IMLebanon

هكذا انتهت مواجهات الجنوب!

كتب غاصب المختار في “اللواء”:    

حفل الاسبوع الماضي بتوترات سياسية وامنية كبيرة أشغلت المسؤولين عن معالجة الهموم الحياتية ولو بالحدالادنى، بحيث ما كاد ينطفيء حريق هنا حتى يندلع حريق آخر هناك، وآخر الحرائق كان الاشتباك الصاروخي والمدفعي الخطير بين المقاومة والكيان الاسرائيلي وما حصل في بلدة شويا من ازمة كادت تخلق مشكلة كبيرة سياسية ومذهبية لولا تداركها من قبل الاحزاب المعنية. والاشتباك العشائري الثأري في بعلبك الذي روّع المدينة وجوارها، وقبله التوتر الحزبي الذي حصل في مناسبة ذكرى كارثة إنفجار المرفأ، من دون ان ننسى «كمين خلدة» الذي ما زالت ذيوله قائمة وقيد المتابعة.

وبهذا تراجع موضوع تشكيل الحكومة الى المرتبة الثانية لحين ظهور نتائج الاشتباك عند الحدود الجنوبية، وكيف ستتعامل معه الدول وهي تترقب هذه الايام التجديد لقوات اليونيفيل في الجنوب سنة جديدة اعتباراً من ايلول المقبل، وسط استمرار الكلام عن ان طرح فكرة تعديل مهامها او بعض مهامها ما زال قائماً بحيث تصبح اكثر قدرة على «الردع»، وهو امر ما زال يخضع للنقاش في اروقة الامم المتحدة.

الموضوع الحكومي سيستكمل يوم غد الثلاثاء على الارجح بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي حول توزيع بعض الحقائب التي تطالب بها بعض القوى السياسية غير الحقائب السيادية الاربع، ومن شأن هذه المطالب تغيير التوزيع الذي أعده ميقاتي، بحيث ان استبدال حقيبة بأخرى يضطره الى اعادة النظر بمعظم التوزيع. وتم الاتفاق على ان يضع ميقاتي صيغة نهائية بالتوزيع هذا الاسبوع  تراعي كل المطالب والملاحظات، ليتم حسم الامر والاتفاق لاحقاً على الحقائب السيادية ومن ثم إسقاط الاسماء على الحقائب. لكن الثابت حتى الآن ان الرئيس نبيه بري لن يتنازل عن حقيبة المال مهما كانت العروض.

لكن خلافاً لكل ما يُقال، فما زال الجو بين الرئيسين إيجابياً طالما ان البحث ما زال قائماً بينهما حول التفاصيل الباقية حول بعض الحقائب، ولا سيما مع الدخول الفرنسي المباشر وبالواسطة على خط الضغط المعنوي لتجاوز العقد وخلاف الحصص، لكن ثمة مفارقة ان تم تجاوزها فهي تسهّل كثيراً التفاهم بينهما، وتكمن في الاعتقاد ان ميقاتي هو امتداد للرئيس سعد الحريري ويعبر عن كثير من توجهاته السياسية وغير السياسية في الملفات التي ستتعاطى معها الحكومة، لكن مع فارق ان ما لم يقدر الحريري على تقديمه او التنازل عنه قد يفعله ميقاتي عبر تدوير الزوايا الحادة للخلافات، لذلك لم يعدم ميقاتي حتى الان وسيلة او فكرة يطرحها للبحث مع عون.

إلّا ان المعلومات افادت عن بدء الحديث بين ميقاتي وبعض القوى السياسية بأسماء وزراء الحقائب الاساسية والخدماتية لتكون جاهزة متى تم التوافق على توزيع الحقائب بصيغته النهائية، وهذا يدل على حصول تقدم ما في توزيع الحقائب بإستثناء حقيبتي الداخلية والعدل.

امّا في الشق المتعلق بالوضع الجنوبي، فقد ذكرت مصادر مطلعة على موقف المقاومة ان المواجهة انتهت عند الحد الذي وصلته، واوصل كل طرف الرسالة التي يريد إيصالها، لكن مع إقرار جيش العدو انه «لا مصلحة لنا بالتصعيد وسنحاول عدم تحويل لبنان الى خط مواجهة».

وتقول المصادر ان المقاومة منعت محاولة العدو تغيير قواعد الاشتباك بحيث يتم إطلاق يده عسكرياً  في حال فشل في تعديل مهام اليونيفيل. ووضع رد المقاومة جيش الاحتلال امام خيارات ضيقة ومحدودة اقصاها قصف الاماكن المفتوحة في حال تكرر القصف الصاروخي من الجنوب على المستوطنات الصهيونية، وهذا الامر له علاج آخر لأن خلفياته مختلفة عن السياق اللبناني، وقد يكون مرتبطاً بحسابات فلسطينية تتعلق بالمواجهات الجارية داخل فلسطين المحتلة لإيصال رسائل ايضاً للعدو بألّا يتمادى في إجراءات التهويد والقمع. وقد يكون مرتبطاً بأمور اخرى تجري في الاقليم من باب المشاغلة والإلهاء.

وفي كل الاحوال، تدعو المصادر الى مراقبة الدلالات السياسية للمواجهة بين المقاومة والعدو، وتأثيرها على الداخل الاسرائيلي الذي تعصف به خلافات الاحزاب داخل الحكومة وخارجها ما يجعلها معرّضة للاهتزاز او للسقوط عند اول امتحان عسكري كبير.