IMLebanon

الحكومة اللبنانية العتيدة: لا تأليف ولا اعتذار

جاء في “العرب اللندنية”:

انحسرت في الساعات القليلة الماضية موجة التفاؤل باقتراب تشكيل الحكومة اللبنانية العتيدة على وقع خلافات غير معلنة خيّر رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي عدم الخوض فيها، ما أعاد سيناريو اعتذاره إلى الواجهة خاصة وأنه صرح عند تكليفه أن مهلة التأليف ليست مفتوحة.

وعزت مصادر سياسية لبنانية قريبة من المفاوضات الجمود في مسار التأليف إلى عدم تَمكّن رئيس الجمهورية ميشال عون وميقاتي من الحسم النهائي لتوزيع الحقائب الوزارية وخاصة عدم الاتفاق على مجموعة من الأسماء المطروحة لتولي الحقائب الوزارية، وخصوصاً الأسماء المشتركة بين الرئيسيين.

ويبدي الرئيسان تحفظا على الأسماء التي يطرحها الآخر، لكن في المقابل لا تزال المفاوضات متواصلة.

ويتركز الخلاف بالأساس حول تسمية وزيري الداخلية والعدل، حيث يصر ميقاتي على أن يكونا غير تابعين لأي حزب سياسي، فيما يتحفظ عون على بعض الأسماء المقترحة من قبل ميقاتي.

وقال مصدر مطلع مقرب من الرئاسة إن “الخلاف يدور حول بعض الأسماء المقترحة لتولي الحقائب الوزارية”. وأضاف المصدر أن “عون يتحفظ على بعض الأسماء المقترحة من قبل ميقاتي، وكذلك الرئيس ميقاتي لديه تحفظ على بعض الأسماء المقترحة من عون”، موضحا أن الخلاف برز عندما اقترح ميقاتي أسماء وزراء مسيحيين غير الأسماء التي اقترحها عون، وهذا ما رفضه الأخير.

الصورة باق على نهج التعطيل

ويرى مراقبون أن إصرار ميقاتي نابع من أنه يريد أن يشكل حكومة تستطيع إدارة الانتخابات النيابية المقبلة (في 2022)، والتفاوض مع البنك الدولي، فيما عينُ عون ومن ورائه التيار الوطني الحرّ على الانتخابات القادمة التي قد تقوض مكاسبهما السياسية.

وكان ميقاتي قد صرح بأن مهلته التي حددها لتأليف الحكومة ليست مفتوحة، وقال إنه قبل أن يكون فدائياً أمامه هدف وحيد هو السعي لوضع لبنان على سكة المعالجة والتعافي التي يتوق إليها كل اللبنانيين، من خلال فريق عمل حكومي يخوض معه مغامرة الإنقاذ.

وتقول أوساط سياسية إن ميقاتي تعاطى بانفتاح وإيجابية مع رئيس الجمهورية من أجل التوصل إلى الحكومة المنشودة التي تعبّر عن كل اللبنانيين، وتكون محل ثقة من قبلهم، إلا أن تلك الإيجابية قد لا تتواصل إلى ما لا نهاية.

وأشارت تلك الأوساط إلى أن اعتذار ميقاتي عن التكليف يبقى احتمالا واردا فيما لو بلغت الأمور نقطة اللاعودة، وإصرار عون على شروط تعجيزية لا يمكن القبول بها.

وكان ميقاتي قد أعلن في وقت سابق عن مسودة تشكيلة حكومية قدّمها إلى عون قال إنه يمكن البناء عليها.

وتشير المسودة إلى الإبقاء على التوزيع الطائفي نفسه المعتمد في الحقائب السيادية، الأمر الذي يثبت إبقاء حقيبة الداخلية والبلديات في يد شخصية سنية واستمرار حقيبة المال عند الشيعة، فيما تبقى حقيبة العدل من حصة الرئيس عون.

وتمارس كل من الولايات المتحدة وفرنسا ضغوطا على الفرقاء السياسيين، لإخراج مسار تشكيل الحكومة من دوامة العراقيل والشروط التعجيزية التي طرحها رئيس الجمهورية في بداية المشاورات للاستئثار بحصة وازنة في الحكومة، ما أدى إلى  تعثر التشكيل.

وأبلغ الجانب الفرنسي الفرقاء السياسيين بأن مسألة فرض عقوبات على كل من يعطل التشكيل، لن تستثني رئيس الجمهورية شخصيا هذه المرة، وأن الوضع اللبناني لم يعد يحتمل التعطيل على حساب معاناة اللبنانيين المتفاقمة، على وقع أزمات مستفحلة آخرها أزمة رفع الدعم عن المحروقات.

ووجّه رؤساء وزراء سابقون، بمن فيهم ميقاتي، تحذيرات للرئيس ميشال عون من مغبة التأخير في تسهيل ولادة حكومة لبنانية جديدة.

وحمّل هؤلاء رئيس الجمهورية اللبنانية مسؤولية وضع العراقيل أمام تشكيل حكومة جديدة، تكون مهمتها الأساسية الخروج من الأزمات المتفاقمة السياسية والاقتصادية.

ويزيد التأخر في تشكيل الحكومة الوضع سوءا في بلد يعاني منذ أواخر 2019 أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، ما أدى إلى  انهيار مالي ومعيشي وارتفاع معدلات الفقر، وشح في الوقود والأدوية وسلع أساسية أخرى.