IMLebanon

توتر الجنوب يكشف خطر سلاح “الحزب”

جاء في “العرب اللندنية”:

كشفت اعتداءات نفذتها عناصر شيعية من حزب الله وحركة أمل على بلدة مسيحية في قضاء جزّين جنوب لبنان هشاشة الوضع الأمني في البلد وخطورة سلاح حزب الله في الوقت ذاته.

وسارعت فعاليات دينية مسيحية وشيعية إلى تطويق الاعتداءات التي حملت الجيش على التدخّل من أجل منع حصول اشتباكات بين قريتي عنقون (الشيعيّة) ومغدوشة (المسيحية).

ورأت أوساط سياسيّة لبنانيّة أن التوتر بين أهل القريتين، الذي اندلع بسبب شح البنزين والمازوت في لبنان، يعكس مخاوف على صعيد السلم الاجتماعي في البلد كلّه في ضوء انهيار للوضع الاقتصادي الذي لا يبدو أن ثمّة حدودا له من جهة ووجود سلاح لدى فئة معيّنة من اللبنانيين من جهة أخرى.

واعتبرت الأوساط السياسيّة أن ما حدث بين عنقون ومغدوشة يشير إلى استعداد عناصر شيعية مسلّحة للتعاطي مع أبناء القرى المسيحية في جنوب لبنان بصفة كونهم أهل ذمّة.

وأوضحت أن ذلك عائد إلى أن هؤلاء يشعرون بأنهم فوق القانون وأنّ حزب الله قادر على حمايتهم من أيّ ملاحقة. وهذا ما يفسّر اعتداء العناصر المسلحة التي جاءت إلى مغدوشة من عنقون، بغية الحصول على الوقود بالقوّة، على رموز دينيّة مسيحية في مغدوشة.

وكان بين هذه الرموز تمثال لمار شربل (أحد رموز الموارنة في لبنان). وقد تبرّع لاحقا مواطن شيعي بإعادة ترميم التمثال وذلك لتأكيد أن المواطنين الشيعة لا علاقة لهم بالمسلحين الذين اعتدوا على أهل مغدوشة.

ولاحظت الأوساط السياسيّة أن اعتداءات المسلحين الشيعة على أبناء قرية مسيحية مجاورة تعكس إلى حدّ كبير حال الانفلات الأمني في لبنان في ظلّ انهيار مؤسسات الدولة في هذا البلد.

وقال مصدر إن نحو ستة أصيبوا في نزاع بين قرية مغدوشة التي يقطنها مسيحيون وعنقون التي يقطنها الشيعة.

ووقع الحادث حين قدّم أحد سكان قرية مغدوشة شكوى لدى الشرطة بعد أن أُصيب خلال خلاف بشأن الوقود يوم الجمعة الماضي ووصلت الشرطة إلى عنقون لإجراء تحقيق.

وقال المصدر إن قرويين قطعوا طرقا وأشعلوا النيران في إطارات فيما جرى نشر قوات. وساد الهدوء الأوضاع الاثنين. فيما كشف فيديو حاز على انتشار واسع على مواقع التواصل الاجتماعي عناصر من حركة أمل يحتفلون بالاعتداء على أبناء مغدوشة ومنازلها ومؤسسّاتها.

وأصبحت الاشتباكات التي تنجم في الأغلب عن نقص البنزين والديزل الذي يعطل الخدمات الأساسية حدثا يوميا في لبنان، مما يثير مخاوف متزايدة بشأن الانزلاق إلى الفوضى بعد عامين من الانهيار المالي في البلاد.

ويعاني لبنان من أزمة السلاح المنفلت الذي يستخدم في عمليات الخطف والسرقة والسطو المسلح، فضلا عن أنه أداة أساسية في الاشتباكات العشائرية والفردية التي تندلع بشكل أساسي في منطقة البقاع.

ومنذ أيام، أشعلت حرائق الوقود “جبهة” عكار – فنيدق شمال لبنان، ما دفع بالجيش إلى الانتشار في المنطقة. واستخدمت أسلحة آلية ثقيلة وقذائف صاروخية في أعمال العنف التي وقعت بين أفراد من قريتي عكار العتيقة وفنيدق في المنطقة ذات الأغلبية السنية.

وفي الأول من آب الحالي قتل خمسة أشخاص بينهم ثلاثة عناصر من ميليشيا حزب الله في منطقة خلدة جنوب بيروت، حيث يقطن سكان من العشائر العربية السنيّة ومؤيدون للحزب، على خلفية قضية ثأر.

ويقول مراقبون إن تجدد الاشتباكات ذات البعد الطائفي والمناطقي وتوسعها ينبئ بعودة لبنان إلى مناخ الحرب الأهلية، وسيطرة الميليشيات على الأرض، خاصة أن الجيش ما يزال دوره ثانويا ويراعي في تحركاته حسابات مختلفة بينها عدم الاصطدام بسلاح حزب الله. والأمر نفسه بالنسبة إلى القوات الأمنية.

ولم ينجح الجيش ولا القوات اللبنانية إلى الآن في فرض كلمتهما في لبنان بشكل كامل بسبب ضعف الإمكانيات وغياب التسليح الكافي، فضلا عن الوضع المادي والمعيشي الصعب لعناصرهما، ما يجعل الأولوية هي تحسين هذا الوضع قبل الدخول في ليّ ذراع مع ميليشيات مدربة ومسلحة كأقوى ما يكون.

ويشير المراقبون إلى أن توسع الاشتباكات ذات البعد الطائفي والمناطقي يؤكد أن هيبة الدولة في سقوط حرّ خاصة مع فشل تشكيل الحكومة لقرابة العام، وتحكّم حزب الله في مسارها وإصراره على الحصول على ما يريده قبل الموافقة عليها ليتحول إلى حاكم فعلي للبلاد.

وما يلاحظ أن التوافقات السياسية التي كانت تحافظ على التوازن الهش في البلاد بدأت في الانهيار، بما في ذلك التوافقات على أساس جغرافي، ففي الجنوب حيث الأكثرية الشيعية بدأت الأقلية المسيحية تفقد الاستقرار الذي حصلت عليه لفترة والناجم عن التحالفات السياسية بين الثنائي الشيعي وكتل مسيحية. والأمر نفسه في الشمال، حيث تحصل اشتباكات وصدامات بين السنة وعناصر شيعية.