، في حين لم يصبه من نواب منطقته سوى سيل الخطابات المندّدة التي لم تؤمّن له الكهرباء ولا البنزين ولا حتى لقمة عيشه.

في محله يجلس يوسف يدخّن نرجيلته، يسجّل اعتراضه على فاتورة الاشتراك ويقرّر دفعها، يدرك أن خطوته تصبّ في مصلحة صاحب الاشتراك نفسه الذي مارس ورقة ضغط كبرى بحق المشتركين عبر قطعه الاشتراك منذ الصباح، في حين يرى ان الناس كان يفترض ان تمارس الضغط على اصحاب الاشتراكات بقطع الكابلات كورقة ضغط فاعلة بحقهم، “لكنهم لم يفعلوا لانهم جبناء”، كما يقول يوسف الذي يؤكد أن “الناس لم تتعلم بعد سياسة الدفاع عن حقها، وتمضي في ذلّ نفسها، فاليوم تقبل بالـ500 ألف للاشتراك وغداً تمضي على بياض لاصحاب المحطات بتنكة بنزين تتخطى الـ100 ألف، وهلمّ جرّا من كل الامور التي نجحت الدولة بتمريرها بممارستها سياسة تعزيز الازمات، واذلال الناس للوصول الى المبتغى من دون ضربة كف. باختصار يبدو أن موجة من الاعتراضات دخلت على خط المواجهة، فالوضع بات يحتاج انقلاباً، والا فالمحتكرون سيحقّقون مبتغاهم، فهل يسجل للمواطن اول اعتراض علني في الشارع؟ يبدو ان اول غيث الاعتراض على الفاتورة سيكون باعتصام احتجاجي يوم الجمعة للحزب الشيوعي، فهل يكون تحرّكاً عبثياً ام يحقّق خطوة باتجاه وقف اصحاب الاشتراكات عند حدّهم؟ المؤكد أن الفاتورة دخلت حيز التنفيذ وغداً يدفع المواطن و”يأكل أصابعه ندامة”.