IMLebanon

الأمن الغذائي “مضروب”… وهذه الأمراض تنتظر اللبنانيين

كتبت جويل رياشي في “الانباء الكويتية”:

عبارة جديدة دخلت يوميات اللبنانيين في الأزمة الأشد في تاريخهم الحديث: الأمن الغذائي.

كثيرون باتوا يخشون ما يتناولونه من أطعمة، معتبرين ان ما يطالعهم في يومياتهم من سلبيات بين الوقوف في طوابير الذل على محطات الوقود وأفران الخبز يكفيهم. وهم يدركون أيضا غياب الأدوية عن رفوف الصيدليات، وتعذر الحصول عليها، وكذلك غياب التغطية من شركات التأمين في حال الدخول إلى المستشفيات. لذا، بات الانتباه إلى تفادي حالات التسمم التي تتسبب بها الأطعمة الفاسدة، وخصوصا المحفوظة في ظروف غير ملائمة، مع غياب التبريد جراء انقطاع التيار الكهربائي والارتفاع في فواتير الكهرباء المزدوجة (كهرباء الدولة وتلك التي تؤمنها المولدات الخاصة).

التبريد غير متوافر للكثيرين والسبب واحد: غياب المازوت.

وبات اختصاصيو التغذية يكررون الدعوات إلى تخزين الأطعمة التي لا تفسد وتحديدا الحبوب التي لا تحتاج إلى تبريد، وتدبير اليوميات بـ «الأقل ضررا، تلافيا لتداعيات تأتي في غير وقتها حاليا».

في هذا الإطار، اعتبر نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني البحصلي في حديث تلفزيوني ان «الأمن الغذائي في لبنان بات مضروبا بأقسامه الثلاثة. أولا، وجود الغذاء، والذي تقيد بفعل عجز التجار والمستوردين عن تأمين بعض المواد وذلك بسبب ارتفاع سعر الصرف. ثانيا، وصول المواطن إلى الغذاء، وهذا بدوره بات صعبا بعدما تراجعت القدرة الشرائية عند المواطنين. وثالثا، سلامة الغذاء، والتي باتت مهددة بسبب شح المحروقات وصعوبة التبريد والتخزين. وبالتالي، أصبحت كل التركيبة الاقتصادية معطلة سواء من ناحية تأمين المواد أو توزيعها أو استهلاكها».

ونتيجة للانهيار الاقتصادي المتواصل يكثر الحديث عن وصول لبنان إلى مرحلة انعدام الأمن الغذائي.

وبحسب دراسة أجرتها كلية الصحة في الجامعة اللبنانية بدعم من المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، بعنوان «الأمن الغذائي في لبنان في ظل الأزمات المتلاحقة» (2020) قبل تفاقم الأزمة الاقتصادية في الأشهر الأخيرة، أظهرت أنه من بين 16 أسرة، هناك 9 أسر تأكل أقل من وجبتين في اليوم، و70% من هذه الأسر الـ 9 تتخلى عن وجبة غذائية أساسية، للاحتفاظ بالطعام لأطول مدة ممكنة أي بهدف توفير الطعام. ويتألف غذاء هذه الأسر من الحبوب والنشويات والخضار فقط، مع غياب الألبان والأجبان واللحوم بسبب غلاء أسعارها. وبالتالي، نلاحظ افتقار تناول الأشخاص للغذاء المتوازن الذي يؤدي إلى خلل في التنوع الغذائي أي الكثير من الأمراض الناجمة عنه. ووفق منصور، يتسبب سوء التغذية بالعجز ويؤثر على الولادة والأمومة وعلى نمو الطفل وقدراته الجسدية والعقلية. كما ينتج عن نقص التغذية الكثير من الأمراض منها:

– فقر الدم الذي يحدث بسبب نقص الحديد وفيتامين ب 12، والذي يؤدي إلى الإصابة بالتعب وشحوب الجلد.

