IMLebanon

المازوت الإيراني يمهّد لتوريط لبنان في جولة حرب سفن جديدة

جاء في “الحرة”:

في الوقت الذي يعاني فيه اللبنانيون تداعيات أزمات سياسية واقتصادية متشابكة أدت إلى أزمة محروقات كبرى، فجر أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله، الخميس، ما يشبه قنبلة موقوته بإعلانه قدوم سفينة محملة بالمازوت من إيران الخاضعة لعقوبات أميركية، محذرا في الوقت ذاته، في ما يبدو إسرائيل والولايات المتحدة، من مغبة التعرض لها.

إعلان حزب الله يتزامن مع حرب سفن مستعرة بين إسرائيل وإيران، ما اعتبره مراقبون وسياسيون مغامرة أخرى قد تقحم لبنان في جولة جديدة من المواجهات البحرية بين الطرفين.

وفي كلمته الخميس في ذكرى عاشوراء، قال نصرالله: “سفينتنا الأولى التي ستنطلق من إيران محملة بالمواد (…) أَنجزت كل الترتيبات. حُمّلت بالأطنان المطلوبة… وستبحر خلال ساعات.. إلى لبنان”.

ولم يوضح نصرالله ما إذا كانت السفينة ستصل إلى الموانئ اللبنانية، لكنه قال: “عندما تصل إلى مياه البحر الأبيض المتوسط نتحدث عن تفاصيل إلى أين وكيف ومتى والآليات العملية وما شابه”. ووعد أن سفناً أخرى ستتبعها لاحقاً”.

سفينة المخاطر

وقال نصرالله إنه سيعتبر السفينة “أرضاً لبنانية”، ما يعني أنه سيرد في حال تعرضها لهجوم بعدما شهدت سفن مرتبطة بإيران وإسرائيل هجمات في الأشهر الماضية، تبادل الطرفان الاتهامات بالوقوف خلفها.

واعتبر مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى السابق، ديفيد شنكر، في حديث لموقع “الحرة” إن السفينة التي أعلن نصرالله قدومها، في رأيه، تخرق العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.

وأثار إعلان نصر الله انتقاد رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري الذي حذّر من أن دعما إيرانيا سيجلب مزيدا من “المخاطر والعقوبات” على لبنان.

وبعد وقت قصير على كلام نصرالله، علّق سعد الحريري متسائلا ما إذا كانت السفينة الإيرانية “بشرى سارة… أم إعلانا خطيرا بزج لبنان في وحول صراعات داخلية وخارجية”.

وقال في بيان إن حزب الله “يعلم أيضا أن سفن الدعم الإيرانية ستحمل معها إلى اللبنانيين مخاطر وعقوبات إضافية على شاكلة العقوبات التي تخضع لها فنزويلا ودول أخرى”، مشددا على أن “اعتبار السفن الإيرانية أراضي لبنانية يشكل قمة التفريط بسيادتنا الوطنية”.

ورفض ما وصفه بـ”مشاريع إغراق لبنان في حروب عبثية تعادي العرب والعالم”.

وحذر رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، مما “سيلحق لبنان من جراء باخرة المازوت” الإيرانية.

ويقول الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، حسين عبدالحسين،  إن قضية خرق السفينة للعقوبات من عدمه تتوقف على إن كان هناك تحويل مالي من الحكومة اللبنانية أو من داخلها إلى إيران مقابل المازوت القادم.

وكان نصرالله أعلن الشهر الماضي استعداد حزبه استيراد الوقود من حليفته إيران، زاعما أن الحكومة اللبنانية لا يمكنها اتخاذ مثل هذا القرار جراء ضغوط من الولايات المتحدة التي تفرض عقوبات اقتصادية حادة على طهران.

ويقول الكاتب السياسي، رضون عقيل، للحرة إن حزب الله يتعاطي بمنطق أنه لا تهمه هذه العقوبات ولايكثرت لها نتيجة حالة الضغوط التي تمارس على لبنان.

ويضيف عقيل للحرة: “اللجوء إلى النفط الإيراني جاء بعد عدم قدرة الدولة اللبنانية، والحكومة الحالية وشركات النفط على تأمين الكميات المطلوبة التي يستهلكها الشعب اللبناني نتيجة ارتفاع  الاسعار  نتيجة عدم قدرة مصرف لبنان على توفير  الدعم  لهذه المادة الأساسية”.

ويعتبر حزب الله الذي يتلقى المال والسلاح من طهران، اللاعب السياسي الأكثر نفوذا في لبنان. ويتهمه خصومه بأنه يرهن لبنان لإيران، وتصنفه واشنطن ودول خليجية مجموعة إرهابية.

وأعلنت السلطات اللبنانية مرارا أنها ملتزمة في تعاملاتها المالية والمصرفية بعدم خرق العقوبات الدولية والأميركية المفروضة على إيران.

