IMLebanon

هل استفاد ميناء حيفا من تفجير مرفأ بيروت؟

كتب ريمون ميشال هنود في “اللواء”:

بعد انفجار مرفأ بيروت بشهور عدة تم الكشف عن تفاصيل مشروع للسكك الحديدية التي تربط البحر الأبيض المتوسط بالخليج وينطلق الخط من ميناء حيفا مروراً بالأردن وصولاً إلى سواحل الخليج، وهذه التطورات تركت أسئلةً عدة عن دور مرفأ حيفا بعد انفجار المرفأ اللبناني.

يقول الخبير الاقتصادي الدكتور محمد عكوش بأن اسرائيل ترغب باستخدام مرفأ حيفا للوصول إلى دول الخليج وبالتالي الاستغناء عن مرفأ بيروت المدمر وقناة السويس، كما يفيد الخبير الاقتصادي باتريك مارديني بأن ميناء حيفا بات قادراً على تأمين خدمات  التبادل التجاري لدول المنطقة خصوصاً مع العمل على سكة حديد تربط ميناء حيفا بدول الخليج.

وعن الحلول الاقتصادية المطروحة يرى مارديني أنه على الدولة فتح المرافئ اللبنانية كافة على نظام BOO.

وBOO تشكل اختصاراً لعبارة built down and operate، وتعني العبارة بالعربية البناء ثم التملك ثم التشغيل، وهو نظام يجيز للحكومة انشاء مشروعات بالشراكة مع مستثمرين من القطاع الخاص.

لقد دخل الصينيون بقوة على خط الاستثمار في المرفأ العبري، وهو المرفأ الطبيعي لرسو القطع البحرية للأسطول السادس الأميركي العامل في البحر المتوسط.

من هنا سؤال يطرح نفسه على بساط البحث هل كانت مجرد صدفة أن يشير موقع بلومبرغ عن المضي في خصخصة المرفأ القديم لحيفا في 4 آب 2020 وهو اليوم عينه الذي تم فيه تفجير مرفأ بيروت ؟!

وأعود إلى الخبير الاقتصادي الدكتور عماد عكوش الذي استرسل في الحديث عن ميزات مرفأ بيروت فأوضح أنه يتصدر المرتبة 73 عالمياً والمرتبة التاسعة على مستوى المنطقة، وتبلغ مساحته 1.2 مليون متر مربع ويشكل أي المرفأ اللبناني متنفساً هاماً للتجارة في لبنان إذ عبره تمر 80% من حركة التجارة ويمتلك 4 أحواض يبلغ عمقها ما بين العشرين والأربع وعشرين متراً بمساحة 660 الف متر مربع.

وفي ما يتعلق بالعائدات يحصل المرفأ اللبناني سنوياً على مبلغ يتراوح ما بين الـ250 إلى 300 مليون دولار إذا ما تم ضبط الوضع بشكل صحيح من خلال منع التهرب الجمركي، ويضم المرفأ بحسب عكوش حوالى 500 موظف في الملاك وترسو فيه سنوياً 3200 سفينة، علماً أن خصائص وميزات المرفأ اللبناني تلك كانت سارية المفعول قبل عملية تفجيره بشكل جنوني، ويؤكد الخبير عكوش بان مرفأ بيروت هو من المرافئ الأساسية المالكة لكل المواصفات الهامة المنافسة لكل المرافئ في منطقة الشرق المتوسط، لأنه أفضل بكثير من مرفأ حيفا والمرافئ القبرصية وهو الأفضل على واجهة الشرق الاوسط، لذا من مصلحة اسرائيل أن يكون لها اليد الطولى في تعطيل هذا المرفأ بكل الوسائل المتاحة بما فيها العسكرية كي لا يكون للمرفأ اللبناني الصلب محطة للسفن التي تمر عادةً بهدف اجراء الصيانة والتزود بالوقود نظراً لتشكيله تأثيراً سلبياً كبيراً على حيوية عمل مرفأ حيفا العبري.

أما خسائر مرفأ بيروت المباشرة جراء تفجيره فتشمل خسارة المستودعات التي تضم البضائع وخسارة المعدات والتجهيزات والآلات والرافعات والأبنية والمكاتب وموجوداتها، ومن غير المعلوم كم تستغرق مدة تشييده والتي قد تمتد لأكثر من عامين.

إن انفجار مرفأ بيروت سيجعل من مدينة حيفا الفلسطينية المحتلة ومينائها بوابة دول الخليج على البحرالمتوسط وسيجعل هذا المرفأ يحل مكان مرفأ بيروت وكل ميزات المرفأ اللبناني ستنتقل لتقيم في المرفأ العبري.

ولا شك بأن نية تقويض دور مرفأ بيروت متواجدة وجاثمة.

وللتذكير أيضاً، أشير إلى الفترة التي أقفلت فيها قناة السويس أمام الملاحة البحرية في العام 1967 جراء العدوان الاسرائيلي على مصر واحتلال اسرائيل للضفة الشرقية للقناة حيث أصيبت حينها الحركة التجارية البحرية بين أوروبا والشرق الأوسط وشبه القارة الهندية والشرق الأقصى بالشلل عبر القناة ما أدى وقتها إلى تحول مرفأ بيروت إلى مركز رئيسي للبضائع المستوردة برسم الترانزيت البري إلى الدول العربية كالسعودية والأردن والعراق والكويت والخليج العربي، فكانت البواخر ترسو في مرفأ بيروت وتفرغ آلاف الأطنان من البضائع في مستودعاته وعلى أرصفته، ولأنها كانت برسم الترانزيت البري إلى الدول العربية، كان يتم اعادة تحميلها على الشاحنات التي بدورها كانت تقوم بنقلها براً عبر الأراضي السورية أي إلى مكانها النهائي العمق العربي، ومن هنا أطلق حينها على مرفأ بيروت لقب مرفأ العرب.

أما عقب تفجير المرفأ اللبناني فقد رأى رجل الأعمال الاسرائيلي ايلان أوزين أن مرفأ حيفا بات يعتبر مفترق طرق إلى أوروبا، في حين قال الدكتور جوني منصور المؤرخ المختص في الشأن الاسرائيلي بعد أن قدم نظريته عن تفجير مرفأ بيروت واستفادة مرفأ حيفا من تدميره، بأنه لا يعتقد ان ما يحدث في حيفا وما حدث في ميناء بيروت كان من قبيل الصدفة، لان تدمير لبنان الآن هو تدمير اقتصادي والهدف الأساس من تدمير مرفأ بيروت هو عدم ابقاء أي منافسة من قبل أي مرفأ لميناء حيفا.

فإذا القينا نظرة على موانئ المتوسط من الجهة العربية نلاحظ أن الموانئ العربية لا تملك القدرة على تحمل ضغط العمل والشحن مقارنةً بمرفأي حيفا وبيروت.

ويضيف الدكتور جوني منصور: لقد دمر مرفأ بيروت، لذا ما تبقى هو مرفأ حيفا وهذا هو المطلوب.