IMLebanon

مكائد بطريق ميقاتي: العودة إلى اصطفافات ما قبل 2005

كتب منير الربيع في “المدن”: 

يوحي انقسام القوى السياسية وخلافاتها المستحكمة على خطّ تشكيل الحكومة، بعودة القواعد المتبعة إلى ما قبل العام 2005. أو تحديداً إلى ما قبل انعقاد التحالف الرباعي في انتخابات 2005 النيابية.

ميقاتي وسلام والنكايات

والإسم المطروح لتشكيل الحكومة اليوم، هو نجيب ميقاتي، مدعوماً من حركة أمل، الحزب التقدمي الاشتراكي، تيار المردة، الحزب السوري القومي الاجتماعي، وحزب الله ضمناً، إضافة إلى تيار المستقبل (مبدئياً) إذا نجحت الاتصالات القائمة بين الرئيسين نبيه برّي وسعد الحريري كي تصوّت كتلة المستقبل لصالح ميقاتي.

في المقابل، هناك قوى معارضة، أبرزها التيار العوني الذي يلوح بإمكان تصويته لنواف سلام مع القوات اللبنانية. ومسألة تصويت التيار العوني لسلام أهدافها سياسية: أولها إيصال رسائل إيجابية للأميركيين والسعوديين، وثانيها الإيحاء بأن هذا التيار يرفض التركيبة القائمة، في محاولة منه لإرضاء جمهوره والقول إنه من خارج المنظومة!

صدام المستقبل والقوات وبكركي

وعلى وقع هذه التطورات، يبرز يومياً أكثر فأكثر توتر العلاقة بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية. فهناك سجالات وخلافات وبيانات متبادلة بين الطرفين، تكسر كل القواعد التي بنيت في العام 2005. ولا بد من الإشارة أيضاً إلى خلافات على خط بيت الوسط-بكركي. خلافات تكشفها حملات المستقبل على وسائل التواصل الاجتماعي، وتطال البطريرك الماروني بشارة الراعي حول وضعه خطاً أحمر أمام طرح إسقاط رئيس الجمهورية. مع التذكير أن رفيق الحريري كان حريصاً على علاقة مقدسة ببكركي، حتى في عز الوصاية السورية.

ولم يحصل في التاريخ أن لجأ طرف إلى الدخول في سجال علني مع البطريركية المارونية. فحتى حزب الله الذي يصادم كل توجهات الكنيسة المارونية وخياراتها، وكذلك طروحات الراعي، لا يلجأ إلى موقف علني من بكركي.

وهذه المؤشرات مجتمعة تدلّ إلى وجود مشاكل سياسية كثيرة.

ترجمة لبنانية للوصاية السورية

وهذه الصورة من النكايات المنفلتة على الغارب، على الرغم من أن جذرها يعود إلى حقبة الوصاية السورية وتركيبتها، فإنها تتجاوزها وتذهب بها إلى أقاصي التفلت على الطريقة اللبنانية، سواء أكان ذلك عن قصد أو عن غير قصد.

ولكن ما يحدث يمنح القوى المسيحية فرصة لإعادة رفع شعبيتها وتعزيزها، على قاعدة الدفاع عن الحقوق والصلاحيات. وهكذا تتكرس صورة نمطية للصراع: قوى الطائف تتكاتف لإنتاج تسوية حكومية، في مقابل القوى التي تعتبر أن ذاك الاتفاق جلب لها الغبن والهوان، وهي تعمل منذ العام 2005 على استعادة دورها وصلاحياتها، لا تزال في المسار عينه. وهذه الأمور كلها لها حساباتها في الانتخابات النيابية المقبلة.

ولكن لا بد من الإشارة إلى أن التيار العوني، في تقديمه عوامل الخارج على سياق التركيبة الداخلية التي تحاول القوى الأخرى إنجازها، يتبع سلوكاً براغماتياً. فهو في طرحه أي إسم آخر سوى ميقاتي، إنما يفتح باب التفاوض المباشر مع ميقاتي نفسه. والتفاوض محصور بباسيل فقط، بغض النظر عن مسار التسمية من عدمها. فالأمر يرتبط بالمشاركة في الحكومة أو بمنحها الثقة في حال تشكيلها.

مكائد وأفخاخ

تتضح الصورة أكثر فأكثر في ما تحمله المشاورات القائمة من الآن حتى موعد الاستشارات. والجميع يخشى من المكائد والأفخاخ. ولا بد لميقاتي من أن يضع في حساباته أن يتكرر معه سيناريو الحريري، أو سيناريوهات مصطفى أديب ومحمد الصفدي وسمير الخطيب وبهيج طبارة.

في المقابل، ثمة من يعتبر أن شروط التأليف تغيرت. وذلك بتقديم ميقاتي مقترحاً جديداً، بعيداً عن صيغة الـ18 والـ24، وبالتالي يتجنب مسألة تمثيل المسيحيين وتسمية الوزيرين المسيحيين.

ويراهن ميقاتي على أن الفيتو السعودي عليه ليس كحاله على الحريري، إضافة إلى اعتباره أنه قادر على التواصل مع الأطراف المختلفة.