IMLebanon

ساحات 4 آب تدقّ النفير

كتبت نوال المعوشي في “نداء الوطن”:

لستُ اميل زولا لكنني أتّهم…

أتّهم الحكّام والمسؤولين الذين لا يحملون من مفهوم الحكم والمسؤولية إلّا القشور القشور. يحملون الاسم. فقط الاسم.

إنّي أتّهمكم أيها الحكّام والمسؤولون، بتهديم بلادي.

وإنّي أتّهمكم بتدمير المؤسسات.

وإنّي أتّهمكم بإذلال الشعب، بتجويعه، وبإفقاره.

إنّي أتّهم إنّي أتهم.

أتّهم الحكّام والمسؤولين بأنّكم السبب في عزل بلدي عن المجتمع الدولي، وفي رفع غطاء الشرعية الدولية عنه، ونزع ثقة العالم به.

إني أتّهمكم وأتّهم مصرف لبنان بتحويلنا شعباً متسوّلاً يستجدي رغيف الخبز وحبّة الدواء.

وأتّهمكم بالتفريط بمستقبل أولادنا وأطفالنا وبمستقبل الأجيال المقبلة.

وأتّهمكم بدفع الطبقة الوسطى إلى اليأس بعدما رأت جنى أعمارها يتناثر في مهبّ الخواء والعدم.

إنّي أتّهم.

أتّهم الحكّام والمسؤولين بتسلّق السلطة بطرقٍ ملتوية ودنيئة.

أتّهمكم بالانتهازية. بعقد الصفقات. بالتواطؤ. بالجشع. بالحقارة. بالقذارة. بالصغائر. بالكبائر. بالسرقات. بتهريب الأموال إلى الخارج.

وإنّي أتّهمكم بالخيانة.

إنّي أتّهم إنّي أتّهم.

إنّي أتّهم بعضَ السلطة القضائية وجزءاً من القضاء بالانضواء في هذه الشبكة الرهيبة، والتماهي معها، وخدمة مصالحها، وتقديم المساعدات لها، وتسهيل معاملاتها ومناوراتها، أحكاماً وفتاوى ومذكّراتٍ قضائية، وترهيباً وتركيعاً وإسكاتاً للأصوات الحرّة وسوءاً لاستخدام السلطة.

أتّهم الغافلين والقابلين والساكتين والخائفين والضعفاء، بأنهم يمنحون هذه السلطة الفاسدة والجائرة، الشرعيّة بالسكوت عنها، وبالخوف منها، وبإشعارها بأنها قوية، وبأنهم ضعفاء.

لستُ اميل زولا لكني أتّهم.

إنّي أتّهم وأعلن بالصوت الجهير.

لقد بدأ العدّ التنازليّ، ولن يكون في مقدور أحد أن يوقف هذا العدَّ التنازليّ.

لقد انتهى، أيها الناس، أيها المتمرّدون، والثوّار، والحالمون، لقد انتهى زمن السلطة، وزمن الحكّام المسؤولين الجائرين الفاسدين.

فليبدأ زمنكم. فليبدأ الآن.

قفوا في الشمس، في الفجر، في العتمة، في الليل، في الظلمة وفي الظلام، وارفعوا رؤوسكم من تحت الظلم، واهتفوا قائلين:

لقد انتهى أمركم أيها الحكّام والمسؤولون. وانتهى زمن أزلامكم وأتباعكم وقوّاديكم.

لا تتّكلوا على أحد، ولا تتوقّعوا، ولا تنتظروا مساعدةً من أحد، ولا دعماً من أحد.

لا من فرنسا، ولا من السعودية، ولا من الولايات المتحدة، ولا من أيٍّ كان.

أنتم البرهان وأنتم الضوء وأنتم الخلاص.

كلّما ازددتم رؤيةً، ووعياً، وتصميماً، وعناداً، وعدداً، وتكاتفاً، كان سقوطهم أسرع أسرع أسرع.

4 آب ينتظركم في كلّ مكان، ومن كلّ مكان.

الشوارع، الساحات، اشتاقت إليكم، وإلى خبطات أقدامكم على الأرض، على الأرض التي هي لكم.

الحناجر والقلوب والعيون تنتظر صداحكم المدوّي في كلّ مكان.

في الشمال، في الجنوب، في البقاع، في جبل لبنان، وفي العاصمة بيروت.

خذوا معكم الشرفات والبيوت المكسورة.

خذوا أحواض الحبق والياسمين.

وخذوا معكم الأطفال والعجائز.

وخذوا الشهداء، والضحايا، والجرحى، والمحترقين، والمكسورين، والمشرّدين، والمكتئبين، والمنكوبين، والمألومين، والموجوعين، والثوّار، والرافضين، والناس الأوادم، والخائفين، والحالمين.

4 آب يدقّ النفير.

هذا هو وقتكم. هذا هو واجبكم. وهذه هي مسؤوليتكم.

ساحات 4 آب تدقّ النفير، وتستنهض الهمم والنفوس.

الساحات والشوارع، هي وحدها الطريق الذي يفضي إلى كشف الحقيقة، ورفع الغطاء عن المجرمين.

أما هؤلاء الحكّام والمسؤولون والمجرمون، فليُشهَّر بهم، وليكونوا ملعونين، محتقرين، مرذولين، وليؤخَذ بهم إلى الساحات، ولتعلَّق لهم المشانق، وليُعدَموا إعداماً.

فليُعدَموا إعداماً،

ما قبل 4 آب 2020 لا يشبه ما بعد 4 آب 2020.

وما بعد 4 آب 2020 رهن بكل واحد منكم.