IMLebanon

“الترويقة اللبنانية” مهددة بأبسط مقوماتها

 

مأكولات الفقراء والأصناف الشعبية في لبنان الى انحسار. ما من شيء مجاني كما كان يتردد سابقا، وبات لكل شيء سعر «الحرزان» الذي يحسب له ألف حساب.

المقبلات الباردة في الترويقة الصباحية اللبنانية باتت فاتورة في حد ذاتها، بعد ارتفاع سعر كيلو الحليب الطازج ومشتقاته.

وتخطى سعر كيلو اللبنة البلدية الـ 45 الف ليرة، بعدما كان منذ شهرين تحت عتبة العشرين ألف ليرة.

ومثله ارتفع سعر اللبن وأصناف من الأجبان البلدية اللبنانية ونماذج لأصناف أجنبية تصنع في لبنان مثل الحلوم والفيتا وغيرها.

في هذا الإطار يعرض رولان سعادة لتجربته في صناعة الأجبان البلدية التي تعود الى أيام الراحل والده منذ 1973 في بلدة الحدت (في محافظة جبل لبنان قضاء بعبدا).

ويصف الوضع الحالي بـ«غير الجيد»، متوقعا الأسوأ «في حال رفع الدعم عن المازوت، إذ ستزداد الكلفة عشرة أضعاف وسنضيفها الى الفاتورة التشغيلية».

وقال سعادة في حديث لـ«الأنباء» عن ضربة قوية أصابت القطاع جراء رفع الدعم عن سعر كيلو الحليب الطازج: «في لبنان زهاء 50 معملا لتصنيع الألبان والأجبان، ونحن في الطريق لنأكل بعضنا اذا استمرينا في المضاربة بالأسعار لولوج الأسواق».

الرياضي الشاب توسع في أعماله الى خارج بيروت، منتقلا في 1991 الى بلدة حزين في قضاء بعلبك، على بعد خمسة كيلومترات من القلعة التاريخية.

وهو يوزع منتوجاته الى تجار الجملة، بتعبئة أصناف تحت اسم علامات تجارية أخرى في كل المناطق اللبنانية، ويحصر عمله داخل السوق اللبناني، لكنه يتحدث عن انخفاض في الأرباح رغم بلوغ الأسعار مستويات قياسية غير مسبوقة. ويختصر المصاعب قائلا: «نشتري بالدولار ونبيع بالليرة اللبنانية.

ونعاني من قلة التصريف جراء الغلاء، ذلك أن الأساسيات عند المواطن تبقى في توفير البطاطا والخبز وغيرها لتأمين المأكولات الأساسية قبل مشتقات الحليب».

ولا يتردد في الإجابة عن سؤال حول خفض كلفة صناعة اللبنة واللبن في المنزل، سواء عبر استخدام الحليب البلدي الطازج أو المجفف من البضائع المستوردة.

ويقدر كلفة كيلو اللبنة المصنعة منزليا بـ 18 ألف ليرة لبنانية، «بينها توفير خمسة آلاف ليرة سعر العلبة البلاستيك التي تعبأ بها. باختصار، العودة الى الشغل البيتي قد تشكل انفراجة مؤقتة للأسر، لكنها لا تعفي القطاع من خطر الانهيار».

من جهة أخرى، تحدث صاحب إحدى مزارع الألبان في بلدة لحفد قضاء جبيل عن «سوء توقيت وحظ أصاباني بعد إقدامي على خطوة افتتاح معمل حديث لتصنيع الألبان والأجبان. وجاء ارتفاع الأسعار ليحد من قدرة ولوجنا الى الأسواق».

أما في «بيت هدوان» البقاعي للألبان والأجبان بفرعه على اوتوستراد الزلقا المسلك الغربي، فتغيب بعض الأصناف لأسباب غير معروفة، وبينها جبنة «الفيتا» التي تصل بكميات قليلة وتختفي سريعا من البرادات.

أشياء عدة تبدلت من ارتفاع أسعار الزيت والزيتون من المنتوجات البلدية اللبنانية، ما جعل الترويقة اللبنانية التقليدية ذات كلفة غير مسبوقة في كل أصنافها، وصولا الى فنجان القهوة بعد رفع الدعم الحكومي عن أسعار البن، ليبلغ سعر الكيلو من أصناف البن المستورد 100 ألف ليرة لبنانية بالحد الأدنى.

وتأتي هذه الخطوة لتترافق مع ارتفاع أسعار مشتقات القهوة من الأصناف الأجنبية، لتسود «عدالة الأثمان الباهظة» في المشروبات الصباحية الساخنة.

قليلة هي المنتوجات التي لم تتأثر بانهيار العملة الوطنية أمام سعر صرف الدولار الأميركي. ونتحدث هنا عن لقمة عيش المواطن، من يوميات ضرورية بينها ما حمل اسم الطابع اللبناني على المائدة وغيرها.

ربما يأتي يوم ليس ببعيد، يختصر فيه اللبناني من وجباته اليومية الثلاث (بالحد الأدنى)، ويغيب أصنافا عدة اعتاد تناولها. وليس ذلك بالمستغرب في زمن الضرورة الاقتصادية الكبرى التي تفرض نفسها.