IMLebanon

حصانات “النيترات”: “قال المريبُ خذوني”!

لأنها سلطة شّبت وشابت على الإجرام والنهب والإفساد، وليس متوقعاً منها أن تتعظ في أرذل العهود ولا أن تنوب إلى شعبها صاغرةً أمام آلامه ومآسيه… ارتدت بالأمس كامل حلّتها المافيوية وأفرغت ما في جعبتها من غلّ وغشّ واحتقار لدماء شهداء انفجار المرفأ، لتعكس بوقاحتها الفجة حقيقة أنها “الخصمُ والحَكَمُ” في جريمة استقدام وتخزين شحنة “نيترات الأمونيوم” التي دمّرت العاصمة فوق رؤوس قاطنيها.

باختصار “قال المريبُ خذوني” أمس… بعدما تداعى أركان السلطة لحماية المدعى عليهم في الجريمة، منعاً لمقاضاتهم ومحاسبتهم وتحميلهم مسؤولية إزهاق أرواح اللبنانيين في انفجار الرابع من آب، ليخلص اجتماع الهيئة النيابية المشتركة إلى تفعيل مظّلة “الحصانات” فوق رؤوس المسؤولين الضالعين في قضية “النيترات”، وصدّ طلب التحقيق العدلي رفعها عنهم، فكانت الحقيقة ساطعة في أعين أهالي الشهداء أنّ أهل الحكم عازمون على طمس الحقيقة والعدالة في جريمة قتل أبنائهم، وأنّ تهرّبهم من رفع الحصانات “يبرهن تورطهم” في الجريمة.

وإثر جلسة مشتركة لهيئة مكتب المجلس النيابي ولجنة الادارة والعدل برئاسة رئيس المجلس نبيه بري في عين التينة، خرج المجتمعون بقرار يطلب من المحقق العدلي القاضي طارق بيطار “خلاصة عن الأدلة الواردة في التحقيق وجميع المستندات والأوراق التي من شأنها إثبات الشبهات والمتعلقة بكل متهم سنداً للمادة 98 للتأكد من حيثيات الملاحقة لنبني على الشيء مقتضاه”، وفق ما أعلن نائب رئيس المجلس إيلي الفرزلي، منوهاً بأنّ الهيئة ستعود إلى الاجتماع بعد الحصول على “الجواب المطلوب” لاستكمال البحث وإعداد التقرير النهائي لإحالته إلى الهيئة العامة.

وكما في عين التينة، كذلك في الصنائع حيث “لحس” وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي الوعد الذي أطلقه عشية تسطير الادعاءات التي شملت طلب الإذن باستجواب المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، فعاد فهمي بالأمس إلى نقض وعده وراسل وزارة العدل معلناً رفضه منح الإذن بملاحقة ابراهيم على اعتبار أنه قام بواجباته في ملف “النيترات”. وذلك رداً على ما ورد في مذكرة المحقق العدلي التي فنّد فيها التهم الموجهة إلى المدير العام للأمن العام بوصفه من بين المسؤولين الأمنيين الذين أدى امتناعهم عن ممارسة صلاحياتهم إلى حصول انفجار 4 آب “لا سيما بعدما تبلّغ اللواء ابراهيم أنّ جهاز أمن الدولة في المرفأ فتح تحقيقاً يتعلّق بمواد نيترات الأمونيوم الخطيرة في الشهر السادس من 2020، وأنّه جرت مخابرة النيابة العامة على اعتبار أنّ هذه البضاعة تهدّد الأمن والسلامة العامة”، وعليه كان طلب القاضي بيطار استجوابه بصفته مدعى عليه “بما أنه لم يقم بما يجب لإبعاد خطر المواد على الأبنية السكنية المحيطة، ولم يكلّف دائرة أمن عام مرفأ بيروت بمتابعة مصيرها كما أنه لم يُتابع أمر التقرير الأخير المرفوع إليه في العام 2020”.

وفي المقابل، ثارت ثائرة أهالي الشهداء فتجمهروا بدايةً أمام عين التينة ثم انتقلوا إلى مقر وزارة الداخلية مؤكدين أنهم لن يستكينوا قبل “محاسبة كل من له يد بقتل إخوتنا وأبنائنا”، وتوجهوا إلى “كل من يختبئ تحت غطاء الحصانة، ويرفض طلب الاستجواب او غيره عبر التلاعب على القانون” بالتشديد على كونه “يبرهن أنّه متورط او لديه معلومات تهمّنا وتفيد التحقيق”، وأضافوا: “تهرّبكم من التحقيق يعادل السماح لنا بالدخول الى بيوتكم من دون أي اذن، لجلبكم للتحقيق بالقوة ومعرفة مدى تواطئكم مع الميليشيات الداخلية او الدول والأموال الخارجية”.