IMLebanon

صيدا بعد اعتذار الحريري: غياب “المستقبل” وحضور التحرّكات المطلبية

كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:

مشهد مدينة صيدا عقب اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري عن تشكيل الحكومة حمل مفارقة كبيرة، بين غياب اي تحرك لأنصار تيار “المستقبل” على الارض كما في مختلف المناطق اللبنانية، للتضامن معه من جهة، وللتعبير عن الاستياء من عملية “الإحراج فالإخراج” من جهة اخرى، وبين غضب شعبي محدود ايضاً، حصر عنوان تحركاته الاحتجاجية برفض رهن البلد لمصير مجهول واستنكاراً للارتفاع الجنوني بسعر صرف الدولار الاميركي والغلاء وارتفاع الاسعار فوراً.

في مشهدية المدينة الفاصلة بين مرحلة وأخرى، بدا المستقبل اكثر هدوءاً والتزاماً بدعوة الرئيس الحريري الى عدم قطع الطرقات، في غياب اي تحرك ميداني عفوي كان يتوقّعه الكثير من ابناء المدينة، وعلى الاقل لتسجيل موقف، حيث تؤكد مصار التيار الازرق لـ “نداء الوطن” ان النائبة بهية الحريري كانت حريصة على مواكبة تداعيات الاعتذار، تاركة الخيار للناس من دون ان يكون هناك شيء منظّم، في وقت حرص فيه بعض الانصار على المشاركة في الاحتجاجات التي جرت على طول الطريق الساحلية.

في المقابل، شارك النائب اسامة سعد الناشطين في حراك صيدا وقفتهم الاحتجاجية في ساحة الشهداء رفضاً لتردّي الاوضاع المعيشية والارتفاع الجنوني بسعر صرف الدولار، قائلاً “ان الاعتذار كان متوقّعاً، ونخشى من تفلّت امني وانفجار اجتماعي، سيما وان الازمات بلغت ذروتها ونحن امام سيناريو فيه المزيد من تدهور الاوضاع على كل الصعد الامنية والاجتماعية والاقتصادية والمعيشية”، مشيراً الى أنّ الاعتذار هو اعلان عجز هذه المنظومة عن انتاج السلطة ومعالجة الازمات”، محمّلاً الطبقة السياسية الحاكمة مسؤولية اي فوضى اجتماعية او توتير امني”، ومحذّراً “من ان الشعب سيحاسبكم وهم يتحمّلون كاملاً المسؤولية عن اي نقطة دم تنزل على الارض”.

ولم يُخف المسؤول السياسي لـ”الجماعة الاسلامية” في الجنوب الدكتور بسام حمود قلقه من التداعيات السلبية للاعتذار، قائلاً “إن الوضع يتّجه من سيّئ الى اسوأ”، متوقّعاً “المزيد من المعاناة الاجتماعية والمعيشية والاقتصادية والاشكالات المتنقلة والتوتر الامني من دون تفلت بالكامل”، وقال: “نحن في صيدا مع تحمل الدول مسؤولياتها كاملة من الناحية الامنية ومعالجة الازمات المتلاحقة، لان غضب الناس ليس له حدود وقد ينفجر قريباً مع فقدان الامل بكل شيء”.

واعتبر الدكتور عبد الرحمن البزري “أنّ هناك حالة إنفصام تام بين مختلف أركان الطبقة السياسية، وبين مطالب الناس المعيشية والحياتية، وبين ما يهدّد البلاد من خطرٍ حقيقيٍ آني ومستقبلي”، مشيراً الى “ان حسابات مختلف القوى السياسية لا تتطابق مع بيدر المواطن والوطن لأنّ البلاد تعيش في حالة تهديد حقيقي لأمنها ولإستقرارها ولسلامة أبنائها”.

تحركات ميدانية

ميدانياً، بقي المشهد الصيداوي مضبوطاً، وشهدت المدينة سلسلة تحركات احتجاجية، حيث قطع محتجّون غاضبون بعض الطرقات بحاويات النفايات والعوائق الحديدية والحجارة، بدءاً من شارع رياض الصلح عند البوابة الفوقا والاشارة وساحة النجمة، مروراً بمنطقة القياعة وقرب تقاطع ايليا وساحة الشهداء حيث احتشد ناشطون من حراك صيدا رفضاً للارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار الاميركي وتردّي الاوضاع المعيشية بعد اعتذار الرئيس الحريري، فيما سيّر الجيش اللبناني دوريات في شوارع المدينة واعاد فتح الطرقات المقفلة.

ورشق محتجّون غاضبون مبنى شركة كهرباء لبنان الجنوبي بالحجارة قبل ان يضرموا النار بالمدخل الرئيسي احتجاجاً على الانقطاع الكبير في التيار الكهربائي وتقنين المولدات الخاصة، ثم انتقلوا الى فرع مصرف لبنان ورشقوا المبنى بالحجارة.