IMLebanon

مرقص: سوابق الدولة في التحرّك غير مشجّعة

كتبت ماجدة عازار في نداء الوطن:

توالت فصول فضيحة التجسس الدولي بالتكشف والاعلان على المستوى العالمي، وكان للبنان نصيب منها، حيث تمّ الكشف أخيراً عن شبكة تجسس “Pegasus”، وهي برنامج تجسس متطوّر تابع لشركة “NSO Group” الإسرائيلية، وتتيح للعملاء الوصول إلى محتويات الهاتف بالكامل كالكاميرا والميكروفون، وتمّ استخدامه للتجسس على شخصيّات سياسية وأمنية لبنانية وعالمية واستخلاص وتجميع المعلومات منهم.

عن الجوانب القانونية لعملية التجسس في القانون الدولي، بالإضافة الى موقف القانون اللبناني منها، يتحدّث المرجع القانوني ورئيس منظمة JUSTICIA الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص لـ”نداء الوطن”، فيقول: “إنّ التجسس یُعدّ عملاً یتعارض مع قواعد القانون الدولي من جهة أولى، لأنه یمثلّ انتهاكاً وتهدیداً لسلامة الدول وسیادتها واستقلالها وأمنها، ومن جهة ثانية، لأن الطرق والوسائل التي اعتمدت للحصول على المعلومات هي بحدّ ذاتها أعمال تتنافى مع القانون الدولي، كما أن واقعة التجسّس تشكّل خرقاً لمبدأ الخصوصية الفردية المحمية من القانون الدولي. إلاّ أنه وبالرغم من ذلك، لا يوجد حتى الآن اتفاقيات دولية تمنع التجسس بشكل مباشر أو حتى تعرّف ماهية التجسس”.

ويشير مرقص في هذا السياق إلى ما اعلنه البروفيسورQuincy Wright، الذي يعتبر الأب المؤسس لدراسة العلاقات الدولية، بأنّ التجسس في وقت السلام، وأي اختراق لأراضي دولة من قبل وكلاء دولة أخرى هو انتهاك للقانون الدولي الذي يفرض على الدول تجاه بعضها البعض، واجباً باحترام سيادة ووحدة الأراضي والاستقلال السياسي للدول”.

ويضيف مرقص: “لذا، وفي ما خصّ التجسّس في القانون الدولي، فإن المفاهيم القانونية الدولية ذات الأهمية للتجسس تستخلص من نصّ المادتين 2 (1) و2 (4) من ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945 اللتين تحظران استخدام القوة، وترعيان مبدأ السيادة وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، فضلاً عن الاتفاقيات الدولية المرتبطة بحماية الخصوصية الفردية، حيث يوفر القانون الدولي إطاراً واضحاً وعالمياً لتعزيز وحماية الحق في الخصوصية، وذلك عبر أولاً: المادة 12 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، والمادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، والمادة 16 من اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، وأخيراً المادة 14 من الاتفاقية الدولية لحماية جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم لعام 1990”.

ويتوقف مرقص هنا عند اجتهاد مهمّ، ففي قضية نيكاراغوا ضدّ الولايات المتحدة بالتجسس، قضت محكمة العدل الدولية (ICJ) بأن أي تجسس يسري على المعلومات هو تدخّل، وبالتالي فهو انتهاك لسيادة الدولة.

أمّا بالنسبة للبنان، فقد “خصّص قانون العقوبات اللبناني قسماً خاصاً بالتجسّس، وذلك من المادة 281 الى المادة 284، ما يدلّ على أن لبنان يعطي أهمية كبيرة لموضوع التجسس وقد شمل في العقوبة أي تجسس لصالح دولة معادية أو أجنبية”.

وهنا يطرح مرقص التساؤل عن الوسائل المتاحة أمام الدولة اللبنانية والأفراد اللبنانيين الذين تضرّروا من عمل برنامج “Pegasus” لتقديم شكاوى ضدّ مرتكبي جريمة التجسس الدولية هذه. ويجيب: “يمكن للدولة اللبنانية وبسبب وقوع هذه الجريمة تحت عنوان انتهاك السيادة اللبنانية، أن تتقدّم بشكوى أمام الأمم المتحدة ضدّ مرتكبي فعل التجسس، كما ويمكنها أن تتقدّم بهذا الشأن بدعوى أمام محكمة العدل الدولية، إلا أنها لن تصل الى نتيجة اذا كانت الدولة المشكو منها ليست طرفاً في المحكمة كإسرائيل، كما أن الاثبات صعب التحقيق”. ويضيف مرقص: “هذا مع علمي بأن الدولة لن تتحرّك، وعدد من المسؤولين فيها ربما لا مصلحة لهم في ذلك، واذا فعلت فمن دون جديّة، على اعتبار أنها قصّرت في التحرك في مجالات وملفات أكثر أهمية، كالتعويض عن أكثر من عدوان إسرائيلي على لبنان”.

كما أشار مرقص إلى أنه “يمكن للأفراد المتضرّرين، وإضافة الى الإجراءات المذكورة سابقاً، التقدّم بدعوى أمام القضاء اللبناني ضدّ المشتبه بهم.

وخلص مرقص الى إعطاء أمثلة عن التجسس السيبراني الدولي، وهي كثيرة ومتعدّدة حول العالم، ذكر منها الأقرب الى المشهد اللبناني، “ففي عام 1999 كشفت مجلة “نيوزويك” عن أول حالة تجسس إلكتروني منسّق في الولايات المتحدة حيث أسفرت عن آلاف الوثائق المسروقة التي تحتوي على معلومات سرية حول التقنيات العسكرية الأميركية. وفي عام 2009، كشف باحثون كنديون عن شبكة تجسس كبيرة تسمى “GhostNet” رتبت اقتحام أكثر من ألف جهاز كمبيوتر في 103 دول، حيث تم تنفيذ هجمات إلكترونية على وزراء خارجية وسفارات كل من ألمانيا وباكستان والهند وإيران وكوريا الجنوبية وتايلاند”.