IMLebanon

“الحزب” يدير الفراغ حَكَماً ويدبّر الانتخابات حاكماً

كتبت منير الربيع في “المدن”:

تتجدد المراوحة السياسية في لبنان، على وقع مشاورات تجري بحثاً عن شخصية لتكليفها برئاسة الحكومة. فيما السؤال الأساسي المطروح هو كم ستطول مدة الفراغ؟ وهل سيتم الوصول إلى تسوية حكومية مرتقبة؟ أم سيكون التركيز على تشكيل حكومة انتخابات، لا سيما أن الجميع أصبح يركز على الاستحقاق الانتخابي ونتائجه.

رغبات عون وبرّي

الصراع الأساسي هو بين الرئيسين ميشال عون ونبيه برّي. هناك مصالح متضاربة وصراع على السلطة، ولكنه يبقى مضبوطاً تحت سقف حزب الله. يعتبر عون أنه أعطى حزب الله ما لم يكن للحزب قدرة على تحصيله، أولاً في السلطة، وثانياً شعبياً واجتماعياً على الصعيد المسيحي، بالإضافة إلى المواقف الخارجية، وعادى الجميع من أجله. فهو يفترض نفسه أنه يجب أن يكون المدلل لدى الحزب. ليس الصراع حتماً هو على الإصلاح ولا على أي برنامج من هذه البرامج والشعارات المرفوعة. الوصول إلى رئاسة الجمهوية كان يرتبط بتحالفات وتفاهمات مع من يتهمهم رئيس الجمهورية بأنهم فاسدون، ومع “التسوية” عام 2016 سقطت كل الشعارات التي بنيت عليها تلك الشعبية. أما المعركة السياسية التي يخوضها، فهدفها السلطة وليس شيئاً آخر، فيما يظهر عدم ارتياح مسيحي على الإطلاق لهذا المشروع الذي يقوده عون.

في المقابل، تقوم استراتيجية حزب الله على إبقاء الوضع على حاله، في سبيل حماية دوره ونفوذه. وهو يعلم أن أي حكومة لن تأتي بالمال إلى لبنان، فيما الرئيس نبيه برّي يجيد لعب دور سياسي على الصعيدين المحلي والدولي، والذي من شأنه أن يريح حزب الله. فالعلاقة معه تتقدم على أي علاقة أخرى، لأنه لا يمكن التفريط بالوحدة الشيعية في المواقف السياسية، ولا يقبل بتسرب أي خلاف إلى داخل البنية الاجتماعية للثنائي. هذا مع أن اعتذار سعد الحريري ورفضه تسمية البديل ساهم بإضعاف برّي أكثر في حركته السياسية.

طمأنينة حزب الله

أما الكلام الذي سرده الحريري في إطلالته التلفزيونية، حول الحلف أو العلاقة مع برّي وفرنجية، فهذا لا يهدد مصالح حزب الله. وكذلك بالنسبة الى الصراع بين عون وبرّي فلن يتضرر حزب الله منه، إنما يتعزز موقعه أكثر من خلال تصوير نفسه كوصي على الجميع أو كمصلح فيما بينهم، فيكونون جميعهم بحاجة إليه. خصوصاً أن الوضع لم يصل إلى تسوية إقليمية مُنحت إيران بموجبها دوراً أساسياً في لبنان. فقبل الوصول إلى هذا الاتفاق، الجميع يلعب تحت سقف حزب الله. خصوصاً أن هناك من يؤكد بأن الحل في لبنان بالنهاية يبدأ بمفاوضات مباشرة سعودية إيرانية قابلة لإنتاج تسوية.

ليس لدى حزب الله استشعار بوجود أي خطر خارجي يتهدده، أو أن هناك جهات خارجية تعمل على وضع إطار سياسي جدي للعب دور سياسي وأمني في مواجهة حزب الله، فهذا غير مطروح على الإطلاق. والمطروح بكل جدية فقط هو دعم الجيش والمؤسسات. وهذا يدفع الحزب إلى الاطمئنان أكثر، واستبعاد خيار الاستدراج إلى مواجهة داخلية مع أي طرف.

الانتخابات

تلك الوقائع تدفع حزب الله إلى الرهان على الانتخابات المقبلة. وهذا ما يجب التوقف عنده باهتمام، في مقابل مواقف القوى الدولية التي تركز على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها بناء على تعاطٍ طفولي معها، أساسه الظن والتوهم أو الرهان على قوى المجتمع المدني، التي لن تكون قادرة على إحداث الخروقات المطلوبة. بهذه اللعبة سيعرف حزب الله كيف يدير عملية الإنتخابات على طريقته، والتي من خلالها سيركز استعادة شرعية سياسية، من خلال تحويل المعركة الانتخابية إلى داخل الشارع المسيحي بين التيار الوطني الحرّ وكل خصومه. وهذا ما يدفع التيار إلى حضنه أكثر. هذا بالإضافة إلى تدخل حزب الله أكثر في الانتخابات على الساحة السنية. إذ سيكون له دور أساسي ومؤثر في مجريات العملية الانتخابية، فيعود هو المقرر والمتحكم بهذه اللعبة، بالتزامن مع قدرته إلى جانب حركة أمل على ضبط الساحة الشيعية.