IMLebanon

أوهانيان: الرحمة للشهداء لا تتحقق إلا بالعدالة والمحاسبة

رفعت اللجنة اللبنانية الارمنية للاغاثة الصلاة من أجل لبنان وضحايا انفجار المرفأ، برعاية رؤساء الطوائف الارمنية الثلاث، وأقيم جناز لراحة أنفس ضحايا انفجار مرفأ بيروت على درج جعارة – الاشرفية – قرب الكنيسة الانجيلية الارمنية.

وشارك في الصلاة مطران الارمن الارثوذكس شاهيه بانوسيان، مطران الارمن الكاثوليك جورج اسادوريان ورئيس اتحاد الكنائس الأرمنية في الشرق الأدنى القس مكرديج قره كوزيان، في حضور رئيسة اللجنة المنظمة وزيرة الشباب والرياضة في حكومة تصريف الاعمال فارتينيه أوهانيان، الأمين العام لحزب الطاشناق النائب هاكوب بقرادونيان، النائبين هاكوب ترزيان وألكسندر ماطوسيان، وزراء ونواب ارمن سابقين وممثلين عن الاحزاب الارمنية الثلاثة والمؤسسات والجمعيات التربوية والاجتماعية والثقافية والكشفية والخيرية، اضافة الى اهالي وعائلات ضحايا الانفجار.

وبعد الصلاة، القت اوهانيان كلمة عرضت فيها أعمال اللجنة التي تشكلت بهدف مساعدة المتضررين بعد أيام قليلة من الانفجار، وقالت: “في الرابع من آب، أم الشرائع والحضارات نزفت، وبكت. رأت بيروت أشلاء أبنائها بأم العين، وشعرت حرارة دمائهم النازفة في قلبها، واشتمت رائحة الموت في أنفاسها، ورذاذ القمح وغبار عماراتها معا في هوائها. ذهلت بيروت، واحتارت، من أين تبدأ، حتى تلملم جروحها، دفنت أحباءها في تراب الوطن، واستجمعت قواها، وقررت أن وجعها القاتل، وآلام أبنائها الأحياء، وأهالي شهدائها، لن يبلسمه ويداويه بالحد الأدنى سوى الحقيقة والعدالة والمحاسبة”.

وأضافت: “واليوم، وبعد عام أول، على اللحظة التي هزت ضمير الكون، نرى أن شموخ بيروت لم يحترم، وأن وجعها، وآلام عائلات الشهداء، ودموع الأمهات والآباء والأبناء والإخوة، لم يلق حتى اللحظة آذانا صاغية، فالحقيقة لا تزال مجهولة، والعدالة مفقودة. مئات الشهداء والمفقودين، حصيلة رقمية، لكن الواقع أن الضحايا هم بالالآف، وأنهم إما شهداء أو عائلات ثكلى، خسرت هيكلا وفقدت ركنا وهوت نفسيا، فالإنعكاسات ضخمة، إنسانية واجتماعية واقتصادية، ومسيرة العذاب والمعاناة كتاب مفتوح ينزف، والوطن كله ضحية”.

وتابعت: “هذا الوطن، بترابه وحضارته ومستقبله وأبنائه، يرفض، بإسم الانسانية والأرض التي قدمت عبر التاريخ تضحيات ودماء زكية، تجهيل الحقيقة وإخفاء معالمها، ويطالب بعدالة شاملة كاملة. عدالة تقول لكل مجرم أو مرتكب أو متخاذل أو مخطىء، في قضية المرفأ وكل قضية، أنه سيحاسب، وأنه سيدفع الثمن، وأن دماء المظلومين، لن تضيع، وأن دموع الأمهات والزوجات والأبناء التي روت وتروي أرض مرفأ بيروت، سوف تنبت حقيقة ساطعة كضوء الشمس”.

