IMLebanon

دول وجهات منظمة وراء تهريب المخدرات إلى السعودية

كتب معروف الداعوق في “اللواء”:  

لم تعد قضية اكتشاف ومصادرة شحنات الحبوب المخدرة الكابتاغون، المتواصلة دون توقف وبهذه الكميات الكبيرة، والمهربة الى المملكة العربية السعودية عبر لبنان ودول اخرى، حدثا عابرا، او من فعل عصابات تهريب المخدرات العادية كما يحدث في العديد من بلدان العالم. بل تعدته إلى اكثر من ذلك، لتطرح العديد من الأسئلة والاستفسارات عن ماهية الاهداف البعيدة المدى المتوخاة منها، لاسيما اذا ما أخذنا بعين الاعتبار منشأ صناعة هذه المخدرات وآلية وطريق إرسالها الى المملكة، وكل الظروف والعوامل التي تتحكم وتواكب عمليات التهريب النوعية على هذا المستوى.

فاستنادا الى التحقيقات الأمنية والقضائية التي جرت في اعقاب اكتشاف ومصادرة شحنات الحبوب المخدرة وهي من النوع ذاته، في لبنان واكثر من دولة اوروبية والمملكة العربية السعودية، كلها اظهرت ان مصدر هذه الشحنات الاراضي السورية دون سواها، وكل المحطات التي مرت فيها، ان كان بالمطارات او المرافىء الخارجية، هي للتمويه واخفاء المصدر، ونوع البضاعة حتى بلوغ وجهتها النهائية باراضي المملكة. إذ لا يمكن اقامة مصنع او مخزن لتوضيب وتكديس المخدرات، في اي بقعة او دولة ما، ويستحصل على المواد الاولية ويصنع مثل هذه الكميات الكبيرة من المخدرات، ويتمتع بحرية نقلها وتصديرها بسهولة عبر المرافىء الشرعية من دون موافقة وغطاء او حماية من الجهات المسؤولة فيها، مهما حاولت هذه الدولة إخفاء معرفتها او انكار علمها بما يجري على اراضيها. ولذلك فإن التحديد الدقيق والموثق بتتبع مصدر المخدرات المضبوطة والمسندة باعترافات المتورطين بها، يعطي الادلة على الدولة او الجهات التي تقف خلف هذا المخطط الجهنمي، واستقراء الاهداف المرجوة منه في ظل عدم صدور اي نفي رسمي معزز بالأدلة الموثوقة. ولذلك فان تنفيذ اسلوب تهريب المخدرات على هذا النحو المنظم وبهذه الكثرة غير المعهودة، يثير الاهتمام ويتطلب التوقف عنده بكثير من الحذر ويطرح تساؤلات عديدة واهمها، هل يرمي الى نشر آفة المخدرات على نطاق واسع في مكونات الشعب السعودي ولاسيما الشبابية التي تشكل العامود الفقري لبناء مستقبل البلد وتطويره لاتعرفه وتشتيت قوته من الداخل؟

فإذا ربطنا تزامن تنفيذ هذه الخطة الخبيثة بالصراع الاقليمي المتصاعد مع استمرار محاولات ايران لتكريس نفوذها بالمنطقة العربية واستهدافها المنظم لامن واستقرار المملكة العربية السعودية من الاراضي اليمنية المجاورة، يقود هذا الترابط المحكم الى استنتاج شبه مؤكد، بأن ما يحصل هو خطة خبيثة محكمة، بتخطيط من جهات منظمة على مستوى رفيع لنشر آفة المخدرات كسلاح فتاك، لتفتيت المجتمع السعودي من الداخل بالتزامن مع الاعتداءات والتصعيد الامني والعسكري من الخارج، لاستهداف مكانة المملكة واضعاف دورها السياسي والاقتصادي، بالتصدي للمشروع الايراني المدمر للمنطقة العربية بمجملها.

كذلك يلاحظ، ان اضرار وتداعيات هذا المخطط المشبوه لا تقتصر على المملكة التي تصدت له وكشفت غاياته المدمرة فحسب، وانما تطال مباشرة لبنان، الدولة الثانية بعد المملكة التي تضررت بشدة، جراء استعماله كمنصة لاخفاء هذه المخدرات في ثنايا المعدات الصناعية والمواد التجارية على اختلافها، مستغلين موقعه التجاري والصناعي والاقتصادي المميز مع دول الخليج العربي الشقيقة ولا سيما المملكة العربية السعودية لعبور هذه المخدرات من خلاله الى منطقة الخليج وغيرها. فهذه الاساءة للبنان تكمل مسلسل نهج التصويب السياسي على علاقاته الخليجية خلال السنوات الماضية من قبل العديد من سياسي مكونات التحالف مع ايران وفي مقدمتهم رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وحلفائه، الذين امعنوا ايضا بالتغاضي عن استعمال حزب الله لبنان كمنصة سياسية واعلامية لاستعداء هذه الدول والتصويب عليها باستمرار، ما اثر سلبا على هذه العلاقات، ولا سيما على الصعيدين السياسي والاقتصادي. ويبقى ان تقوية علاقات التعاون والتنسيق الامني المشترك على أعلى المستويات بين لبنان والمملكة امر مهم وضروري، يساهم في كشف ومصادرة شحنات الحبوب المخدرة المهربة، ويعطل اضرار وتداعيات وأهداف هذا المخطط الخبيث ويعود بالفائدة على البلدين الشقيقين.