IMLebanon

هل يلقى “البيطار” مصير “صوان”؟!

توحي حركة المحقق العدلي القاضي طارق البيطار أنه ماض قدما في مسار التحقيقات والملاحقات القضائية التي توصل إلى إصدار قراره الظني في كارثة انفجار مرفأ بيروت قبل نهاية العام الحالي. فهو قد استفاد من تجربة سلفه القاضي فادي صوان، عمل على تفادي الثغرات التي سقط فيها، لاسيما على صعيد الادعاء على نواب حاليين كانوا يشغلون مراكز وزارية على صلة بمرفأ بيروت، ووجه رسائل الى مجلس النواب ونقابة المحامين لرفع الحصانات، ووسع دائرة الادعاءات والاستدعاءات، وقد لجأ الى اتباع هذا المسار الحازم ردا على حالة التجاهل لدى جهات أمنية وغير أمنية كان أرسل لها استنابات تفيد التحقيق ولم يلق جوابا.

ولكن يبدو أن مهمة القاضي البيطار لن تكون سهلة، وإنما ستكون محفوفة بالصعوبات والعثرات، نظرا لحجم هذا الملف وتعقيداته والغموض الذي يكتنفه. وقد بدأت بوادر هذا المسار الصعب تظهر مع بروز اعتراضات من جهات فاعلة ومؤثرة، على الدفعة الأولى من أسماء المسؤولين المدعوين للمثول أمام المحقق العدلي، وإعطاء إفاداتهم إما كشهود أو كمدعى عليهم. ولم يكن بالأمر العابر والبسيط أن تصدر ردة الفعل الأولى عن أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، وأن يقود موقف التصدي لما وصفه بـ«التوظيف السياسي للقضية»، متحدثا عن عدالة ما تزال بعيدة وحقيقة ما تزال مخفية، ومتسائلا: هل ثمة عمل قضائي حقيقي أم ثمة استهداف سياسي؟! وهذا «التشكيك الاتهامي» الصادر عن قيادة حزب الله تكمله مجموعة تساؤلات طرحت عبر أوساط إعلامية ودوائر سياسية، وركزت على «الاستنسابية» التي تعامل بها المحقق العدلي من خلال ادعائه على جهات معينة وإهماله لآخرين، وعدم اعتماد وحدة المعايير، ومن دون أن يكون هناك معيار واضح، بحيث جرى استدعاء رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ولم يتم استدعاء رؤساء حكومات تعاقبوا على هذا المركز منذ العام 2014 وحتى نهاية العام 2019. كما لم يتم استدعاء كل وزير عدل ووزير مالية ووزير أشغال في الفترة نفسها، وفيما تم استدعاء قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي ومدير المخابرات في تلك الفترة العميد كحلي ضاهر، لم يتخذ الإجراء نفسه مع قائد الجيش الحالي ومدير المخابرات.

لشرح و«تبسيط» الموضوع وطبيعة المشكلات التي يمكن أن تعترض هذا الملف الحساس والدقيق. يمكن القول إن اللائحة التي أصدرها المحقق العدلي تشمل 3 فئات:

1 – فئة النواب (علي حسن خليل، غازي زعيتر، نهاد المشنوق)، وهؤلاء طلب القاضي البيطار رفع الحصانة النيابية عنهم، وقد لقي طلبه تجاوبا فوريا من الرئيس نبيه بري الذي عين موعدا لجلسة نيابية يتأمن نصابها بأكثرية النصف زائد واحد (65 نائبا)، ويؤخذ قرار رفع الحصانة فيها بالأكثرية النسبية (أكثرية الحضور). ولكن هذا التجاوب السريع من جانب بري، ومن باب التزام القانون وفصل السلطات وقطع الطريق على أي استغلال سياسي لقضية وطنية وإنسانية، لا يعني أن طريق رفع الحصانة «معبد» وسالك. هناك أولا احتمال عدم توافر النصاب القانوني للجلسة. وهناك ثانيا احتمال التصويت لمصلحة عدم رفع الحصانة بسبب عيوب في الشكل والأصول.

2 – فئة الوزراء السابقين، ومنهم من أصبح نائبا مثل علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق، ومنهم من لم يصبح نائبا مثل يوسف فنيانوس. وهؤلاء يحالون الى المجلس الأعلى لمحاكمة الوزراء والرؤساء (غير الموجود حاليا)، طالما أن التهمة الموجهة الى الوزراء هي «الإهمال» ولا ينطبق عليهم السند القانوني الذي ينص على «جرم القتل عمدا» أو النتيجة الجرمية الناشئة عن الفعل أو عدم الفعل إذا كان الفاعل توقع حصولها وقبل المخاطرة.

3 – فئة رؤساء الأجهزة والمؤسسات العسكرية والأمنية. وهنا برز بشكل خاص اسم مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ليس فقط لأنها المرة الأولى التي يرد اسمه في هذه القضية ومن دون مقدمات، وإنما نظرا لموقعه ودوره اللذين يتجاوزان مركزه ووظيفته، خصوصا أن ما حققه من إنجازات على مر السنوات الماضية وما نسجه من علاقات دولية، وما يحكى عن دور سياسي مستقبلي له، كل ذلك دفع الى طرح تساؤلات عن سبب استدعائه، وإذا كان من أهداف وجهات تقف وراءه. وإذا كان مثول رؤساء الأجهزة الأمنية يتوقف على ما سيقرره ويفعله اللواء إبراهيم، فإن هذا الأمر خاضع لاعتبارات كثيرة.