IMLebanon

الكتاب المدرسي: لا موسم هذا العام!

رغم أن سعر الكتاب المدرسي تضاعف ثلاث مرات، ينعى الناشرون وأصحاب المكتبات الموسم ويشكون من تراجع مبيع الكتاب إلى أقل من 10 في المئة ومن ابتكار حلول داخل المدارس وخارجها على حسابهم

«لم يبدأ موسم الكتاب المدرسي بعد ولن يبدأ». هذا الجواب الجاهز لدى الناشرين وأصحاب المكتبات عند السؤال عن غياب الازدحام المعتاد في مثل هذا الوقت من السنة. إذ لا إقبال من الأهالي لتسليمهم، كما في الماضي، قوائم الكتب لتأمينها. ولا يتوقع هؤلاء أن يتغير المشهد بعد منتصف أيلول، الموعد – الذروة لبيع الكتاب. ليس السبب فقط الإرباك الحاصل جراء ضبابية العام الدراسي نفسه، وما إذا كان سينطلق أم لا ومتى. بل إن الإقبال على الكتاب الجديد «لن يتجاوز هذا العام أيضاً 10 في المئة، ولن يكون حجم المبيع أفضل من العام الماضي، إن لم يكن أسوأ»، كما قال لـ «الأخبار» مدير المطبعة والمكتبة العصرية عاصم الشريف، باعتبار أن سعر أي كتاب صادر عن دار نشر لبنانية ارتفع ثلاثة أضعاف بالحد الأدنى. فالمعدل الوسطي لسعر سلة كتب الصف الأول أساسي، مثلاً، زاد من 350 ألف ليرة إلى مليونين و700 ألف ليرة.

«الحلول المبتكرة» لتأمين الكتب داخل المدارس وخارجها وضعت دور النشر والمكتبات خارج المعادلة. بحسب المدير العام لدار الفكر اللبناني، جاد عاصي، «هناك حملات منظمة تقودها إدارات المدارس لتبديل الكتب أو شراء الكتب المستعملة وتأجيرها بسعر رمزي للطلاب، ما قطع الطريق على شراء الكتب الجديدة حتى من الأهالي المقتدرين الذين قد يشكلون 25 في المئة من مجموع الأهالي». وهو ما تؤكده والدة تلميذ في مدرسة خاصة، قالت إنها لم تتردد في شراء الكتب المستعملة من خلال «غروب على واتساب» نهاية العام الدراسي، إذ لم تعد تقوى على تحمل نار أسعار الكتب الجديدة، علماً أنها اشترت أحد الكتب المستعملة بـ 380 ألف ليرة!

عاصي شكا من دعم الكتاب المستورد على حساب الكتاب الصادر عن دار نشر لبنانية وكل ما يمكن أن تسهم فيه صناعة مثل هذا الكتاب في تحريك العجلة الاقتصادية في البلد. «إذ قرر حاكم مصرف لبنان اعتماد سعر 15500 ليرة للكتب المسعّرة باليورو، فيما نشتري كل مستلزمات صناعة الكتاب بالدولار على سعر 24 ألف ليرة، والربح صفر. وما يزيد الطين بلة أن المركز التربوي للبحوث والإنماء وزع استمارة على المدارس الخاصة أعرب فيها عن استعداده لتأمين الكتاب المدرسي الرسمي مجاناً». وعن الضجة التي أثارها سعر كتاب اللغة العربية «لغتي فرحي» الصادر عن الدار، والمقسم إلى 7 كتيبات، إذ يلامس 536 ألف ليرة، قال عاصي إن سعره 50 دولاراً، «وهو ليس مرتفعاً إذا ما قورن بسعر دفتر خرطوش من 200 ورقة بات يوازي 200 ألف ليرة».

مصرف لبنان اعتمد سعر 15500 ليرة للكتب المسعّرة باليورو ودور النشر تشتري مستلزمات صناعة الكتاب المحلي بالدولار على سعر 24 ألفاً

الشريف أيضاً اعتبر أن الحلول «تأتي دائماً على حساب الناشر»، في إشارة إلى قرار وزارة الاقتصاد إجبار صاحب المكتبة على اعتماد 45 في المئة فقط من سعر الكتاب على سعر الصرف في السوق الموازية، أي أن بيع الكتاب سيحسب على سعر 8550 ليرة مقابل الدولار. ولفت إلى أن المدارس لم تقدم في السنتين الأخيرتين على طلب طبعات منقحة، بل لجأت إلى «الكتيبات»، بحيث تختار الفصول أو المحاور المطلوبة من الكتاب وتصورها للطلاب أو تطلب منهم تصويرها، وبذلك لا يدفع الطالب أكثر من ثمن التصوير. وأشار إلى أن هناك 4 مدارس على الأقل تتعامل معه لجأت إلى هذا الإجراء هذا العام.

الشريف لفت إلى أن بعض الأهالي لم يلتفتوا العام الماضي إلى حالة الكتاب المستعمل وما إذا كانت جيدة أم لا، وهو ما أشار إليه أيضاً صاحب مكتبة الغزالي باسم الطويل الذي ينشط في تجارة الكتب المستعملة. «سوق المكتبات مضروب وتأمين الكتاب عالطلب»، كما قال، وإن بدا مستغرباً قوله إنه «ليس هناك سعر محدد لبيع الكتاب المدرسي الرسمي، لأن الدولة لم تحدد لنا سعراً، فيمكن أن تباع سلة الكتب بحسب السوق. يمكن طالب في الثانوي الأول أن يشتري مجموعة الكتب بـ100 ألف ليرة! في حين أن سعرها في الأصل 45 ألفاً».

في الواقع، لم يقرر حتى الآن كيف سيتم تأمين الكتاب المدرسي الرسمي. الحسنة الوحيدة أن الكتب التي طبعتها اليونسيف العام الماضي للمرحلة الابتدائية والمتوسطة وسلمت للمدارس في نيسان أو أيار بقيت من دون استخدام وتداول، في حين أن مديري المدارس الرسمية رفعوا الحاجات إلى وزارة التربية بناء على أعداد المسجلين في العام الدراسي الماضي وينتظرون الجواب. لكن ماذا لو كان النزوح من المدارس الخاصة كبيراً هذا العام؟ مصادر دور النشر التي تتعاطى عادة بالكتاب المدرسي الرسمي قالت إن المفاوضات في هذا الملف لا تزال في بداياتها ولم يتخذ أي قرار حتى الآن، في حين أن طباعة الكتب تحتاج إلى شهرين بالحد الأدنى لإنجازها.

«الأخبار» حاولت التواصل مع رئيس المركز التربوي جورج نهرا في هذا الشأن من دون أن توفق، في حين أن منظمة اليونسيف أشارت إلى أنه ليس لديها أي تصور حتى الآن في هذا الملف.