IMLebanon

“نعمة” السيارة تتحوّل إلى “نقمة”… والبديل الدراجة النارية

كتبت جويل الفغالي في “نداء الوطن”:

مع اشتداد أزمة قطاع النقل في الفترة الأخيرة التي زادت من حدّتها ندرة كميات المحروقات واستمرار ارتفاع اسعارها، لا نرى أي ردة فعل من قبل المسؤولين، وكأنهم يعتبرون أن إذلال المواطن اللبناني أصبح أمراً عادياً. والى جانب مشهد الطوابير على المحطات، يعاني المواطن اللبناني من صعوبة في التنقّل ما يدفعه الى الإستغناء القسري عن سيارته واللجوء الى وسيلة نقل أوفر.

أمام الازمات التي تلاحق اللبناني والتي أجبرته على تغيير نمط حياته اليومي والإستغناء عن الكثير من الحاجات الاستهلاكية الثانوية والتركيز فقط على الاساسيات، يحاول اليوم إيجاد بديل عن السيارة التي اصبحت عبئاً عليه، حيث تُعد كلفة استعمالها باهظة جداً وخاصة مع استمرار ارتفاع سعر الصرف وغياب أي إصلاح من قبل المعنيين.

تكلفة الصيانة باهظة

في أيام العز، كان اللبناني يستنجد بالمصارف للحصول على قرض بهدف شراء سيارة، أما اليوم وفي ظلّ انهيار العملة الوطنية وارتفاع سعر الدولار بوتيرة مستمرة، باتت كلفة إصلاح أي عطل مكلفة جداً الأمر الذي يولّد إشكالات بين الميكانيكي والزبائن في الكاراجات. وحول الكلفة المرتفعة لتصليح السيارات اكّد أحد الميكانيكيين “أن الصيانة الدورية للسيارة ضرورية لأنها تخفف من احتمالات تعطل السيارة وتطيل عمرها وتقلل تكاليف الإصلاح. وهذه الصيانة تبدأ من تغيير زيت المحرك والفلتر كل 3 أو 6 أشهر حتى السنة حسب الاستهلاك، ويقدّر ثمن كيلو الزيت الواحد 6 دولارات أي ما يعادل 106000 ليرة اللبنانية، وكذلك “الكولييه” الذي يجب تغييره بين 6 أشهر وسنة حيث أن ارخص نوع يقدر بـ 25 دولاراً اي ما يعادل 450000 بالليرة اللبنانية، اضافة الى سوائل للفرامل ووسائل التبريد و”البوجيهات” وغيرها حيث تكلّف عملية الصيانة سنوياً نحو 100 دولار. فالى جانب الأعطال الفجائية التي يمكن أن تحصل، كـ”طرمبة” الماء التي أصبح سعرها اليوم على اساس سعر الصرف حوالى الـ1000000 ليرة لبنانية أو الرادياتور 1800000 ليرة أو البطارية التي يتراوح سعرها بين 50 و200 دولار”. فارتفاع تكلفة الصيانة تفوق قدرة المواطنين على تصليح سياراتهم جراء تقلص قدرتهم الشرائية الأمر الذي يهدد السلامة العامة.

الحدادة والبويا للميسورين فقط

“مش وقتا الحدادة والبويا”، هي أكثر عبارة يتداولها الشعب اللبناني في حال وقوع أي حادث سير، “المهم أن تكون بحالة ميكانيكية جيدة”. وكذلك اصبحت الحدادة والبويا للضرورة القصوى فقط. وهذا يعود طبعاً الى تراجع أعداد المؤمنين ضد جميع المخاطر all risk بسبب ارتفاع اسعار البوالص وتراجع عمل شركات التأمين. من هنا تبدأ معاناة كاراجات الحدادة والبويا. وبجولة على أحد الكاراجات، نرى أن اسعار البويا والتنر والمعجونة والبوليش وكل ما يلزم لاصلاح السيارة ارتفعت مع ارتفاع سعر الصرف، فالفاتورة التي كانت تكلف الكاراج 1000 دولار على اساس 1500 ليرة أصبحت اليوم على اساس سعر سوق السوداء حيث يجب أن تدفع فوراً ونقداً. أما القطعة التي كان تصليحها ودهانها يكلف 50 دولاراً على اساس الـ1500 ليرة، أصبحت اليوم كلفتها نحو 500000 ليرة، ووفق تلك المعادلة فقط من يملكون المال هم القادرون على تصليح وترتيب كيان سياراتهم.

وسائل أقلّ كلفة

في ظلّ هذا الواقع المرير، بدأ اللبنانيّون يبحثون عن وسائل نقل لا تُكلّف الكثير لناحية البنزين وخاصة بعد ارتفاع اسعارها وشحها وارتفاع كلفة التصليح والصيانة، من بينها الدراجات النارية الصغيرة التي تتميز بسعرها المنخفض مقارنةً بأسعار السيّارات وتكلفة قطعها وتصليحها والبنزين. ويؤكد عدنان العطار وهو صاحب شركة العطار للدراجات النارية على “زيادة الطلب عليها في الآونة الاخيرة خصوصاً مع ارتفاع سعر البنزين وصعوبة الحصول عليه، فهي الحل المناسب في هذه الأيام وخاصة لمن لم يعد يتحمل زحمة السير الخانقة. ولكن المشكلة أن اسعار هذه الدراجات إرتفعت بسبب ارتفاع سعر الشحن البحري وسعر المعادن في الصين، فقبل 6 اشهر كان سعر شحن الحاوية في الصين لا يتجاوز 3000 دولار، اما اليوم ارتفع ليصبح 14500 دولار. وبشكل عام زاد سعر الدراجات النارية بين 100 و120 دولاراً ليصبح سعرها يتراوح بين 650 و800 دولار”. ولكن بحسب أحد هواة الدراجات النارية، فهو يعتبر أن “اللجوء الى استعمال الدراجة النارية كوسيلة للتنقل أفضل بكثير من السيارة رغم ارتفاع اسعارها، فهي ستوفر عليه تكاليف البنزين، فـ”تفويلها” ومع ارتفاع سعر البنزين قد يصل الى 20 ألف ليرة كحد أقصى، وكذلك الصيانة التي لا تتجاوز قيمة الـ30 دولاراً سنوياً، حتى في حال أي عطل، فتصليحها سيكون أقل قيمة من تصليح السيارة”.

قد تكون الدراجات النارية هي الحل البديل لمن يملكون “فريش دولار” لشرائها، ولكن ماذا عن أولئك الذين يحتاجون للتنقل ويعانون من ارتفاع تكلفة صيانة السيارة ولا يملكون العملة الخضراء لشراء البديل عنها؟ كما وأن النقل المشترك في لبنان في حالة يرثى لها، فماذا سيكون البديل؟