IMLebanon

صيدا تحتجّ شعبيا وترفض رفع الدعم: طفح الكيل من الطبقة الحاكمة

كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”: 

لم تتأخر صيدا في التعبير عن رفضها رفع الدعم عن المحروقات كما باقي المناطق اللبنانية، على اعتبارها “الضربة القاضية” في حياة العمال والموظفين وذوي الدخل المحدود، الذين يئنّون أصلا من الغلاء وارتفاع الاسعار ارتباطاً بسعر صرف الدولار الاميركي. رفض لم يرق الى الانتفاضة أو العصيان المدني انسجاماً مع خطورة الحدث في خضم تداعيات سلسلة الازمات المعيشية والاقتصادية المتواصلة.

المدينة شهدت تحركات احتجاجية غاضبة عفوية وغير منسّقة، وتميزت بأنها كانت متنقلة من منطقة الى أخرى، حيث وجد كثير من أبنائها فرصة لصبّ جام غضبهم على تردّي الاوضاع المعيشية مع تفاقم ازمات البنزين وطوابير الذل على المحطات، المازوت واطفاء المولدات الخاصة، بسبب نفاد المادة ما ادى الى العتمة، الادوية مع اقفال الصيدليات وصولاً الى الخبز والغاز، والحبل على الجرار.

وقد بدأت حركة الاحتجاج عفوية من سائقي السيارات العمومية الذين تفاجأوا بإقفال جميع محطات الوقود في المدينة بانتظار وزارة الاقتصاد لتحديد سعر الصفيحة الجديدة بعد رفع الدعم ما سبّب بقطع ارزاقهم، فنزلوا الى الاوتوستراد الشرقي وقطعوا الطريق بالاطارت المشتعلة وبالسيارات عند مستديرة مرجان، داعين الى التراجع فوراً عن رفع الدعم لانه سيكون كارثة معيشية على الطبقات الفقيرة.

وقال السائق موسى ابو حسن لـ”نداء الوطن”: “منذ بدء الازمة، لم يتخذ المسؤولون اي قرار لمعالجة المشاكل”، معتبراً ان “قرار رفع الدعم عن المحروقات مثابة حكم الاعدام على العمال والسائقين الذين سيئنّون تحت عجز تعبئة سياراتهم بعد ارتفاع سعر الصفيحة اربعة اضعاف تقريباً، واذا فعلوا فان الركاب سينوؤون بتحمل تكاليف الاجرة، مع القرار ستتغير حياة الناس الى الاسوأ والتنقل سيصبح مدروساً ومقنّناً وقليلاً جداً، وستبحث الناس عن البديل سواء بالمشي او الدراجات الهوائية او الكهربائية او غيرها”.

وسرعان ما امتد الاحتجاج الى مدخل صيدا الشمالي لجهة الاولي، حيث قطع السائقون الطريق الرئيسي، ما سبب ازدحامً وعجقة سير خانقة، فتدخل الجيش اللبناني على الفور واعاد فتح الطريق، وبدا قراره واضحاً السماح بحرية التعبير السلمي من دون اقفال أي طريق تفادياً لوقوع اشكالات لا تحمد عقباها، فيما أكد المعتصمون ان الكيل قد طفح من هذه الطبقة السياسية الحاكمة، مهددين بخطوات تصعيدية رفضاً لهذا الواقع المرير حيث الانهيارات تتمدد الى كافة القطاعات. وتساءل السائق أبو محمود حبلي بمرارة “الى أين يتجه لبنان بعد القرار الخطير برفع الدعم عن المحروقات؟ انه الانهيار الكبير الذي لا خروج منه، لم يعد امام الفقير سوى الموت”.

وتوسعت حركة الاحتجاج وامتدّت الى جوارها، حيث قطع محتجّون غاضبون طريق الشرحبيل بن حسنة في منطقة بقسطا وطريق الهلالية – عبرا، وطريق طلعة المحافظ، ثم عودة الى ساحة النجمة وسط المدينة، حيث اقفلت المستديرة بكافة الاتجاهات واعاد الجيش اللبناني فتحها سريعاً، في وقت اقفلت فيه جميع محطات الوقود وشهدت الافران تهافتاً وازدحاماً على شراء الخبز حيث عمد اصحابها الى بيع ربطتين فقط لكل زبون بسعر 4000 ليرة لبنانية.

ولاقت حركة الاحتجاج الميدانية تفاعلاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قال الناشط احمد جويدي: “ان الوضع لم يعد يطاق ولا بد من انتفاضة تطيح بكل المسؤولين الفاسدين الذين يختلفون على تقاسم الحصص والكراسي من دون النظر الى معاناة الناس. انهم يراكمون المشاكل كي ننسى ولن نسامح”، بينما قالت الناشطة نسرين دندشلي: “بالرغم من ان الدنيا خربانة سنواصل العمل والامل.. ومع كل مأزق ادعو الله ان لا يتركنا كي اعيش الاطمئنان، المسؤولون غير مبالين”، وقالت هدى كزبر حمود: “الشارع يغلي ولكن اين الانفجار، ألم يأتِ وقت الرجال، اين انتم رجالات صيدا الشرفاء”؟ وردّد الناشط محمد دحدولي قول الامام علي بن ابي طالب “عجبت لمن لا يجد قوت يومه، كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه”. وقال الشيخ حذيفة الملاح: “يبدو أن الأزمة للأسف ستطول وتشتدّ أكثر يوماً بعد يوم! والوقت الآن، أولاً وأخيراً وقت العودة إلى الله والدعاء ثم لمبادرات تطوعيّة تنظم الأمور وتسدّ الفراغ الذي وقع بغياب مؤسسات الدولة وعجزها. صيدا فيها طاقات شابة وخبرات عظيمة. آن الأوان أن تتضافر الجهود وتتلاقى في خدمة المجتمع. وعلى المؤسسات الأهلية أن توظّف هذه الطاقات لمعالجة الأزمة. بالتكافل والتعاون يمكن أن نكون أقوى.. وإلا فإن القويّ سيأكل الضعيف. والكل سيكون في خطر، بادروا ولا تنتظروا”.