IMLebanon

“الحزب” بمواجهة أجندات جديدة: لمن الضربة الأولى؟!

من خلدة، إلى شويا، مروراً بالجميزة ووسط بيروت، بدت الأحداث، خارج سياق الإعتراض، أو الإحتجاج أو الامتعاض من واقع قائم، وأزمة اجتماعية ومعيشية ومالية واقتصادية سدَّت كل أوجه الحياة العادية، وحتى البائسة، وطالت كل شيء، وهددت أسطورة «الترف اللبناني» في الداخل وفي ديار الإغتراب..

لم تكن في أحداث: مقتل المواطن الجنوبي علي شبلي في عملية وصفها منفذوها بأنها تأتي في إطار عملية «الثأر»، وهي عادة لدى عشائر العرب منذ أيام الجاهلية وما قبلها، والحادث في يوم الإغتيال أو التشييع في مجمع يملكه الرجل في خلدة، حضرت فيه بقوة عشائر العرب أو عرب خلدة، أو مجموعات مسلحة من الغجر والنور، مثلت، من زاوية معينة معاني طائفية ومذهبية وحتى حزبية.

بدا حزب الله المعني المباشر بالحادث، سواء في ما عُرف أو خفيّ من اتصالات وأحداث وخطوات كان يمكن ان تحدث، لو لم يستدرك العقلاء، خطورة الموقف، ويتولى الجيش اللبناني زمام المبادرة، لقطع الطريق، على اتجاه كان لدى «حزب الله» وجمهوره لعملية عسكرية واسعة، على حدّ ما تتحدث المعلومات، التي بقيت أسيرة الغرف المغلقة..

كما لم تكن أحداث الصدام الدموي بين مجموعة يسارية، تسبح في محيط الحزب الشيوعي اللبناني، وتنتسب إلى اتحاد الشباب الديمقراطي، وقوة مسلحة ومدربة، ومهيئة للمواجهة، بعد أن خضعت لتدريب على الأسلحة البيضاء والنارية، والعصي، وحرب الشوارع، كان بعضها يحرس مقرّ حزب القوات اللبنانية في الجميزة، قبل أن يتم استقدام قوة ضاربة، إثر اندلاع المواجهة التي نقلتها مواقع التواصل، وكادت تؤدي إلى مقتل شيوعيين، بعد الإصابة بجروح بالغة بالسكاكين والآلات الحادّة..

أكّد الحادث الدموي، الذي كانت «القوات اللبنانية» علامته الفارقة، كل دلالات ومعاني الاحتقان بـ4 اب، موعد الذكرى السنوية الأولى لانفجار العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، سواء على مستوى مضامين القدّاس الذي ترأسه البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي أو الحشد الشعبي الهائل، عبر جمع عشرات الألوف التي كانت تهتف لرفع الحصانة عن النواب المدعى عليهم، قبل محاولات اقتحام المرفأ وبعده..

لم يكن حزب الله طرفاً مباشراً، لكنه كان بالغ الاهتمام بالاشتباك مع فريق محلي، ما يزال يحافظ على مستوى عالٍ من المخاصمة، إن لم تكن العداوة، مع حزب الله أو مشروعه، المرتبط بقوة بأجندة الولي الفقيه، في الشرق الأوسط..

بدا المشهد هكذا، فريق على صلة مع حزب الله، لكنه ليس حليفاً قوياً، كباقي حلفاء الحزب، يضطلع بمهمة الاشتباك مع «القوات» في خدمة نادرة، وفي لحظة محلية، بالغة الصعوبة والخطورة على حدّ سواء.

والنتيجة ان حزب الله، بطريقة أو بأخرى كان يعتبر نفسه معنياً، لا سيما بعد الردّ القوي «بالمولوتوف» على مراكز القوات في المنطقة المذكورة..

في شويا، قضاء حاصبيا- راشيا، كان الحدث الأكثر خطورة، والذي يحمل في طيّاته إشارات تُعيد جيل من المخضرمين إلى ذاكرة الصدام الأهلي مع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، لا سيما كبرى هذه الفصائل حركة «فتح»..

تحرّكت مجموعة درزية، تقول المعلومات انها تنتمي إلى الحزب التقدمي الاشتراكي، ومن الحزب الديمقراطي الذي يرأسه الأمير طلال أرسلان حليف حزب الله، ونصير المقاومة، كما يعلن بمناسبة وبغير مناسبة. واعتقلت عناصر المجموعة التي أطلقت الصواريخ من عيار122 ملم على أرض مفتوحة في مزارع شبعا المحتلة، والتي تعطي الحق لحزب الله، كمقاومة إسلامية، في استخدام القوة لتحرير مزارع شبعا..

أحدث الحدث ارتجاجاً لدى قيادة حزب الله. الدروز على خط المواجهة أيضاً، بدا الجنوب ساحة اختبار لنزاع أهلي قضى بطرد الباعة الدروز من احياء النبطية، وكذلك الحال في مدينة صيدا، قبل ان يرد مناصرو الحزب الاشتراكي، الذي يرأسه وليد جنبلاط بالمثل، وقطع الطريق في رويسات صوفر، وإنزال الركاب البقاعيين، لا سيما الشيعة منهم من الفانات وضربهم ضرباً مبرحاً، كما تتحدث الروايات، وصولاً إلى تكسير هذه الفانات..

غطى حادث شويا وتداعياته على «الرسائل النارية» التي تبادلها حزب الله مع الجانب الإسرائيلي، كل ذلك على خلفية شعور يسود لدى مختلف الأوساط الدولية والإقليمية والمحلية ان لبنان على عتبة مرحلة فاصلة في الداخل تعدت ما يدور حوله نقاش سواء لتأليف الحكومة، أو لجم تداعيات الانهيار المالي والمعيشي، ويتعلق بقوة حزب الله، على الساحة اللبنانية، وكيفية، فكفكة هذه القوة..

يستشعر حزب الله بحجم المخاطر، في ضوء انهيار المنظومة الذهبية: جيش، وشعب ومقاومة.. ويستشعر الحزب انه يواجه من ضمن محوره، ووحيداً جنون المخططات المطروحة على أجندة الأشهر المقبلة، قبل انتخابات رئاسة الجمهورية أو بعدها..