– تضخم الغدة الدرقية بسبب نقص معدن اليود والذي يؤدي إلى ظهور رقبة منتفخة، الإصابة بالخمول، خسارة حادة في الوزن والتعرض إلى الصعوبة في التنفس.

– انخفاض ضغط الدم بسبب قلة تناول الأطعمة الغنية بالصوديوم وبالتالي أي اختلال في ضغط الدم يؤدي إلى أمراض القلب والأوعية الدموية.

– أمراض في العيون كجفاف العين والتهابات العيون بسبب نقص فيتامين (أ) المسؤول عن صحة العيون.

«الأنباء» تحدثت الى إدي سلامة أحد أفراد أسرة تملك علامة تجارية معروفة على صعيد جبيل ولبنان «سلامة تشيكن» وتعود لـ 1983 وتشتهر بجودتها في تأمين الدجاج ومشتقاته، الى الألبان والأجبان المحلية والمستوردة والمشروبات على أنواعها، وكذلك تأمين الولائم للمناسبات. ويقول سلامة: «نمر بمرحلة لا عهد لنا بها، وهي الأشد صعوبة في تاريخنا وتتخطى أشد أيام الحرب وطأة. نعتمد على مولدين كبيرين خاصين بمؤسستنا لإنتاج الكهرباء، ذلك ان مولدا واحدا لا يكفي في غياب كهرباء الدولة. نجهد لتأمين المازوت، وندرك جيدا ان إطفاء براداتنا ولو لساعة واحدة يعني ضرب اسمنا وعلامتنا التجارية. وعندما نصل الى تلك المرحلة، لن نتوانى في الإقفال التام بدلا من التقنين، حفاظا على السلامة الغذائية».

وتابع «نشعر بمسؤولية كبرى تجاه زبائننا القديمين والجدد الذين يقصدوننا حاليا لشراء كيلو لبنة وعلبة لبن وقالب جبنة محلية لثقتهم بجودة بضاعتنا. نحن قلة مع غيرنا على صعيد لبنان نجهد للحفاظ على الأمن الغذائي انطلاقا من إمكاناتنا. لكن الامر يتخطانا الى قدرة المستهلكين على حفظ ما يشترونه في براداتهم التي تنقطع عنها الكهرباء لساعات». واعتبر ان «الوضع في قضاء جبيل حاليا أفضل من بقية المناطق اللبنانية، لأن شركة الكهرباء التي تملك امتياز توزيع الطاقة في جبيل توفر التيار الكهربائي في شكل أفضل. إلا أن استفحال الأزمة النفطية لابد ان يفقد المستهلك القدرة على حفظ أمنه الغذائي، سواء جراء انقطاع الكهرباء او ارتفاع أسعار فاتورة المولد التي ستبلغ أرقاما قياسية لا قدرة للناس على تحملها».

هادي شاب ينتبه إلى نوعية الأطعمة، مثل ماري التي تشتهر بالحرص على شراء حاجاتها من مبردات من محلات معينة لها علامتها التجارية. يتحدثان عن تركيزهما على تأمين منتوجات لبنانية طازجة تحفظ خارج البرادات. وهذا ما يبدو واضحا للعيان في معمل «ألبان وأجبان اللقلوق» الذي بات مقصدا للزبائن لشراء هذه الأصناف من برادات المعمل. والشيء عينه يحدث في أمكنة أخرى في مختلف المناطق اللبنانية.

وتأسف ربات منازل «لضرورة التخلص من كل ما هو محفوظ في الثلاجات، وتفادي تخزين اللحوم، الغائبة بدورها عن العرض، والتي باتت نادرة بسبب ارتفاع أسعارها».

الأمن الغذائي يسابق الأمن المفتوح على اهتزازات عدة في البلاد. أمن ناجم عن خطر يتهدد اللبنانيين في كل شيء، بدءا من صنبورة الماء!