IMLebanon

لا أنقرة ولا القاهرة… ظروف التأليف “قاهرة”

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

عاد الحديث عن إمكانية تأليف حكومة أو إعتذار الرئيس المكلّف سعد الحريري إلى الواجهة، بعد عودة الأخير إلى بيروت ومباشرته الإتصالات السياسية على أعلى المستويات.

يبدو من جولة الرئيس الحريري الخارجية الأخيرة أن الأفق الإقليمي والدولي ما زال مقفلاً أمامه، فقد زار أنقرة والتقى الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان، وعرّج على مصر وعقد خلوة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، لكن أبواب المملكة العربية السعودية لم تفتح ولم يعقد أي لقاء مع الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

ويأتي استنجاد الحريري بكل من مصر وتركيا اللتين تُشكّلان المنافس الأول للسعودية على الساحة السنية الإقليمية، كدليل على أن أبواب العودة الحريرية إلى الرياض غير واردة إطلاقاً في هذه المرحلة.

وإذا كان الحريري يراهن على أن كلّاً من أنقرة والقاهرة لديهما القدرة على فتح أبواب الرياض أمامه، فإن رهان الحريري غير صائب، نظراً إلى عدّة عوامل أبرزها أن دولاً أكبر حجماً وعلى رأسها روسيا، والتي تُعتبر الداعم الأول للحريري في مهمته الحكومية، إضافة إلى فرنسا التي تبنّت الأزمة اللبنانية وأخذ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الحلّ على عاتقه، وكذلك بعض الدول الأخرى الناشطة علـى الساحة، جميعها لم تنجح في تليين الموقف السعودي، وبالتالي هل ستنجح أنقرة والقاهرة حيث فشل غيرهما؟

ولا يمكن رمي المشكلة على الجانب السعودي، مع أن تدخّل الرياض قد يكون عاملاً مسهّلاً، فالمشكلة الحكومية متشعّبة ولديها شقّ خارجي ومرتبط بإيران، وشق داخلي يتمثّل في صراع الحريري مع رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل، من أجل شدّ عصب جمهوره أولاً ومن أجل كسب رضى السعودية ثانياً، لكن المفاجأة كانت من الرياض التي تعتبر أن خصمها الأساسي هو “حزب الله” بينما باسيل وبقية الحلفاء هم “ديكور” لمشروع “الحزب” الذي يسيطر على لبنان ويتمدّد في سوريا والعراق، والأخطر بحسب الرياض انه وصل إلى حدودها في اليمن ويهدّد أمن الخليج بدعم إيراني واضح.

إذاً، ساعات مفصلية أمام الحريري قد تُحدّد مستقبله السياسي وليس فقط دوره كرئيس حكومة مستقبلي، وكل الأجواء تشير إلى أن مهمة التأليف باتت صعبة جداً ومعقّدة، وهناك صوت داخل نادي رؤساء الحكومات السابقين والبيت السنّي ينصحه بالإعتذار وعدم الإكمال في المهمة لأنه لن ينجح فيها طوال عهد عون، وهناك تحذير أو “نصيحة” بألا يغرق كثيراً في لعبة رئيس مجلس النواب نبيه برّي ويصبح رهينة “الثنائي الشيعي”، وعندها يصبح مرشّح “الثنائي” وتحترق أوراقه داخلياً وخليجياً، مع العلم أنه بحاجة إلى دعم بري في مواجهته مع رئيس الجمهورية ميشال عون وباسيل لكن ضمن حدود معينة.

ومن جهة أخرى، فإن كل النقاش في الأسماء التي ستخلف الحريري غير واقعي، أقلّه من الآن حتى نهاية الأسبوع، وذلك لمعرفة الموقف الذي سيتّخذه الحريري وما إذا كان فعلاً ينوي الإعتذار أو إنه سيبقى محتفظاً بالتكليف في جيبه.

ستتكثف الإتصالات السياسية وعلى أعلى المستويات في الساعات المقبلة، لكن موقف كل من الحريري وعون وباسيل لم يتغير، لذلك ستبقى اللعبة تدور في حلقة مقفلة إلا إذا إتخذ الحريري القرار الأصعب وقرّر الإعتذار.