يقول عبد الحسين في حديثه لموقع الحرة إن نصرالله وعد في السابق بجلب النفط وهو اليوم يحاول تبييض صورته أمام اللبنانيين بإعلانه عن السفينة المحملة بالمازوت الإيراني علنا.

استعراض أم حل لأزمة لبنان

قال ديفيد شنكر إن “حزب الله هو مسؤول عن الأزمة في لبنان وهو من يهرب البنزين إلى سوريا”.

واستبعد شنكر  حل الأزمة اللبنانية بهذه الطريقة.

ورأى المتخصص، في شؤون الشرق الأوسط والخليج، حسين عبد الحسين، في حديث لموقع الحرة، أن ما كشف عنه نصرالله من توجه سفينة نفط إيراني إلى لبنان مجرد استعراض إعلامي، إذ إن لبنان يعيش أزمة وقود حادة وسفينة لا تحل المشكل.

وأوضح  نصرالله في خطابه قوله “أعطينا الأولوية في السفينة الأولى لمادة المازوت” من أجل “المستشفيات ومصانع الأدوية ومصانع المواد الغذائية وأفران الخبز ومولدات الكهرباء”.

ويقول رضوان عقيل، لموقع “الحرة” إن الأمر لا يتعلق باستعراض إعلامي وأن الحزب مسؤول عن كلمته، مشيرا إلى أن اللبنانيين سينتظرون وصول المازوت من عدمه.

وعلى وقع الانهيار الاقتصادي المستمر منذ عامين والذي صنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ 1850، يشهد لبنان منذ أشهر أزمة محروقات متفاقمة تنعكس بشكل كبير على مختلف القطاعات من مستشفيات وأفران واتصالات ومواد غذائية.

ويشهد أزمة سياسية تحول دون توافق الأطراف المختلفة منذ سنة على تشكيل حكومة يضغط المجتمع الدولي لتشكيلها لكي يكون في إمكانها إجراء إصلاحات أساسية في البلاد تمهد لتقديم مساعدات دولية.

أسئلة تنتظر إجابات

ولم يصدر أي تعليق على إعلان نصرالله من حكومة تصريف الأعمال التي تسيّر شؤون البلاد منذ عام.

واعتبرت مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لوري هايتيان أن هناك أسئلة عدة يجب الإجابة عنها حول كمية الشحنة ومن سيدفع ثمنها والميناء الذي ستتوقف فيه وما إذا كانت الحكومة اللبنانية على علم بأي تبادل مالي.

وأشارت هايتيان إلى احتمال أن “تتوجه السفن الإيرانية إلى سوريا” حيث يتم تفريغها قبل نقلها إلى لبنان.

ولكنها حذرت من “أن هذا كله تمنعه العقوبات أساساً، وبالتالي ليس بالأمر السهل، لكن بما أن حزب الله يقوم به علناً، فهناك خطر على لبنان، من ناحية العقوبات أو حتى الهجوم”.

يذكر أن الحريري اعتذر الشهر الماضي عن تشكيل حكومة بعد تسعة أشهر من تكليفه. واتهم الأربعاء إيران بـ”تعطيل تشكيل الحكومة”، بعدما أمضى أشهر تكليفه في خلافات مع رئيس الجمهورية ميشال عون، حليف حزب الله، حول تقاسم الوزارات ومن يكون له الكلمة الفصل في الحكومة.

من ناحية أخرى

قالت الوكالة الوطنية للإعلام إن الرئيس اللبناني ميشال عون، تلقى الخميس، اتصالا من السفيرة الأميركية في لبنان، دوروثي شيا، أبلغته خلاله بعزم الولايات المتحدة “متابعة مساعدة لبنان” في مجال الطاقة.

ونقلت الوكالة أن السفيرة أبلغت الرئيس اللبناني أنها “تبلغت قرارا من الإدارة الأميركية بمتابعة مساعدة لبنان لاستجرار الطاقة الكهربائية من الأردن عبر سوريا، وذلك عن طريق توفير كميات من الغاز المصري الى الأردن، تمكنه من إنتاج كميات إضافية من الكهرباء لوضعها على الشبكة التي تربط الأردن بلبنان عبر سوريا. كذلك سيتم تسهيل نقل الغاز المصري عبر الأردن وسوريا وصولا الى شمال لبنان”.

ولفتت السفيرة شيا، بحسب الوكالة، إلى أن “الجانب الأميركي يبذل جهدا كبيرا لإنجاز هذه الإجراءات، وأن المفاوضات جارية مع البنك الدولي لتأمين تمويل ثمن الغاز المصري وإصلاح خطوط نقل الكهرباء وتقويتها والصيانة المطلوبة لأنابيب الغاز”.