IMLebanon

المرفأ الذي لم يوقفه “الانفجار” أوقفه الإهمال!

كتب أسامة القادري في “نداء الوطن”:

وكأن لبنان واللبنانيين لا يكفيهم ما يعانونه، من سلطة تمعن فساداً، وتغمض عيونها عن أوجاعهم وتساهم في ضرب كل ما هو مفترض أنه مرفق منتج لخزينة الدولة. ان في الاستيراد وما يفرضه ذلك من جمرك وغرامات، او من تصدير المنتج الوطني وما يساهم ذلك في استيراد الـfresh دولار. وفي كلتا الحالتين يكون المرفأ الركيزة الاساسية لقيامة لبنان، وأي عبث فيه أو تهاون وتراجع يساعد ذلك في تفعيل ميناء حيفا كما يشتهي الكيان الاسرائيلي.

أما ان تتوقف 11 رافعة من أصل 16 أمر يؤدي الى شلل في الحركة عند المرفأ وتأخر السفن والبواخر، وتراجع في الاستيراد والتصدير. حيث كان لبنان يستقبل يومياً ‪ خمسمئة حاوية مستوردة أما ان يتراجع الرقم الى 20 بالمئة أمر فيه الكثير من علامات الإستفهام

ربما ليس صدفة أن يتقارب الزمن بين 4 آب تاريخ انفجار مرفأ بيروت، وبين موعد انتهاء عقد التشغيل لشركة Beirut Container Terminal Consortium” BCTC”، المشغلة لمحطة الحاويات في المرفأ، وتقوم بصيانة وتجديد الرافعات وتأمين عملها لعدم تعطيل الاستيراد والتصدير، وبين شبه توقف للنقل البري بفعل نظام الاسد الذي ضاعف رسومه الخيالية على الشاحنات اللبنانية المزمع نقلها الى الخليج العربي عبر الحدود السورية.

فما يحصل في مرفأ بيروت اليوم لم يشهده من ذي قبل، لينقلب المشهد من “هجمة” شركات النقل والسفن التي كانت تتسابق لأن تصل الى المرفأ، كونه كان بمثابة سنتر مينائي في منطقة الشرق الأوسط، الى نفور وعدم رغبة الشركات والسفن بالرسو في ميناء بيروت، وذلك نتيجة للتأخير في رفع الحاويات حتى وصل الى اسبوعين، فيما كانت في السابق لا تستغرق سوى ساعات، هذا ما يضاعف كلفة التجار والمستوردين والمصدرين في دفع غرامات “الارضية”. وما يجعل السفن وشركات النقل تتهرب من دخول المرفأ، بسبب ما تعانيه من تأخر في التنزيل والرفع.

يشتكي احد اكبر مصدري الخضار والفاكهة رئيس تجمع مزارعي وفلاحي البقاع ابراهيم الترشيشي من التأخير في المرفأ، وقال إنه لا يعقل ان تصبح السفن والشركات تتهرب من الوصول الى المرفأ بسبب اعطال الرافعات، وطالب الترشيشي المعنيين الاسراع في اجراء مناقصات ولان يقوموا بحل مشكلة شركة BCTC لاصلاح الرافعات وعودة العمل الى محطة الحاويات.

وفي هذا السياق أكد مصدر في المرفأ أن شركة “BCTC” البريطانية – اللبنانية بدأت منذ 15 عاماً (منذ 2004)، انتهى عقدها في كانون الثاني من العام 2020، كما أنّ الشركة البريطانية “Mersy Dock” تُعدّ من أكبر المساهمين فيها. وقال إن المشكلة مع انتهاء العقد لم تعلن الحكومة عن مناقصة لتشغيل محطة الحاويات (محطة نقل الحاويات من السفن وإليها، وترتيبها داخل المرفأ)، وبالتالي يتجدد العقد مع شركة “BCTC” تلقائياً كل ثلاثة أشهر. وتابع المصدر ان عدد الرافعات العاملة فقط 5 متخوفاً من ان تنسحب الاعطال الى المتبقية فيصبح المرفأ خارج الخدمة.

وللغاية أصدرت الغرفة الدولية للملاحة في لبنان، أن “خدمات محطة الحاويات مهددة بالتوقف في أي لحظة”، وطالبت المسؤولين “بالتدخل سريعاً لتمكين الشركة المشغلة لمحطة الحاويات من استعمال ودائعها بالعملة الصعبة، أو استيفاء مستحقاتها نقداً بالدولار الأميركي، لشراء قطع الغيار المطلوبة من الخارج لإصلاح معدّات المحطة وتجهيزاتها”، موضحةً أن “أداء محطة الحاويات انخفض إلى أدنى مستوياته، مع بقاء الرافعات الـ11 معطلة وخارج الخدمة، ما جعل تفريغ السفينة الواحدة وشحنها يستغرق أياماً عدة بدلاً من ساعات معدودة، وبالتالي إلى تجدّد أزمة ازدحام البواخر خارج الأحواض بانتظار حلول دورها للرسو والعمل على رصيف المحطة”.

بدوره الموظف في إدارة مرفأ بيروت بمهام رئيس والمدير العام للجنة الموقتة لإدارة وإستثمار مرفأ بيروت عمر عيتاني أكد لـ” نداء الوطن”، أن التأخير في محطة الحاويات نتيجة الحاجة لقطع الغيار والتي لم تعد متوفرة بسبب عدم وجود fresh $، الامر الذي يؤدي الى تأخير التفريغ وتذمر الوكالات البحرية، وعن الشركة قال: “Bctc تتقاضى الدولار من ادارة المرفأ حالياً مع العلم انه يتم التمديد لها تباعاً بعد انتهاء العقد معها، وايضاً ان صيانة الرافعات هي على عاتقها”، وأشار عيتاني ان الادارة تقوم بتحضير دفتر شروط بالتنسيق من دائرة المناقصات لإطلاق مناقصة بأسرع وقت ممكن”. ونقل عيتاني عن سبب تأخر الشركة في اصلاح الاعطال قائلاً: “بحسب قول الشركة ان اموالها موجودة في المصارف اللبنانية ولا يمكنها فتح اعتمادات للتحويل الى الخارج لشراء قطع الغيار لزوم الرافعات وغيرها، هذا ما سبب خللها في دفتر الشروط”. وطالب عيتاني بفتح اعتمادات وبالضغط من قبل مصرف لبنان على المصارف. وأوضح ان توقف المرفأ يحدث خللاً في السيولة.