وقالت: “كما لم نسكت عن ظلم أينما كان، فإننا لن نسكت عن جريمة العصر التي ارتكبت على أرض أم الشرائع بيروت، وسنواصل ما بدأناه من المطالبة بالتحقيق والحقيقة والعدالة ورفع الحصانات عن الجميع دون استثناء. وحتى ذلك الحين، فإننا في اللجنة اللبنانية الأرمنية للاغاثة وإعادة الإعمار، قررنا منذ البداية ولا نزال، الوقوف إلى جانب أهلنا، وهذا أقل الواجب. هذه اللجنة التي تشكلت بعد الكارثة الكبرى، بمباركة قداسة الكاثوليكوس آرام الأول كاثوليكوس الارمن لبيت كيليكيا، وبرئاسة سيادة المطران شاهي بانوسيان مطران الأرمن في لبنان، وعضوية ممثلي الطوائف الأرمنية الثلاث، وممثلي الأحزاب الأرمنية الثلاثة، وممثلين عن المؤسسات الخيرية والاجتماعية الأرمنية”.

وأشارت إلى أن “هذه اللجنة التي حددت مهامها بإعادة إعمار المنازل المتضررة لتسهيل عودة المواطنين إلى حضنها قبل فصل الشتاء، قامت على مرحلتين بتلقي الطلبات ومعاينة ومسح الأماكن المتضررة وجمع المستندات والبيانات التي تثبت حجم الخسائر والأضرار، وتحديد الحاجات، ثم نفذت، فبلغ عدد المهام المنجزة نحو ألفي مسكن. كما التفتت اللجنة إلى الصحة النفسية لأهالي الشهداء وأبنائهم والمتضررين من الإنفجار، من خلال جلسات أشرف عليها فريق من المتخصصين في علوم النفس والاجتماع والتربية وسواهم، والأهم كان الوقوف إلى جانب أهالي الضحايا الأربع عشرة من الطائفة الأرمنية، من خلال الدعم النفسي والمعنوي والمادي”.

كما أوضحت أن “مع إتمام هذا الواجب الإنساني تجاه أهلنا وأحبائنا، أتقدم باسم اللجنة بالشكر والتقدير لجميع الذين شاركوا وساهموا ماديا أو معنويا، أو من خلال تطوعهم وجهودهم وعملهم، لإنجاز مبادرة كانت الأكبر والأكثر كمالا. ولا بد من الإشارة أيضا الى أن الطائفة الأرمنية بمجمل قطاعاتها الدينية والحزبية والاجتماعية والتربوية قامت بواجبها بجهود جماعية وبالتكاتف والتكافل ولم تقصر في إعادة إعمار الكنائس والمراكز الدينية والاجتماعية والمدارس وسواها”.

وقالت: “لقد كان للنداء وللدعوات التي أطلقها قداسة الكاثوليكوس ارام الأول كاثوليكوس الارمن لبيت كيليكيا الى الشعب الأرمني في العالم أثرها في التجاوب والوقوف إلى جانب إخوتهم في لبنان، ممن يرزحون تحت وطأة الأزمات الناجمة عن الظروف السياسية والاقتصادية والصحية، وجاءت كارثة المرفأ لتزيد المأساة. ولقد تركت حملة التبرعات التي شارك فيها أشخاص وجمعيات وخيرية أرمنية في العالم، وفي أرمينيا وجمهورية أرتساخ، الأثر الكبير في نفوسنا، والتقدير العالي للشهامة والروح الأخوية الصادقة والتضامن والضمير الوطني الذي يتمتع به الشعب الأرمني”.

وأكدت أوهانيان “ان ما تم، لن يعوض شهيدا، ولن يغسل دمعة أم، أو حرقة أب، لكنه وقفة واجب تجاه أهل وأحبة، وهي لا تغني ولن تغني عن المطلب الأساس، الحقيقة والعدالة والمحاسبة، ونحن نرفع صلواتنا إلى الله، أن تكون دماء الراحلين عربونا وتضحية كي يعم السلام والأمن والاستقرار في بلدنا”.

وختمت: “الحياة والمستقبل للوطن، الشفاء للمصابين والجرحى، والرحمة للشهداء التي لا تتحقق إلا من خلال الحقيقة والعدالة والمحاسبة”.